التاج بشير الجعفري يكتب: ابجديات.. كيفية حل المشاكل!!
الحال الذي وصلت إليه الضائقة المعيشية وإرتفاع الأسعار المستمر والذي يتم ربطه زورا وبهتانا بإرتفاع أسعار العملة الأجنبية في السوق الموازي أمور تدعو للإحباط واليأس من إمكانية حلها الذي طال إنتظاره، فهل كتب على هذا الشعب العظيم البؤس والشقاء وشظف العيش بسبب السياسات الخاطئة وغير المدروسة وأنانية السياسيين والمنتفعين، رغم ما تحويه أرضه من خيرات وموارد كثيرة!!
المعروف أن كل الدول تواجه مشاكل أو تحديات اقتصادية وغيرها، ومثل هذه التحديات والصعوبات هي جزء من الممارسة الطبيعية للحياة، ولكن الدول تعكف بهمة وتنكب بصمت على البحث عن الحلول والبدائل لمعالجة مشاكلها وازماتها التي قد تكون أعقد بكثير مما نعانيه من صعوبات وتحديات … ولكن تكمن مصيبتنا في عدم توفر تلك العقلية المتفتحة التي تحلل الواقع بتأني وصبر وترسم الخطط وتوجد الحلول بطريقة مبتكرة، وهي عقلية للأسف ليست متوفرة لدينا، فكل الذي يجيده سياسيونا و الجيش الجرار من التنفيذيين هو التبشير بقرب حدوث الأزمات دون التحوط لحدوثها أو العمل المسبق لتفاديها ووضع الحلول اللازمة لها.
ولنأخذ مثالا على ذلك الإرتفاع المستمر بشكل غير مسبوق في أسعار الدولار والذي لا يعلم أحد أسبابه إذ أن كل ما يقال عنه هو مجرد تكهنات، ولكن قطعا هنالك جهات بعينها تعرف الحقيقة الكاملة وهو ما يجب أن تعمل الحكومة على كشفه بواسطة مؤسساتها المختصة.
فمن البديهي أن تكون السلطات المالية على علم باي أسباب قد تؤدي لإرتفاع أسعار العملات الحرة لأن هذا من صميم عملها وهو ما يجب أن تبذل قصارى جهدها لتفادي حدوثه.
فالواضح أن السلطات المالية (وزارة المالية والبنك المركزي) لا تقوم بواجبها في هذا الصدد والدليل على ذلك تصريحات وزير المالية التي ذكر فيها (ان سعر الصرف بوسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة له بواقع السوق، وأن القصد منه إحداث المزيد من الاضطراب والبلبلة في سوق العملة الوطنية) … ولا أدري ماهو دليله على ذلك، لأن لو كان ما يقوله صحيحا فما سبب هذا الارتفاع المستمر في الأسعار كل ما سمعنا عن هبة جديدة للدولار؟
مخطيء والله من يظن أن الوصفات العلاجية لإصلاح الاقتصاد التي تأتينا من الخارج ستنجح وحدها في إخراج بلادنا من هذه الحالة الاقتصادية المتردية، ما لم تترافق تلك الوصفات وتتكامل يدا بيد مع عمل دؤوب وإصلاحات اقتصادية داخلية تتمثل في الإستغلال الأمثل لمواردنا الذاتية وتسريع الإنتاج وتأهيل المصانع ومكافحة التهريب والفساد وضبط الصرف الحكومي المتضخم وإصلاح الخدمة المدنية.
ما الذي يمنع معرفة الأسباب الحقيقية وراء القفزات المتسارعة في أسعار العملات الأجنبية وغيره من المشاكل كالتهريب وعدم ورود حصيلة الصادرات والتهرب الضريبي وضعف الأداء في المؤسسات الحكومية .. إلخ، واين تكمن الصعوبة في ذلك؟
أما إذا فشلت الحكومة في إيجاد الحلول لهذه المشاكل ومعرفة أسبابها الحقيقية فلتعلن ذلك وتبدأ في طلب المساعدة الفنية من الدول الشقيقة والصديقة والاستفادة من تجاربها وخبراتها في حل هذه المشاكل وهذا ليس عيبا فكل الدول تطلب المساعدة الفنية والخبرات من الدول القادرة على تقديم تلك المساعدات.
ولا يفوتني أن انبه هنا إلى ضرورة التفريق بين الصعوبات والآثار السالبة التي كان متوقعا حدوثها من جراء تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي من ناحية، وتلك الأزمات والفشل الناتج عن عدم إدارة الموارد بشكل سليم بالإضافة للتراخي في تطبيق السياسات والإجراءات وغياب المتابعة والتحليل والتقييم لما يتم تطبيقه من إجراءات لأجل تصحيح الانحرافات بشكل مستمر وجاد، فالقصور في التخطيط والتنفيذ والتحليل والتقييم واتخاذ القرارات السليمة هي المشكلة التي إن لم نجد لها حلا فلن يتغير حالنا للأفضل.
كذلك لا يجب أن نتوقع حلولا لمشاكلنا الاقتصادية والمالية إلا باتباع التحليل والتقصي السليم لأسبابها بواسطة أشخاص مستقلين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة ولديهم الخبرة العملية الكافية للقيام بما يوكل إليهم من أعمال.
نأمل أن تبدأ الحكومة في تبني أسلوب جديد في التعامل مع المشاكل والأزمات لأجل إيجاد الحلول اللازمة للخروج من هذا النفق المظلم.
صحيفة الانتباهة