بعد الجُمركي فضل شنو..؟
لم تضج الوسائط كعادتها بقرار تحرير الدولار الجمركي ولم يهتم مُعظم الناس فيها بالأمر، وما من سببٍ يدعوهم للاهتمام به أصلا، وهل يتألم المذبوح من السلخ عزيزي القارئ الكريم..؟، نار الغلاء الفاحش المتقدة التي اكتوى بها المواطن منحته صلابة في الجلد فقد معها الإحساس بالألم ولم تترك له الأزمات شيئاً يخشى عليه، ومعلوم للجميع أنّ الدولة (العاطلة) عن الانتاج لن يتغيّر واقع مواطنها بتحرير سعر الدولار الجُمركي أو بإعفاء المستورد نهائياً من الجمارك والضرائب وبقية الرسوم والأتاوات، ولسان الحال يقول (الباقي باقي) ستظل المُعاناة في مكانها، إلى أن يقيض لنا الله من يرفعها عنا.
لقد أعفت الدولة حسب قرارها جُملة من السلع الأساسية من رسوم الجمارك والضرائب حتى لا تتأثر بتحرير الدولار الجُمركي المُعلن عنه، والذي بزيادته تتضاعف أسعار كُل السلع المستوردة التي يضطر أصحابها مرغمين لدفع الجمارك بسعر الدولار الحُر، ويُحمِّلون فرق الأسعار الكبير للمواطن، وخطوة إعفاء السلع الأساسية في ظاهرها تبدو مُقنعة وتصُب في مصلحة الدولة والمواطِن أيضاً إن لم تتحايل عليها الدولة غداً وتفرض على السلع داخل القائمة المُستثناة رسوماً أخرى غير مباشرة كما كان يفعل القوم الذين افترضوا السذاجة فينا، وما يمنحونا له بيدهم اليُمنى يأخذونه منا بالتحايل مُضاعفاً باليسرى.
اتضح جلياً لكّلِ مُتابع للشأن السياسي في السودان أنّ الحكومة تعمل بجدٍ واجتهاد في تنفيذ مطلوبات صندوق النقد الدولي، ويسير قادتها في طريق الصندوق المرسوم لهم بدقة، وفي أيديهم يحملون خارطة الطريق والبوصلة الممنوحة لهم بحرصٍ شديد حتي لا يضلوا الطريق للصندوق، وفي زعمهم أن لا حل أمامهم للخروج من المأزق إلّا هكذا، والحلول الأخرى مع ضمان نتائجها تحتاج منهم إلى أدواتٍ لا يملكونها في يومهم هذا، ولذلك اختاروا (طائعين) الطريق الأقصر والحل الأفرب الذي ينبني على رفع الدعم عن كُل مدعوم.
رُبما تُساقِط هذه السياسات المُتبعة بالرغم من قُسوتها علينا ببعض ثمارها ويمنحنا من وعدونا غداً في حال الإيفاء بكل مطلوباتهم بعض المال لنستعين به في قضاء حوائجنا ولبناء دولتنا من جديد، والتي لن تُبنى إلّا بعزيمة قوية نحتاجها لتنفيذ شعار بالانتاج لن نحتاج الذي رفعته الإنقاذ من قبل ولم تعمل على تنزيله على أرض الواقع حتى نخرُج بسلام من هذه الضائقة ونُحرّر أنفسنا من تكبيل الأزمات لنا، والانتاج يحتاج إلى مالٍ ننتظره الأن، ونحتاج بعد استلامه إلى رجالٍ (خُلّص) يحرسونه من كُل طامع، وينفقونه على ما فيه خير البلاد وأهلها.
فهل يا تُرى أعدّ ساستنا العُدة ليوم الغد المُرتجى وشرعوا في جمع أدوات البناء قبل أن يصل المال للشروع الفوري في العمل أم هُناك المزيد من الاجراءات القاسية مطلوب منهم تنفيذها..؟
وكان الله في عون البلاد وأهلها
زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة