مقالات متنوعة

الخروج من عنق الزجاجة.. لا مجال للفشل!!

التاج بشير الجعفري
ليس خافياً على أحد غياب البيانات والمؤشرات الاقتصادية والمالية الخاصة بما يجري من إصلاحات في البلاد وما يضفيه ذلك من ضبابية في المشهد بالنسبة لعامة الناس الذين يتحملون العبء الأكبر لتطبيق هذه الإجراءات والمتمثل في إنفلات الأسعار وما ينتج عنه من صعوبة في توفير متطلبات الحياة اليومية، هذا بالإضافة لصعوبة متابعة وتقييم ما يجري من قبل المختصين والمحللين.

فقد سمعنا الكثير من الإشادات والثناء من المسؤولين في المؤسسات المالية الدولية فيما يخص حرص الحكومة وجديتها في تطبيق الإصلاحات الإقتصادية وايضاً تصريحات الوزراء المستمرة عن أهمية تلك الإجراءات والنتائج المتوقعة من تطبيقها، ولكن لم نسمع من مسؤولينا حتى الآن كيف انعكست هذه الإجراءات التي تم تطبيقها على الإقتصاد وما هي الآثار الإيجابية التي احدثتها!!

كلنا نعلم أن عملية الإصلاح تتم بشكل تدريجي وعليه ينبغي أن تظهر بعض النتائج الإيجابية، ولو بشكل محدود، لهذه العملية إذا كانت الأمور تسير فعلاً بشكل صحيح وتعطي نتائج جيدة، فلا يجوز أن ننتظر إلى حين الإنتهاء من كل الإصلاحات لنعلم النتائج وإنما يجب الإعلان عن ذلك بشكل تدريجي وعلى مراحل.

عدم الإفصاح عن البيانات والمؤشرات الإقتصادية يعطي انطباعاُ قوياً لغياب الشفافية وهي من الأمور الهامة للداخل والخارج، للداخل الذي يدعم قرارات تطبيق هذه الإجراءات وضرورة إستمرار هذا الدعم المهم؛ أما الخارج فيتمثل في المستثمرين المحتملين وأهمية نشر هذه البيانات والمؤشرات الإقتصادية لاطلاعهم على حقيقة الأوضاع الإقتصادية في البلاد. فالعديد من المستثمرين الأجانب ينظرون للسودان كوجهة إستثمارية محتملة في المستقبل ولكن تنقصهم المعلومات والبيانات الدقيقة عن الأوضاع الإقتصادية وما تمخضت عنه الاجراءات الإصلاحية التي يتم تطبيقها حالياً.

من المهم أن يعلم القائمين على تنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادي أن الناس تحملوا الكثير من العنت وشظف العيش من أجل تطبيق هذه الإجراءات التي يأملوا من ورائها إلى تعافي الإقتصاد وإنخفاض التضخم واستقرار سعر الصرف الذي لا يزال يحلق فوق مستوى ٤٤٠ جنيه للدولار، وعليه ينتظر الناس النتائج الإيجابية لهذا البرنامج وليس هناك فرصة أو مجال للفشل باي حال من الأحوال.

وعليه يجب على الحكومة التركيز أكثر على إنجاز المتطلبات والأعمال في الداخل وإكسابها المزيد من الفعالية وأذكر منها على سبيل المثال ضرورة العمل على إستنهاض وإستغلال الموارد الذاتية (الوطنية) وتوجيهها نحو التنمية والإنتاج، وتسريع وتيرة الإصلاحات المطلوبة في هياكل البنوك وسياساتها المالية وتفعيل دورها المطلوب في التنمية، إعادة تأهيل المصانع القائمة وتحديث آلياتها وبناء المزيد منها لزيادة الإنتاج وتوفير الوظائف للشباب، وكذلك تحسين الأداء في المجال الزراعي ومجال التصدير للخارج الذي يتطلب إحكام المزيد من الرقابة عليه بإستخدام الأنظمة التكنولوجية الحديثة، وسد الثغرات التي يستطيع المصدرين من خلالها الالتفاف على الإجراءات وعدم توريد عائد حصيلة الصادر.

تلك بعض أماكن الضعف التي إن تم العمل عليها بجدية ومسؤولية فسيؤدي ذلك لتحسن الأداء الاقتصادي والمالي في البلاد.
والله ولي التوفيق.

التاج بشير الجعفري
صحيفة الانتباهة