زين العابدين صالح يكتب: حزب الأمة القومي و بروز تياران متعارضان
في اللقاء الذي أجرته جريدة ” نبض الثورة” مع الدكتور إبراهيم الأمين وضح أن هناك تياران في حزب الأمة. حيث قال ” في الأسابيع الماضية عقدت سلسلة من الاجتماعات أحيطت بدرجة عالية من السرية .. مثل حزب الأمة فيها الأمين العام الواثق البرير أنتهت بالتوقيع على مشروع التحالف و اعلانه في احتفال مشهود الترويح له إعلاميا دون علم مؤسسات الحزب.. القيادات – مجلس التنسيق – المكتب السياسي و الأمانة العامة.. و السبب معروف و هو تنفيذ تعليمات أهم أهدافها إجهاض المبادرة القومية و وضع حزب الأمة في موقع لا يحسد عليه.
برز التياران من خلال الدعوة التي كان قد قدمها حزب الأمة للقوى السياسية التي كانت خرجت من ” قحت” و عقدت عدد من الاجتماعات و توصلت إلي ما يسمى ” اللجنة الفنية” المناط بها التحضير لعقد مؤتمر لقوى الحرية و التغيير و هيكلة التحالف، هذه اللجنة رفضتها القوى الموجودة داخل “المجلس المركزي لقحت” و رفضت دعوتها لقيام مؤتمر لقحت و فضلت مصطلح ” إصلاح” باعتبار إنها الآن هي مهيمنة علي ” قحت” ليس من خلال اتساع قاعدتها في التحالف، و لكن عبر تحالفات أخرى داخل منظومة سلطة الفترة الانتقالية، و هذا الصراع ليس بالجديد و لكنه منذ حياة الإمام الصادق المهدي حيث جمد الحزب نشاطه في قوى الحرية و التغيير، باعتبار أنها كانت ترفض عملية هيكلة التحالف. كما أن الحزب الشيوعي خرج من التحالف بإتهام وجهه للتحالف أن هناك قوى سرقت الثورة.
بعد رحيل الإمام؛ كانت هناك قناعة داخل حزب الأمة بوجوب هيكلة قوى الحرية و التغيير حتى تكون هناك قيادة موحدة، هي المناط بها أن تقوم بالدور التنفيذي، الأمر الذي جعل هناك دعما ” للجنة الفنية” من قبل حزب الأمة. لكن فجأة تغير الموقف تماما، عندما بدأت قيادة المجلس المركزي الطواف علي بعض مكونات السلطة الانتقالية، خاصة رئيس الوزراء و رئيس مجلس السيادة، و كانت قد صحبت معها رئيس حزب الأمة المكلف فضل الله برمة ناصر. الذي كان يتحدث عقب كل لقاء، و يؤكد أنهم قد وصلوا إلي تفاهمات أسست توافقا بينهم. لكنه لم يشير مطلقا إلي اللجنة الفنية، مما يؤكد هناك تحول قد حدث في القناعات، و بدأ يبرز في قمة قيادة الحزب. و جاء تأكيد الدكتور إبراهيم الأمين في اللقاء الصحفي بروز قناعة جديدة، تنادي برجوع حزب الأمة إلي “المجلس المركزي” و التفاهم مع القوى المسيطرة عليه، و يتم حل ما يسمى ” اللجنة الفنية” و قال أن صلاح مناع هو الذي قدم اقتراح الحل، و من المناصرين للحل الأمين العام الواثق البرير و رئيس الحزب بالإنابة فضل الله برمة ناصر، و قال إبراهيم الأمين أنهم لن يتخلوا عن “اللجنة الفنية” و سوف يقودون معارضة داخل مؤسسات الحزب، لوقف الدعوة الجديدة ألتي يراد بها التغيير الشامل لكل إستراتيجية .حزب الأمة
الإشكالية أن إتهام الدكتور إبراهيم الأمين؛ أبن هناك قضايا يتم طباختها خارج المؤسسات الحزبية القيادية و يتم تنفيذها، و الكل لا يعلمون عنها شيئا، الأمر الذي يبين أن هناك قوى داخل حزب الأمة تريد أن تمرر أجندتها الخاصة، و تعتقد أن القاعدة لا توافق عليها لذلك تتم فاعلياتها خارج المؤسسية من قبل بعض أفراد في القيادة، إذا كانت إتهامات الدكتور إبراهيم الأمين صحيحة، يكون حزب الأمة موعود بتصدعات لا محال، خاصة أن الصراع السياسي في السودان أصبح عرضة لتدخلات عديدة، منها الداخلي و أيضا هناك الخارجي الذي لا يرغب أن تكون هناك ديمقراطية في المنطقة.
أن مشكلة الأحزاب السياسية في السودان بمختلف تياراتها اليمينية و اليسارية و التقدمية و الرجعية هي القيادة الكارزمية التى لا تقبل العمل المؤسسي، و لذلك تواجه المؤسسية معضلات و تحديات من قبل بعض النخب. و معروف أن الكارزمة في الأحزاب هو الذي يفكر عن المجموعة، و يتابع مع القوى السياسية الأخرى عبر شخصيات يختارها بعناية أهما الولاء الشخصي للكارزمة، و عندما تغيب الكارزمة لأي سبب من الأسباب، يبدأ التصدع للمؤسسة الحزبية إذا فشلت في أختيار كارزمة جديدة، تتوافق عليه كل المجموعات. و حتى الآن لم تبرز كارزمة داخل حزب الأمة متوافق عليها، الأمر الذي يجعل الصراع سوف يبرز بصورة كبيرة في الأيام المقبلة، حيث بدأت إفرازاته تظهر للعيان. المؤسسية تواجه معضلة كبيرة خاصة الأحزاب لم تجربها قط.
حتى الآن لم يبرز أحد من منزل الإمام الصادق المهدي ككارزمة تتولى قيادة الحزب، الأمر الذي يفتح باب الاحتمالات علي مصرعيه، أن يجذب الصراع داخل الحزب شخصيات من آل المهدي مثل مبارك عبد الله الفاضل المهدي، أو من أبناء الإمام الهادي المهدي، باعتبار أن المؤسسية تحتاج إلي وقت طويل لكي تكون مقبولة، خاصة كيان الانصار، و الذي أيضا يبحث عن إمام يكون من بيت المهدي، أن الحزب الذي نال 103 دائرة انتخابية في عام 1986م سيكون أمام تحدي حقيقي الآن ،خاصة في ظل أجيال جديدة لا تعرف عن تاريخ الحزب الكثير، و أجيال لا تقبل الكارزمات التي تحتكر الموقع حتى الرحيل. كما أن الرأسمالية سوف تلعب دور أكبر في أختيار المنهج الذي تريده و تعتقد أنه يخدم مصالحها. و نسأل الله حسن البصيرة.
صحيفة الانتباهة