الدورة الرابعة لجائزة الطيب صالح
لم يقدر لي منذ دورتها الاولى، حضور فعاليات جائزة الطيب صالح إلا هذا العام، لذا فليس بمقدوري مقارنة هذه الدورة بسابقاتها.
أولى ملاحظاتي أن مرئيات الدورة الرابعة جاءت منسجمة تماما مع شعارها (لا لست أنا الحجر يرمى في الماء.. لكنني البذرة تبذر في الحقل) فقد جمعت الندوات كل الفئات العمرية من سن السبعين حتى العشرين وكانت المشاركة النسائية بائنة فقد احتشدت نساء ضاقت بهن القاعة.
هذا المشهد دليل عافية ثقافية تؤكد رهافة وجدان هذا الشعب الجميل وتؤكد أيضا أن الطيب ليس حجرا إنه بالفعل بذرة فهذا الإنبات الغزير الذي كانت القاعة حقله اينع وتدفق وفاض.
والملاحظة الثانية أن اللجنة الفنية المنظمة دعت شخصيات ادبية محل إعجاب وشوكة وقدرات ثقافية وإبداعية هائلة كالناقد المغربي الدكتور سعيد بقطين الذي أذهلني بورقته (الأنا.. الآخر.. السرد من أجل سرديات الهوية). وفي شهاداتها نبهتني الروائية المصرية سلوى بكر التي قرأت لها العديد من الروايات التاريخية أن فن الرواية في الاصل هو بحث لكنه يخضع لشروط الإبداع.
أما ما يؤكد أن اللجنة مواكبة وواقفة على المعالم الجديدة في الأدب فيجيء في دعوتها للروائي الارتري الشاب حجي جابر الذي دخل مناطق الضوء في العام 2011 عقب فوز روايته (سمراويت) بجائزة مهرجان الشارقة للإبداع.
تفاعل الحضور مع حجي وهو يقدم شهادته الثرية الذاخرة رغم صغر سنه وتجربته الروائية.
لقد كان لي شرف الكتابة قبل عامين عن (سمراويت) التي بهرني فيها حجي بالسرد المضيء وإتقان لعبة الزمن وسوق مكانين مختلفين في سياق سردي واحد.
لم اكن اتصور أن الدكتور خالد محمد فرح بكل هذه الضخامة والثراء المعرفي فقد قدم هو الآخر ورقة محكمة في التعريف بالسرد مضيئا بإحاطة السردين العربي والإفريقى.
كنت في سباق مع شارع النيل المكتظ بالعربات والمزدحم بهن من كل فج لأظفر بشهادة سندريلا لكنني حين وصلت القاعة كانت سندريلا قد (إنفصلت) وانهت شهادتها ولم أسمع من تلك الشهادة سوى مشاهدة الدموع تنسكب من كل الحاضرين.
يومان مشرقان عشتهما وخصبت وجداني واستعدت توازني وفرحت بهذا البهاء الجميل واطمأننت على مستقبل الثقافة في هذا البلد النضر.
يجدر بي هنا أن اشيد نيابة عن فرحي بشركة (زين) التي تقف وراء هذا العمل الثقافي الضخم الذي يجيء بمصر وسوريا والجزائر والمغرب والأردن والجزيرة العربية وإرتيريا وتشاد كل عام لبلادنا. تلك ومضة قمينة بأن نقابلها بالإشراق، ويجدر بي أيضا الاشادة باللجنة المنظمة فهي درية ومواكبة وجديرة بالاحترام
أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني