الدعم ليس بدعة بل من صميم رأسمالية السوق المعاصرة
كثيرا ما تبرر الحكومة لنهجها الاقتصادي باستدعاء مقارنات مضللة مع دول العالم الأخرى.
ما لا يقوله خطاب الحكومة ان اعتي دول الرأسمالية التي تتبني “اقتصاد السوق” تقدم دعم هائل لمواطنيها.
فمثلا الولايات المتحدة، قلعة الرأسمالية الأكبر، تقدم حكومتها الفيدرالية دعم يسمي بالضمان الاجتماعي للكبار والمعاشيين وأصحاب الاحتياجات الخاصة. وبلغ قيمة الضمان الاجتماعي في عام 2019 تريليون دولار. كما صرفت الحكومة الفيدرالية في نفس العام مبلغ 1.1 تريليون دولار لدعم العلاج المجاني لذوي الدخل المنخفض وكبار السن والاطفال. وهذا غيض من فيض.
ولا ننسي وجود مواصلات عمة مدعومة في كل المدن كما ان السيارات رخيصة نسبيا والضرائب عليها منخفض للغاية في حين ان الحكومة السودانية تفرض ضرائب فلكية علي السيارات.
وأيضا تدعم حكومة الولايات المتحدة المزارعين والقمح بمليارات الدولارات. وكل الدول الأوربية تفعل ما تفعله الولايات المتحدة بنسب اعلي.
والمتابع لمفاوضات منظمة التجارة العالمية يعلم ان الدعم الأوروبي للمزارعين هو من أكبر نقاط الخلاف بين الدول. وفي كل مدن العالم الكبرى توجد شبكات مواصلات عامة فعالة ونظيفة ومدعومة بقوة واحيانا مجانية تماما.
اذن ان إعادة توزيع الدخل لمصلحة الطبقات الدنيا من صميم الرأسمالية المعاصرة وهو صمام أمنها من الثورات والانفجارات الجماهيرية. صحيح ان قنوات تصريف الدعم تختلف، وان الدعم السلعي محدود لكن قيمة الدعم أكبر في الدولة الغربية ونسبته في الموازنة اعلي. فمثلا بنود الدعم المذكورة أعلاه لكبار السن والتأمين الصحي، التي قدمتها الحكومة الفيدرالية الأمريكية مثلت حوالي نصف الموازنة في 2019 وارتفعت قيمة الدعم في سنة الكورونا.
في السودان لا توجد مؤسسات ولا إمكانيات عملية لإدارة مثل نظم الدعم الغربية المعقدة والمكلفة إداريا لذلك لجأت دول مثل السودان لدعم الخبز والمحروقات لان ذلك الدعم سهل التطبيق ولا يكلف إداريا وباعتبارها سلع استراتيجية توثر علي حياة كل المواطنين بلا استثناء. وفي المقابل فرضت حكومة السودان ضرائب فلكية علي واردات السيارات تفوق قيمتها سعر السيارة نفسه وهذا يمتص جزء من دعم المحروقات الذي يحصل عليه أصحاب السيارات.
صحيح ان الدعم المباشر للسلع ليس دائما هو افضل سبل الدعم ولكن صعوبة تأسيس قنوات الدعم الأخرى تفرضه لأنه الوحيد المتاح. ويمكن للسياسة العامة ان شاءت ان تبني نظم دعم مثل النظم الغربية التي تعتبرها مثال الكمال وبعد ذلك تلغي الدعم السلعي. ولكن ما حدث هو رفع الدعم السلعي بدون بناء نظام بديل وهذا يعني إعادة توزيع الدخل لصالح الطفيليات التي تقتات من ثدي الدولة والطبقات الأكثر ثراء وعلي حساب الطبقة الوسطي وما دونها.
أما الحديث عن ثمرات فهو نكتة سخيفة وغش سياسي وذلك لان الدولة لا تملك موازنة له وتعتمد علي تمويله من هبات غير مضمونة ولن يغطي 80% من الشعب ثم ان مبلغ خمسة دولارات مبلغ تافه يصلح فقط كبكشيش في مطعم متوسط .
معتصم أقرع
يا دكتور مرات بتكتب حاجات كويسه وموزونه ومرات قاعد تسوط ومرة حلتك ما فيها ملح ومرة حلتك ملحا كتير . منو القاليك في امريكا والدول الغربية في دعم مطلوق للجميع ؟ وكبار السن واصحاب الاحتياجات الخاصة ديل فئة محددة وتستحق الدعم لكن من وين جبتا ليها دعم بترليون دولار؟ وزارة الدفاع الامريكية بكل اساطيلها وحاملات طائراتها وطائراتها وصواريخها ونوويها وجيوشها لا تصل ميزانيتها الى ترليون دولار ؟؟؟ اصلو هي امريكا دي كلها عجزة واصحاب احتياجات خاصة ؟؟؟ وبرضو 1.1 ترليون دولار مبلغ مبالغ فيه جدا لدعم العلاج للمحتاجين . علما ان ميزانية الولايات المتحدة كانت في السنوات الماضية بين 3 الى 4 ترليون دولار وبلغت هذا العام 6 ترليون دولار . لتعرف خطا الارقام التي تاتي بها . وليس في امريكا سلعة استهلاكية مدعومة بل هناك ضريبة استهلاك يدفعها الغني والفقير تبلغ حوالي 7% من كل سلعه استهلاكية يشتريها الشخص وكلما كان الشخص غنيا استهلك سلعا اغلى وكميات اكبر وبالتالي يدفع ضرائب اكثر . والعكس صحيح بالنسبة للفقير . ثم بتخصيص الدعم للفقراء والمحتاجين فقط يتم يعويضهم ما يدفعونه من ضرائب. اما الشركات واصحاب الاعمال فكلما كانت اكبر وارباحها اعلى كلما كانت نسبة ضرائب الارباح عليها اعلى ولا تتساوى الشركات الكبيرة مع الشركات الصغيرة في نسبة الضريبة. ولا يمكن ان يصل دعم التامين الصحي للمحتاجين في امريكا الى نصف الموازنه ولو كانت امريكا تسير بمثل هذه الارقام لانهارت منذ زمن بعيد. اما دعم المزارعين في اوروبا وامريكا فهو دعم للانتاج وليس دعم للاستهلاك ففرق بين النوعين وهذا النوع من الدعم هو دعم لصالح الاقتصاد ولو كانت حكومتنا تدعم المزارعين بدل ان تدعم السلع الاستهلاكية لانصلح حال اقتصادنا منذ زمن بعيد ولاصبحنا دولة غنية!!!. لاتوجد مواصلات مدعومة لافي امريكا ولا في اوروبا لكنها رخيصة نسبة لارتفاع مستوى الدخل وليس لانها مدعومة . وكذلك السيارات رخيصة لانها انتاج محلى في معظمها ولارتفاغ مستوى دخل الفرد اذ يساوي ثمن سيارة جديده عندهم (15 الف دولار مثلا) مرتب اربعة او خمسة اشهر فقط لموظف متوسط الحال بينما يساوي ثمن سيارة جديدة عندنا في المتوسط بنفس السعر عندهم اي (15 الف دولار) وهي تعادل بالسوداني حوالي 7 مليار بالقديم ولو شخص مرتبه 30 مليون سيساوي ثمن السيارة مرتب اكثر من 230 شهر لشراء نفس السيارة وبنفس السعر حتى لو لم تكن هناك جمارك !!!. نخلص من ذلك ان جميع الدول الغربية ليس عندها دعم معمم وانما يخصص الدعم والاعانات للمحتاجين فقط وفي اماكنه الصحيحة التي ينصلح بها الاقتصاد.