رأي ومقالات

فضيحة السيناتورات المزيفين في الخرطوم

*سناتورات مزيفون *
نشرت وكالة السودان للأنباء أمس خبراً تحت عنوان “وفد أمريكي زائر يبحث تنفيذ مشروعات التطوير الزراعي بكنانة” ووصفت الوفد بأنه “عالي المستوى” وهي عبارة خادعة ولا معنى لها في غياب مقاييس متفق عليها لعلو مستويات الوفود وانخفاضها. وقالت إن الوفد برئاسة السناتور الديمقراطي السابق السفير ريتشارد سويت، ثم اختتمت الخبر بأن الوفد قد ضم “ثلاثة أعضاء من الكونجرس الأمريكي هما السفير مارك اشلندر” وآخرين.
الحقيقة أن صياغة الخبر مخادعة وأن الوكالة العريقة وقعت ضحية لخدعة من جهة (صاحبة مصلحة) في زيارة التجار الأمريكيين أو أنها نفسها هي المسئولة عن بث الخبر الخادع!
هذا وفد تجاري فقط واستخدام الألقاب الحكومية لأعضائه عمل مخادع وتضليل متعمد للمواطن وربما للمسئولين الحكوميين الذين يتولون مناصبهم لأسباب لا علاقة لها بالكفاءة والمعرفة والقدرات، ناهيك عن الألقاب نفسها مكذوبة.
تقول السيرة الحقيقية للسيد سويت (Swett) أنه غادر الكونغرس في العام ١٩٩٥م، وانه عمل سفيراً لبلاده لفترة واحدة من ٣ سنوات إنتهت قبل ٢٠ عاماً ولم تعد له منذئذ علاقة بالدبلوماسية لذلك فإن استخدام اللقب الفخيم لا يعدو على كونه تضليلاً مخيباً لحسن الظن من الوكالة المنوط بها نشر أخبار الحكومة وتنوير المواطن بها لا خداعه.
ليس بعد، فقد كذب الخبر بشكل مباشر في رواية أن الوفد يضم ٣ من أعضاء الكونغرس (لاحظ ٣ من أعضاء الكونغرس يقودهم عضو خرج من ملكوت الكونغرس قبل ربع قرن) وأشار الخبر بالإسم إلى (السفير أيضاً) مارك إشلندر (Siljander) والتغيير الذي تم في كتابة الاسم بالعربية مقصود به – في الغالب – الخداع، ولكن لماذا يتم اخفاء الهوية الحقيقية للسناتور (والحقيقة إنه ليس سناتور سابق أو لاحق وإنما كان عضواً فقط في مجلس النواب (Representative)وليس كما روجت سونا)؟
الحقيقة الأخرى أن سيلجاندر الذي حضر ضمن الوفد هو ومساعده وإبنه ممن صورهم الخبر كأعضاء في الكونغرس لم يكن سفيراً البتة وإنما عمل في الخدمة الدبلوماسية لمدة عام واحد انتهت في العام ١٩٨٨م كان فيها ممثلاً مناوباً في (الجمعية العامة وليس مجلس الأمن) بالأمم المتحدة. كلا الرجلين سويت وسيلجاندر حاول العودة للكونغرس وفشل لكن سيلجاندر له تجربة أقسى إذ تم الحكم عليه في ١١ يناير ٢٠١٢م بالسجن لمدة عام ويوم دون الحق في الإفراج المبكر في محكمة مدينة كانساس بولاية ميسوري، وفي العام الماضي فقط وقبل مغادرته البيت الأبيض، قرر الرئيس ترامب رفع الحكم من صحيفته الجنائية.
ليست هذه المرة الأولى التي تُخدَع فيها الحكومة الشعب بسناتور مزيف ففي فبراير عام ٢٠١٤م زار الخرطوم تاجر إسمه سوني التقى ٤ وزراء، ومساعد الرئيس، ورئيس البرلمان، بصفته المكذوبة كعضو في الكونغرس وهو الذي لم يكن كذلك البتة حتى تناولت الصحف الفضيحة.
بعد عام ونصف على زيارته السودان تم تقديم سوني لي للمحاكمة بتهمة خداع سيدة تبلغ من العمر ٩٢ عاماً والاستيلاء على مبلغ مليون دولار منها تحت ستار التبرع لإحدى الكنائس.
القضية في منتهى البساطة وهي عمليات للجريمة المنظمة تتم بالتواطؤ بين تجار و(خواجات) وساسة محليين وأجهزة الإعلام الرسمية (سونا والتلفزيون نموذجاً) وتجاهل النظام الرسمي في أهمية حصول الوفود الأجنبية على توصيات من سفاراتنا في الخارج ووزارة الخارجية والمخابرات العامة قبل القيام بأي عملية (استثمارية) في البلاد.
تكرار هذه الجرائم في بلادنا يحدث لسببين هما جهل وغباء وإجرام المسئولين الحكوميين، وسهولة الإفلات من المحاسبة القضائية بعد ارتكاب المخالفة. المطلوب الآن تحقيقات إدارية وقضائية عاجلة.

محمد عثمان إبراهيم

تعليق واحد

  1. لا حول ولا قوة الا بالله

    طبعا ناس كتااار بيقرو كلامك يا أستاذ… لكن ولا بيهمهم زيهم وزي القاعدين متحكرين في الكراسي
    الله يدمركم زي ما دمرتو السودان