أحمد يوسف التاي يكتب: الصراع على رُفاة الوطن
(1)
غداة سقوط نظام البشير تسابق أهالي إحدى القرى بولاية سنار إلى غابة غزيرة من أشجار السنط عمرها مئات السنين ،كانت تعد من أهم الثروات القومية هناك، هرعوا إليها في الحال فجعلوها جُذاذاً ودمروها تدميراً ، وفي يومٍ واحدٍ أحالوها إلى خراب..!!!…يبدو واضحاً أنهم كانوا يعدون الأيام والليالي في انتظار سقوط النظام ليعمدوا بفؤوسهم إلى ذلك المورد «القومي»…هذا نموذج لمواطنين سودانيين … ومثال لمفهومنا للموارد القومية …!!!..
(2)
في جبل عامر كان الكبار وأهل السطوة والنفوذ والسلطة والعسكر يتصارعون على قمة الجبل من أجل السيطرة على الذهب ويعلمون أنه مورد قومي، وقد تابعنا الاتهامات والملاسنات والسجال العنيف بين كبر وهلال حول ذلك المورد «القومي»، ومن بعدهم الدعم السريع … وهذا أيضاً نموذج لمواطنين سودانيين ، مثال لمفهومنا للموارد القومية..!!!.
(3)
عدد كبير من كبار التجار والمزارعين ورجال الأعمال أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ، وقد تباروا في إقناع المسؤولين ، ومارسوا الضغط عليهم وساوموهم بـ»لعبة» الانتخابات المقبلة لتطلق الحكومة أيديهم فيتمددوا في محمية الدندر القومية من أجل أن يتقاسمونها مشاريع زراعية بحجة وفرية اسمها «الامتداد»… وهذا أيضاً نموذج لمواطنين سودانيين… ومثال لمفهومنا للموارد القومية…!!!..
(4)
هناك الكثير من الأمثلة لعقود أبرمها مسؤولون كبار كانوا في الدولة ذهبت بموجبها مئات الآلاف من الأفدنة الخصبة إلى مستثمرين أجانب لمُدة (99) عاماً ، بحسب العقد الذي يجدد عقب نهاية المدة تلقائياً، ذهبت وبأبخس الأثمان ومع ذلك تم إعفاء «الأجانب» من الضرائب والرسوم ومُنِحوا تسهيلات وامتيازات ، كل ذلك فعلوه نظير «عامولات»، وما دروا أن الأرض مثل العِرْض ومن يفرط في الأرض بهذه الطريقة لا يؤمن على العِرض… وهذا أيضاً نموذج لمواطنين سودانيين … ومثال لمفهومنا للموارد القومية…!!!..
(5)
عملتنا الوطنية، لا تكاد تخرج من «لطمة» بأيدي شبكات التزييف وسماسرة الدولار، حتى تبادرها الحكومة نفسها بصفعة أخرى على خدها الأيسر عندما تتحول الدولة إلى أكبر تاجر عُملة حدث هذا في عهد المخلوع البشير واعتراف الحكومة نفسها وما زال الشيء ذاته يحدث الآن في حكومة حمدوك …الدولة تشتري الدولار من السوق السوداء تزاحم تجار العملة والسريحة في «فرندات» السوق العربي…أما آخر تقليعة خرجنا بها أن المضاربات أخذت حيزاً واسعاً داخل الجهاز المصرفي نفسه… أي دولة هذه ، وأي حكومة تلك التي تذبح عملتها الوطنية بـ «قزازة»…وهذا أيضاً نموذج لمواطنين… ومثال لمفهومنا للموارد القومية…!!!..
(6)
سيول التهريب لم تنقطع يوماً، بأيدينا نحن السودانيين وليس بأيدٍ أجنبية، نهرب الذهب ، والماشية ، والإبل ذكورها وإناثها والصمغ، والدقيق المدعوم، والوقود المدعوم إلى دول الجوار من أجل اكتناز المال الحرام، ونقوم بتزوير عملتنا الوطنية كمن يحمل معولاً لهدم البيت الذي نعيش تحت سقفه مع أولادنا وزوجاتنا لنبقى في العراء بلا وطن ولا مأوى ولا عزة ولا كرامة.. بئس المواطنين نحن وبئس السلوك سلوكنا.. وهذا أيضاً نموذج لمواطنين سودانيين … ومثال لمفهومنا للموارد القومية…!!!..
(7)
كباررجالالأعماليتسابقونفياستيرادالسموموالبضائعالفاسدة،والنفاياتالإلكترونية،والكريماتالقاتلةونحوها،والمصدرونيجنبونحصائلالصادرفيحساباتخارجالبلاد،والمنتجالمحليتُشنعليهأشرسأنواعالحروبوآلياتالتدميرالحكوميةمنجباياتورشاوي،وملايينالدولاراتمنأموالالأدويةالمنقذةللحياةتذهبللمضارباتفيالدولاروشراءالذهبوالأراضي …هل يفعل كل هذه المخازي أجانب في بلادنا؟ ألم يكن السودانيون هم من يفعلون؟!!… إن الحقيقة التي يجب أن نواجه بها أنفسنا أن معظم مواطني هذه البلاد تحولوا إلى لصوص ، وقطّاع طرق، ومحتالين ومخادعين ، وعطالة وسياسيين يتصارعون على رفاة الوطن بالمحاصصة، ونشطاء يتقيأون الشائعات المدمرة للوطن وسماسرة ووسطاء وطفيليين يديرون نشاطاً طفيلياً هداماً يصنعون به اقتصاداً موازياً لاقتصاد الدولة ، ويدمرون به كل القطاعات الإنتاجية في الدولة …اللهم هذا قسمي فيما أملك….اللهم ارحم شهداء مجزرة فض الاعتصام في ذكراهم الثانية، وكل شهداء السودان …آمييين.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة