سهير عبد الرحيم تكتب: رحلة الولايات (عطبرة – بورتسودان)
في الطريق من عطبرة إلى بورتسودان تصل إلى أول صدمة و أكبر حقيقة و أوضح يقين بأن هذه البلد ( هاملة ) ، (مستباحة) ، و أننا (قاعدين في السهلة سااااي) …!!
الطريق إلى بورتسودان ينبئك أن المسؤولين لا يمرون من هنا ، و أن الأجهزة الأمنية في سبات عميق ، وأن حكومة الولايتين والحكومة الإتحادية لا يستحقون المقاعد التي يجلسون عليها .
هل تذكر عزيزي القاريء (الفيديوهات) القديمة المتداولة عن تهريب الوقود ، تلك (الفيديوهات) التي تظهر الشاحنات المعبأة و هي تقوم بإفراغ حمولتها عند سماسرة الوقود .
هذا بالظبط ما رأيته بأم عيني ولم أكن لأصدق أن هذا يحدث و في وضح النهار وعلى مرأى و مسمع من الجميع .
الأمر ليس بالبساطة التي كنا نعتقد فالموضوع ليس شاحنة أو شاحنتين أو ثلاث أو خمس أو عشر أو عشرين ، الأمر سوق … أي نعم والله …السوق الواحد ده .
سوق مكتمل ، شاحنات و رواكيب و مختلف أنواع السيارات لواري دفارات بكاسي عربات صغيرة ، كل شيء موجود ، خدمات طعام و شراب و ستات شاي .
كل شيء موجود إلا هيبة الدولة ،كل إختراق للقانون موجود ولكن لا قانون ، لا مظهر واحد يدل على وجود جهة تعتقل هؤلاء أو تقدمهم لمحاكمات أو حتى جهة تسألهم ماذا يفعلون .
غير بعيد من هذا العبث تنتشر آليات التعدين ، تعدين شركات و تعدين أهلي و تعدين حركات مسلحة ، الجميع ينهب في ثروات الوطن ولاعزاء لأبناءنا القادمون أن لم يجدوا مايفيد بأنه كان هنا وطن .
واصلنا طريقنا والشمس تنحو جهة المغرب ، على طول الطريق تشاهد الحيوانات النافقة و السيارات المحطمة وبقايا إطارات بالجملة ، الشارع نفسه و بمعدل كل مائة متر منه تجد حفرة و نتوء و إنزلاق و إلتفاف .
يستمر ذلك حتى تصل منطقة يجب أن يطلق عليها حفر وبعض شارع ، فالشارع محطم بالكامل الحفرة بحجم شاحنة و الحجارة متناثرة و الظلام دامس ، والأمن معدوم ، والمنطقة مقفرة موحشة كئيبة ، لا صوت لأنس ولكن ربما صوتٌ لجن .
أستبد بنا الملل والضجر و الكثير من الترقب للمجهول بعد أن أكملنا كل القصص و الأحاجي والأغاني ، فقد كانت الرحلة مرهقة جداً .
فمن برنامج التدشين والحراك في السوق واللقاءات التلفزيونية بدنقلا إلى زيارة الآثار والإهرامات و البركل و كريمة إلى محطة مروي و تدشين المبادرة هناك إلى عطبرة و التزود بالوقود و المياه إلى بورتسودان …كل ذلك في أقل من ١٤ساعة.
إن الرحلة لم تكن سهلة بأي حال ، والسائق شوقي يتمسك بأن لا يبادله القيادة السائق خالد ، و مسجل السيارة يردد روائع العبقري وردي و عثمان حسين وأبوداؤود التي خففت عنا كثيراً رهق السفر …
غداً أحدثكم عن العقبة و ما أدراك ما العقبة .
خارج السور :
يبدو أن مقالي عن ضعف أداء والي نهر النيل جعل بعض كلابها ( ينبحون) فجاء نباحهم ( خنث) مثلهم ، أرعوي يا هذه قبل أن نبدأ ونسة خفيفة عن جمعة العازب المريخابي وورشة الكيزان للأمن الاستراتيجي و الـ (6) مليار و جيش الفتح و منازل الجنوبيين .
صحيفة الانتباهة