الطاهر ساتي

عباس فكرة ..!!

الطاهر ساتي
:: نوفمبر 2010، عندما وزعت شركة الأقطان مبيداً فاسداً بمشروع الجزيرة، أجرينا تحقيقاً كشف الكثير.. ومن محن ذاك الزمان وتلك القضية، كان هناك قيادي اسمه ( عباس الترابي)، يرأس مجلس إدارة الشركة التي استجلبت المبيد الفاسد، و يرأس اتحاد المزارعين الذين أضرهم بالمبيد، وكذلك كان عضواً نافذاً في مجلس إدارة المشروع التي وزعت المبيد، ثم عضواً نافذاً في مجلس تشريعي الولاية التي تأثر زرعها بآثار بالمبيد، وكذلك كان يشغل منصب أمين أمانة الزراعة بالحزب الحاكم والمسؤول عن محاسبة الجهاز التنفيذي على جريمة المبيد الفاسد..!!
:: كل تلك الأجهزة، التشريعية منها والرقابية والتنفيذية والحزبية، كانت إدارتها وقيادتها مختزلة في شخص اسمه ( عباس الترابي).. ويومها تساءلت عن سر عبقرية هذا الرجل، وعمن يحاسب من في هذه القضية؟.. فالقائمة المتهمة بجلب المبيد الفاسد، والأخرى التي تضررت من المبيد الفاسد، والثالثة التي تقع عليها المسؤولية الرقابية والمحاسبية، كل هذه القوائم القاسم المشترك الأعظم فيها (عباس الترابي)، فمن يحاسبه؟، وكيف؟، أو هكذا تساءلت في ذات زاوية، و – كالعادة – لم يحاسبوه حتى سقط النظام ..!!
:: وما أشبه الليلة بالبارحة، أي بعد (11 سنة) من قضية المبيد الفاسد و اكتشافنا للعبقري عباس الترابي، ظهرت على سطح الأحداث قضية سماد اليوريا وشركة زبيدة، ثم عبقري آخر اسمه عبد اللطيف عثمان محمد صالح.. نعم، عبد اللطيف صالح لا يختلف عن عباس الترابي في عشقه للتعددية واختزال الأجهزة والسلطات في نفسه.. فالرجل، بسم الله و ما شاء الله، مفوض الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي، رئيس مجلس إدارة بنك البلد، الرئيس التنفيذي لمحفظة السلع الاستراتيجية، رئيس مجلس إدارة المحفظة الزراعية و… الخ .!!
:: و ما أشبه الليلة بالبارحة، في ذاك الزمان سألنا عن سر عبقرية عباس الترابي، والذي تم تصويره بأنه يصلح لتلك المواقع، وجمعها بجدارة .. ولذلك، نسأل اليوم عن سر عبقرية عبد اللطيف عثمان محمد صالح، بحيث نفاجأ به ممسكاً بكل هذه المواقع والسلطات في زمان لايشهد أزمة في الكفاءات .. كان الوعد بأن تكون حكومة كفاءات، وليست حكومة محاصصات ثم كفاءة واحدة تتربع على كل هذه المواقع ..وبالمناسبة، قبل شهر تقريباً، وقع على ما أسماها بمذكرة تفاهم مع شركة الخطوط البحرية لشراء (10 بواخر)، مرة واحدة .. بالإجمالي ..!!
:: ما الذي حدث بعد الاحتفال بالمذكرة التي وصفها عبد اللطيف بالخطوة التاريخية؟، وهل حدث في تاريخ شركات النقل شراء أسطول بحجم ( 10 بواخر أو طائرات)، دون دراسة جدوى و إعداد الميزانية؟.. لماذا عدد البواخر ( 10)، وليس (5 ) أو (12) أو ( 8) ..؟.. أي كيف توصل عباس الزمن الجديد إلى أن النقل البحري في البلاد بحاجة إلى ( 10 بواخر)، و ليس ( 9 بواخر).؟.. وما لم يكن مجرد احتفال سياسي، كيف عرف هذا العبقري بأن الميزانية المرصودة للصفقة تكفي لشراء ( 10 بواخر)..؟؟
:: على كل حال، يبدو أن عباس الترابي فكرة، والأفكار لاتموت .. ولو لم يكن كذلك، فان عمليات الشراء الكٌبرى دائماً ما تُخضع للدراسة في ورش الخُبراء ( أولاً)، ثم تمر عبر لجان عضويتها أجهزة الدولة المختصة، حتى تصل مجلس الوزراء عبر الوزير المختص، ثم تٌنفذ بمراقبة البرلمان والصحافة والرأي العام، أو هذا ما يحدث في دولة المؤسسات.. ولكن في بلادنا، فان المؤسسات هي عباس الترابي سابقاً و عبد اللطيف صالح حالياً..!!

صحيفة اليوم التالي