حوارات ولقاءات

أمجد فريد : عندما يقرر الجيش قفل الشارع ينبغي أن يفتح ضده بلاغ ..!

هناك انتهاكات حدثت خلال الفترة الانتقالية لا يمكن غض الطرف عنها!

من أكثر النواقص التي شابت الوثيقة الدستورية هي ترك إصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية للعسكريين، لأن الجهاز العسكري والأمني في اي دولة، هو واحد من أجهزة الدولة مثله مثل وزارة الصحة.. وغيرها، وفي دولة ما بعد الاستعمار هناك ربط غير صحيح بين مفهومي القوة والشرعية،

المستشار السابق بمكتب رئيس الوزراء الدكتور أمجد فريد :

– عندما يقرر الجيش قفل الشارع ينبغي أن يفتح ضده بلاغ!
– شهدت قضية معمر موسى انتهاكاً وظلماً وهناك شوائب في طريقة إدارتها!
– لا يمكن لثورة أن تتصالح أو تعقد تسوية مع قوى الثورة المضادة!
– – هناك انتهاكات حدثت خلال الفترة الانتقالية لا يمكن غض الطرف عنها!
– ضعف المؤسسات العدلية أدى لاستغلالها سياسياً
– التحقيق في قضية معمر امتد أكثر مما يجب وبدون مبررات قانونية !
– قانون التفكيك لم يعط اللجنة صلاحيات التدخل في الجيش والأمن ومؤسساتهما!

– تواصل (الجريدة) في الجزء الثاني من الحوار مع المستشار السابق بمكتب رئيس الوزراء د. أمجد فريد، والذي توقف عند الحديث حول التسوية السياسية وأطرافها، وعن الصراع السياسي وضرورة الاتفاق على قضايا ومهام الفترة الانتقالية، ومن بينها إصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية كشأن يخص المدنيين والعسكريين، مع ضرورة أن الانتهاء إلى وضع يضمن سيطرة الحكومة على كامل المؤسسات بما فيها العسكرية. إلى الجزء الثاني من الحوار:

+ التسوية السياسية ينيغي أن تكون مع الجميع، فالأحزاب السياسية السودانية لم يحدث بينها توافق حول قضايا كثيرة ومهمة؟
– الجميع ديل منو؟ تعريف (الجميع) هذا به مشكلة، هناك ثورة حدثت في السودان، مهرت كفاحها بدماء الشهداء، وتضحيات أبطال، امتدت على مدى ثلاثين سنة، هذه الثورة بعد انتصارها، ظهرت هناك قوى من الثورة المضادة، ولا يمكن لثورة أن تتصالح أو تعقد تسوية مع قوى الثورة المضادة، وعندما نتكلم عن الجميع نقصد بهم الذين ساهموا واشتركوا وصنعوا التغيير الذي حدث في السودان، وإلا نكون قد أجهضنا التغيير، أي محاولة لاقحام قوى النظام السابق الذي انتفض عليه السودانيين، في الشكل الجديد للدولة السودانية الذي أفرزته الثورة، هو إجهاض للثورة، لأنه لا يمكن أن تجتمع قوى الثورة وقوى الثورة المضادة ونقول أننا قمنا بتغيير.

+ اقصد أن المشهد السياسي السوداني ظل يشهد خلافات وصراعات وبه خصومات تاريخية كبيرة، بين الكتل السياسية، وكل من يأتي للحكومة، يعمل الطرف الآخر على تقويض الحكومة، وبالتالي نحن في دوامة هذا الصراع، والانتقال يشهد تعثر، فهل من طرح جديد لعقد تسوية تاريخية تتفق فيها الأطراف على قواعد اللعبة والعبور نحو الديموقراطية؟ خاصة وأن هناك زعم بأن خصوم الاسلاميين استخدموا الثورة لتصفية الحسابات التاريخية، وتم تصنيف أطراف من الاسلاميين لم يكونوا جزء من المؤتمر الوطني وتم تصنيفهم معه، بالرغم من مشاركتهم في الثورة، مثل الدكتور محمد علي الجزولي، والشاب معمر موسى والدكتور عبد الرحيم عمر محي الدين وهم الآن جميعا خلف القضبان؟

– أنت ذكرت أكثر من نقطة هنا، أولاً، هذه ليست من مهام الانتقال، والتي هي ليست حل الخلافات والصراعات السياسية، بل لتؤسس لنظام يحتوي الخلاف السياسي ويديره بطريقة ديموقراطية وسلمية وعادلة، لا تنتهك فيها الحقوق، وفكرة أن يتسامح الناس ويتصالحوا ويتعافوا هذا كلام طوباوي، الخلاف السياسي ليس شيئاً سيئاً، بل جيد أن يطرح هذا الطرف فكرة والآخر فكرة أخرى مضادة، لكن كيف ندير هذا الخلاف هذه هي الأزمة التي نعانيها في السودان، لا توجد آلية ديموقراطية لادارة الصراع والجدل السياسي بطريقة سلمية، لذلك تحدث انقلابات.

– مهمة الانتقال تنجز بواسطة مؤسسات راسخة، لديها تقاليد عمل، لا تسمح بأن يغير من أساسياته تبدل مقاعد السلطة ولا الصراع السياسي، أزمتنا أن أي تنظيم يتسلم السلطة يلغي ما سبق، وهذا ما جعل جهاز الدولة السودانية بلا ثوابت، ما أدى إلى الانهيار الذي نراه، هناك أطروحات لحل هذا الأمر، الحركة الشعبية مثلاً تطرح المبادئ فوق الدستورية، وهذه يمكن أن تكون واحدة من الحلول، وأن لا يحدث حولها خلاف، وهناك طرح أيضاً يتحدث عن قيام المؤتمر الدستوري، لتحقيق أكبر قدر من التوافق حول الدستور والالتزام به، والمؤتمر الدستوري ليس حدثاً عابرا في قاعة، بل بمشاركة واسعة، وعبر النظر لتجارب الدول في الانتقال في جنوب إفريقيا ودول المعسكر الشرقي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، في كيف أن هذه الدول استطاعت انجاز عقد اجتماعي وأصبح جزء من الدستور والتزموا به جميعاً، هذه كلها تجارب يمكن الاستفادة منها لانتاج مؤسسات وقواعد راسخة وثابتة للدولة السودانية، لكن أن يحدث خلاف سياسي وأيديولوجي، هذا أمر جيد، والذي يستطيع إقناع الناس بطرحه، يتم انتخابه، ومهام الانتقال ليست حل الخلاف السياسي، بل انتاج المؤسسات والأطر القانونية والادارية التي تستطيع استيعاب الخلاف وحسمه عبر آلية ديموقراطية، والحديث عن التصالح والتصافي كأحد مهام الانتقال هو “كلام طوباوي ساي وغير صحيح”.

+ هل يعني ذلك أنه لا داعي للمصالحة ؟
– القصة ليست أن يتصالح الناس أم لا، بل في توافق الناس على قواعد اللعبة يلتزم بها الجميع، ولا يقوم أحد بانقلاب عسكري، والدستور يتيح حق التقاضي، ويتم الاتفاق على الديموقراطية ووثيقة الحقوق وشكل الانتخابات، هذه مهمة الفترة الانتقالية، وهي ليست لتحقيق انتصارات سياسية، بل للتأسيس لنظام ديموقراطي مدني.
– ثانياً، ذكرت قصة معمر وهذه مهمة، قضايا العدالة لا يمكن التسامح فيها، هناك انتهاكات حدثت خلال الفترة الانتقالية لا يمكن أن نغض الطرف عنها، وهذه سببها الأساسي ضعف المؤسسات وأحياناً يؤدي هذا الضعف لاستغلالها سياسياً، والقضايا التي ذكرتها مثل قضية معمر موسى وغيرها، وهذه القضايا حلها واحد، إما أن تقدم للمحاكمات أو يتم اطلاق سراح المتهمين، ولا يوجد حل وسط، أي حاجة غير كدا، ده انتهاك وظلم ولا يمكن السكوت عليه ولا غض النظر عنه ولا يجب، الثورة كما قلت لك، هي ثورة الشعب السوداني ضد الظلم، وشعارها عدالة، معمر أو الجزولي أو دكتور عبدالرحيم عمر أو غيرهم، إذا ارتكبوا جرائم يتحاكموا بشكل واضح، أو يتم اطلاق سراحهم وتعويضهم، أدبياً وسياسياً عن ما واجهوه، لكن أن يكون هناك اعتقالات وأشياء خارج الاطار القانوني، هذا ظلم وسببه الأساسي ضعف المؤسسات العدلية، وهذا يعتبر جريمة في حق هذه المؤسسات إذا لم يكن المتهمين مدانون أو لم يرتكبوا جرائم، الصحيح أن يتم تقديمهم لمحاكمات شفافة وعادلة، باجراءات قانونية مضبوطة تسري على الجميع أو يتم اطلاق سراحهم.

+ لماذا برأيك الاحساس تجاه ما تعرضوا له ضعيف من قبل القوى السياسية التي رفعت شعارات العدالة، لماذا سكتوا؟

– أنا لا أدافع عنهم ولا أبر لهم، لماذا لم ينحاز فلان إلى فلان، وفلان لم يدافع عن فلان، هذا ليس لوم “بيوت بكاء”، كونك تقف مع حق معمر أو غيره في الحرية والتعبير عن الراي والتمتع بمعاملة عادلة، هذا مبدأ أساسي، لكن لماذا لم يقفوا معهم، هذا لوم “بيوت بكيات”، السياسة ليس فيها مثل هذا الأمر، الفكرة الأساسية هي أن هناك خلافاً سياسياً بينهم، وبالتالي لم يقفوا معهم، هناك آخرين مختلفين مع معمر سياسياً ونفذوا اعتصام العدالة أمام النيابة العامة لمدة اسبوع، أنا لا ألوم القوى السياسية، بل ألوم المؤسسات، النائب العام لا يفترض أن يسمح بذلك، وهو مؤسسة مستقلة، هناك من ظل لمدة 13 شهراً ولم تقدم ضده قضية، القوى السياسية يحاسبها الناس بالتصويت لها أم لا، لكن مؤسسات الدولة يفترض أن تكون محايدة، لا تعمل وفق هذا نريده وهذا لا نريده، إذا كان هناك شخص مقبوض تقدمه للمحاكمة أو تطلق سراحه.

+ إذا كانت أجهزة العدالة بهذا الشكل والقوى السياسية التي تمثل الحاضنة السياسية للحكومة تصمت، ما الفرق إذا بينها وبين نظام المؤتمر الوطني الذي كان يعتقل المخالفين له سياسياً لفترات طويلة دون أن يقدمهم لمحاكمة؟

– الأمر ليس كذلك، القوى السياسية تحاسب بمواقفها، لكن اللوم هنا يقع على مؤسسة الدولة التي تسمى “النائب العام” ، معمر على حد علمي محتجز على ذمة التحقيق، المشكلة هي أن “ذمة التحقيق هذه امتدت أكثر مما يجب” وبدون مبررات قانونية واضحة، وهذا يختلف عن أن يذهب جهاز الأمن ويقبض شخص، ويمكن لك أن تقول لي هناك مشكلة أيضاً بأنه ظل 13 شهراً في حراسة البوليس، واقول لك نعم هذا غلط، واللوم يقع على النائب العام، هذا يختلف عن الاعتقال السياسي الذي كان يقوم به جهاز الأمن.

+ يعني الآن الفرق هو “شرعنة” الاعتقال؟

– مش شرعنة الاعتقال، يصبح اعتقال إذا لم يكن هناك إجراء قانوني واضح، وإذا استمر النائب العام على هذا النحو دون أن يكون لديه إجراء قانوني واضح، يبقى هذا اعتقال وحاجة غير سليمة، وأطالب أنا في مثل هذه القضايا بأن يكون هناك إجراء قانوني واضح ومضبوط، وإذا سألت هل شهدت قضية معمر انتهاك، أقول ” أيوه هناك انتهاك، قضية معمر طالت أكثر من اللازم، وهناك شوائب في طريقة إدارتها، وهناك شباب واجهوا النائب العام باعتباره المسؤول من القضية، وكونه لم يستجيب، هذا يستدعي مواصلة الضغط على هذا الموضوع، يجب أن لا ننسى أيضاً أن الفترة الانتقالية والحكومة والقوى السياسية ليسوا مبرئين عن كل عيب، هناك انتهاكات حدثت، ولا يجب أن يسكت الناس على هذا الموضوع، والمطالبة يجب أن تكون واضحة بضرورة وجود نسق قانوني واضح يحقق شروط العدالة ويسري على الجميع.

+ زرت معمر في الحراسة، أليس كذلك؟
– هذا أمر شخصي، لكني سواء زرته أم لا، لا أجرم أحد قام به، أو لم يقم به، “العايز يزور معمر يزورو، والما عايز ما يزور” لكن في الآخر يجب أن يكون هناك إجراءات واضحة.

+ هناك زعم يقول بأن القوى السياسية التي تسيطر على المشهد حالياً لا تتفق إلا على كراهية النظام البائد، فهي وقعت على اعلان باريس والفجر الجديد والبديل الديموقراطي وإعلان الحرية والتغيير، والوثيقة الدستورية، لكنها بعد وصولها للحكومة انقسمت، وبالتالي هي ليست مؤهلة لقيادة البلد؟

– كون القوى السياسية الوطنية تكون متفقة على كراهية النظام البائد، هذا هو الطبيعي، هي لازم تتفق على هذا، النظام البائد كان كعب والناس قامت بثورة ضده، وأزعم أن السودانيين كلهم يكرهون النظام السابق.

+ لكن السياسيين مطلوب منهم أكثر من ذلك، مطلوب برامج لحكم البلد ؟

– دقيقة، الحاجة الصحيحة هي أن يتفقوا على كراهية النظام السابق، القوى السياسية بينها خلافات لأنها جاءت من خلفيات مختلفة، مواقع فكرية وسياسية وطبقية ومناطقية مختلفة، والصراع بسبب الانقاذ تحول في لحظة من اللحظات إلى صراع مناطقي، القوى السياسية مطلوب منها الاتفاق على مهام الانتقال، ليس أكثر من ذلك، وإذا لم يتم الاتفاق على ذلك ستتطور الخلافات، لذلك قلت إن المخرج أن نتفق على قضايا الانتقال. النادي السياسي وجهاز الدولة كله يحتاج لاصلاح، لأن النادي السياسي طوال الثلاثين سنة لم يمارس سياسة، بدل أن يشتغل سياسة ويسعى للوصول للسلطة عبر التداول السلمي والتواصل مع الجماهير، كان يقاوم في النظام السابق، وهذا خلل كبير، ولا تستطيع أن تطالبه بين يوم وليلة أن يمارس السياسة كما ينبغي، ومطلوب من النادي أن يصلح نفسه، لكن عندما نقول إنه غير مؤهل، ماذا نفعل، نستورد أحزاب سياسية من الخارج أم ماذا نفعل؟ الذي لا تعجبه الأحزاب الحالية يؤسس حزب جديد، هذا متاح، ولن نستطيع الوصول لديموقراطية بدون أحزاب، المساحات الجديدة التي أتاحتها الثورة لم يتم استغلالها، مثل تأسيس مراكز ابحاث ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب، وما زلنا نستخدم أدوات ما قبل سقوط النظام البائد، هناك أدوات من الضروري استخدامها الآن، مثل الحديث الذي أثاره الاستاذ محمد فاروق، نائب رئيس حزب التحالف السوداني: ” سقط نظام البشير لكننا لم ننهض بعد” نحن محتاجين ننهض، ونتحرك في المساحات الجديدة، ونتعامل مع جهاز الدولة حتى ننتج حدود سلطات الدولة، وهي مهمة في انتاج الديموقراطية، وغير ذلك، تكون ممارسة السياسة ضرب من ضروب العبث، وليس من الضروري أن تمارس السياسة من خلال التنظيم السياسي، هناك أدوات جديدة يمكن استغلالها، وحتى النظام القانوني يمكن أن يكون جزء من ذلك، الضغط بالطريقة القانونية على النظام، مثل، ” عندما يقرر الجيش قفل شارع، أتمنى أن يذهب شخص ويفتح قضية إدارية ضده، ويقول هل الجيش من حقه قفل الشارع أم لا، وعلى الأقل استخرج قرار بوقف التنفيذ لحين البت في القضية، وبعد ذلك عندما يقفل الجيش الشارع، اشتكيه مرة أخرى في المحكمة، واقول أنهم لم يلتزموا بقرار المحكمة” الغريب في الأمر أن المكون العسكري استخدم هذه المساحات مع الآخرين، وتوجه وفتح بلاغات ضد بعض الناس، وهذه واحدة من أدوات العمل السياسي والاجتماعي.

+ أليس من الصواب أن تتفرغ القوى السياسية للبناء التنظيمي ومعالجة إشكالاتها والاستعداد للانتخابات، بدلاً عن التنافس حول السلطة الانتقالية وصراعاتها، وتترك الحكومة لكفاءات وطنية كما كانت تطالب بذلك لجان المقاومة في بداية الأمر؟

– وهل سنمارس الحكمة بأثر رجعي؟ وصناعة التاريخ البديل والتاريخ المغاير؟ ايوة كان ممكن، وكان يمكن اشياء كثيرة جداً، والكلام عن ” ليس بالإمكان أحسن مما كان” كلام غير صحيح، هناك اشياء حدثت والناس تسعى لتغييرها، ونتعامل مع الواقع، هدف اصلاح الأحزاب لنفسها ينبغي أن تعمل عليه إذا أرادت أن تستمر وتمارس الديموقراطية، أو ستنزوي، فالديموقراطية في السودان راجحة ومنتصرة ولو بعد حين، وإذا الأحزاب لم تصلح نفسها ستنزوي وإصلاحها واجب ذاتي، والانشغال عن هذا الواجب أمر غير جيد، ويمكن أن يعطل مسيرة الديموقراطية في السودان، لكن في ذات الوقت، هناك أزمة حالياً، ومبادرة رئيس الوزراء هي نفسها مبادرة أزمة، وهناك وهم عند البعض بانتهاء التاريخ السياسي في لحظة ما، والبعض يعتقد أن الثورة انتهت بهذا واتجهوا للحصول على الغنائم، والأحزاب هدفها الوصول للسلطة، ويرون أن القصة انتهت ولذلك قرروا الذهاب للسلطة لتنفيذ برنامجهم، وهناك أحزاب أخرى ترى أن الثورة انتهت ولم تحقق ما يريدون وقرروا أن يقوموا بثورة جديدة، في رأيي أن التحليلين هم وجهان لعملة واحدة، عملة انتهاء التاريخ السياسي، لكن الثورة عملية مستمرة، فيها صعود وهبوط وقد يحدث فيها تراجع في بعض النقاط وأخطاء ونسعى لتصحيحها، لكن لا يجب السماح أن تحدث فيها ردة للخلف، وبالتالي هي عملية مستمرة والفترة الانتقالية مستمرة، ومن غير المنطقي الحكم عليها بالفشل.

+ هناك حديث ولغط مثار حول لجنة التفكيك ودورها، هل هناك خلافات حول طبيعة وطريقة عملها؟

– لا جدل على الاطلاق حول ضرورة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو بكل ما فيه من فساد وتمكين وغيره، ولا جدل أن هذا المبدأ من مهام الفترة الانتقالية، لأن التمكين كان واحدة من السرطانات التي ابتلعت الدولة السودانية خلال فترة الانقاذ، ويجب أن يتم ذلك عبر مؤسسات قانوينة تضمن العدالة وتضمن صحة الإجراءات، وأعتقد أن لجنة التفكيك خلال السنة ونص الماضة قدمت كثير من الأشياء التي ارضت الشعب السوداني وتوقه لتفيك ما حدث من تمكين، وفي ذات الوقت يمكن أن يكون قد شاب أداءها كثير من الممارسات الادارية غير الصحيحة وتجاوزات، وأي سلطة مطلقة هي مفسدة مطلقة، هذه قاعدة، لكن أعتقد أنها مسيرة ينبغي أن يكون هناك لحظة نقيم فيها الأداء بغرض تطويره، وجعله أكثر مؤسسية وأكثر عدالة، الاستمرار في أداء ما يسمح بتجاوزات هو خاطئة، لجنة التفكيك قدمت تجربتها وينبغي أن يتم تقييمها على الأسس القانونية والعدلية، وعلى ما استطاعت انجازه حتى الآن، وهي استردت الكثير ووقرت للدولة كثير من الموارد في لحظة من اللحظات، هل هي بالحجم الكافي؟ وهل مؤسسات القانون التي تتبع للجنة لم تكتمل بالشكل المنصوص عليه في القانون؟ وهل هناك فكرة افضل لتطويرها؟ وهل يمكن أن نتحدث عن مدعي عام خاص تابع للنائب العام يعمل في مسار استرداد الأموال والممتلكات وفتح بلاغات في من أرتكبوا هذه التجاوزات؟ هذه الأسئلة والنقد هو وسيلة التطوير، والخلاف لا ينبغي أن يكون حول تفكيك التمكين من عدمه، الخلاف حول الطريق الأمثل لذلك وضمان عدم انتهاك الحقوق.

+ البعض يقول إن عملها انتقائي، لماذا لم تطال بعض المؤسسات التي بها تمكين في الأمن وشركاته وقياداته، والقيادات العسكرية والأمنية خلال العهد البائد؟

– هناك مشكلة حقيقة هي أن قانون التفكيك لم يعط اللجنة صلاحيات أن تدخل في المؤسسات الأمنية وفي الجيش وجهاز المخابرات، لكن كان يجب أن يكون لديها، لكن هذا يرجع لمؤسسات الدولة، والقانون جاء مستفيدا من الشرعية الثورية، والقانون قدم تجرية خلال السنة ونصف، ولن نمضي ” بعمانا” هكذا ينبغي النظر في لجنة التفكيك، وسلطاتها، ومساحات عملها، هل تزيد أم تنقص؟ وينبغي أن لا يكون النقاش في شكل تراشق سياسي، وأن لا يتم حرفه عن مساره الصحيح، وغفي نفس الوقت العلاقة بين الجهاز التنفيذي ولجنة التفكيك يجب ضبطها، لان لجنة التفكيك بوضعها الحالي مؤسسة سيادية، لكن مقررها هو وزير شؤون مجلس الوزراء، وضبط العلاقة بينهما يمنع حدوث التراشق والصراع بينها ووزارة المالية مثلاً، ويجب أن يعملا في توافق قاعدي، ولابد من مخاطبة ذلك، وكذلك يجب طرح سؤال دور المؤسسات القضائية والعدلية والنيابية في عمل اللجنة، ودرجات التقاضي والاستئناف، هذه الأسئلة تحتاج لاجابة. والانقاذ عندما جاءت صادرت وارتكبت تجاوزات، نحن لا نريد أن نفعل مثلها، نحن نريد تفكيك التمكين الذي قامت به بالطريقة الصحيحة وبالمؤسسات وبنظام قانوني.

+ ورد في مبادرة رئيس الوزراء حديث عن اصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية، ولكن هذا الأمر ترك للمكون العسكري في الوثيقة الدستورية؟

– من أكثر النواقص التي شابت الوثيقة الدستورية هي ترك إصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية للعسكريين، لأن الجهاز العسكري والأمني في اي دولة، هو واحد من أجهزة الدولة مثله مثل وزارة الصحة.. وغيرها، وفي دولة ما بعد الاستعمار هناك ربط غير صحيح بين مفهومي القوة والشرعية، ودول الجنوب في غالبيتها استقلت بالنضال المسلح، ناضلوا من أجل التحرر الوطني واعتبروا أنفسهم كأوصياء على مسار الدولة، وهذا ظهر ايام التفاوض بعد 11 أبريل مع المكون العسكري، وكان هناك خطاب من العسكريين بأننا الضامن للاستقرار، ونحن ” الضامن” هذه تعطي العسكريين في دول الجنوب فكرة أن السياسيين غير موثوق فيهم وأن “الملكية” يخشى منهم، وهذا ليس في السودان وحسب، في دول كثيرة من دول العالم الثالث، وخاصة دول شمال إفريقيا، وهذا خطأ، الجيش لا يجب أن يحكم، بل يلعب دوره المنوط به من حفظ الأمن وحماية البلد. وواحدة من أشكال التطور الذي يجب أن نسعى له، هو سيادة المدنيين على المؤسسة العسكرية.

حوار: حافظ كبير
صحيفة الجريدة

‫2 تعليقات

  1. كلامك عن العدالة جميل خالص يا منظراتي لو كان طبقتو مع طليقتك الفضحتك في الاسافير فضيحة السواد واللواد…. ده النوع الرمي البلد دي في هاوية

  2. العسكر لو قفلوا الشارع يفتح فيهم بلاغ .. طيب ومن يترسون كل الشوارع وليس شوارع القيادة يفتح فيهم بلاغ ام لا .. اجب يا سعادتو ..
    الجيش من حقو يقفل شوارع القيادة اذا احس بخطر حماية لامن البلاد .. ولا تتسى ان القيادة مكتوب عليها ممنوع الاقتراب او التصوير ..