أحمد يوسف التاي يكتب: الجنائية… كرت الضغط المتجدد
(1)
أصدرت محكمة الجنايات الدولية أمر توقيف بحق رأس النظام المخلوع وآخرين وذلك في العام 2009… ومنذ ذلك الوقت تحولت هذه المحكمة إلى «بعبع» و»ورقة» ضغط لتخويف النظام وابتزازه ولا يملك إلا أن يستجيب في كل مرة (الفشقة وحلايب نموذجاً)… الآن يبدو أن الأمور تمضي في ذات الاتجاه، رموز النظام المخلوع المطلوبين لدى المحكمة بدأوا اللعب على المكشوف بورقة محكمة الجنايات الدولية، وما مطالبة أحمد هارون بتحويل ملفه إلى الجنائية إلا «إشارات» تحمل في جوفها التهديد والتخويف والمساومة لقيادات ورموز بالوضع الانتقالي، والشيء نفسه مضى في اتجاهه الرئيس المخلوع عمر البشير وهو يفضل التقاضي بـ»لاهاي» بدلاً عن الخرطوم ويقول إن الحال هناك سيكون أفضل من هنا، مما يعكس «إشارات» التهديد والتخويف والمساومة ذاتها…
(2)
يعزز الفرضية أعلاه التصريحات التي أطلقها عضو هيئة الدفاع عن رموز نظام «الإنقاذ» المحامي محمد الحسن الأمين الذي أشار صراحةً إلى أن ذهاب البشير وهارون سيجُر «آخرين» إلى محكمة الجنايات الدولية، وأضاف : (لهذا استبعد أن يتم تسليم البشير إلى محكمة الجنايات) باعتبار أن ذهابه إلى هناك سيُربك المشهد ويقود إلى تعقيدات غير محسوبة … وفي وقت لاحق أشار «الأمين» إلى أن البشير لم يصدر أية تعليمات بقتل المدنيين في دارفور… صحيح أن محمد الحسن الأمين لم يفصح عن اسماء «الآخرين» ولكن إشارته كانت واضحة وما زادها وضوحاً عبارته بأن تسليم البشير سيزيد الأمر تعقيداً وسيربك المشهد ويعقده، وهل تسليم أي «آخرين» سيعقد المشهد؟ اللهم إلا إذا كان هؤلاء الآخرين مؤثرين جداً على المشهد.. تصريحات محمد الحسن الأمين التي تحمل التهديد المبطن مقروءةً مع إلحاح أحمد هارون بتسليمه إلى الجنائية، مقروءةً مع تفضيل البشير الذهاب إلى لاهاي يلقي مزيداً من الأضواء على ورقة الضغط والمساومة التي تبدو الأهم لدى رموز النظام المخلوع المطلوبين لدى محكمة الجنايات الدولية…
(3)
هذه الورقة لم يقتصر التلويح بها على رموز النظام المخلوع، بل إن حاكم دارفور أركو مناوي أيضاً يبدو أنه يعوّل كثيراً على هذه الورقة دون أن يفصح، ويبدو ذلك جلياً في تمسكه الشديد بتسليم البشير وبقية المطلوبين للمحكمة الجنائية، وكأنما يريد أن يبعث برسالة إلى ذات «الآخرين» الذين عناهم «الأمين» : (إن تسليم البشير وبقية المطلوبين إلى لاهاي سيجر» الآخرين»، ويا أيها الآخرون افعلوا ما نريد وإلا فإننا لن نكف عن المطالبة بتسليم البشير الذي سوف يجر «الآخرين»..
(4)
وختاماً أعود وأقول إن محكمة الجنايات الدولية ظلت منذ العام 2009 ورقة ضغط متداولة بين الأمريكان والاتحاد الأوروبي، وحتى الاتحاد الأفريقي، وبعض دول الجوار كإثيوبيا ومصر وغيرهما، لابتزاز البشير وقد فعلت فعلتها ودفع الثمن الشعب السوداني كله وبدا أن أية جهة من تلك الجهات لديها أغراض أو أطماع في السودان تستخدم تلك الورقة للضغط على رأس النظام المطلوب لدى المحكمة كي يستجيب لمطالبها، بينما طلب البشير من دول كبرى تعطيل القرار سياسياً، وهذا الطلب له ثمنه الذي سيدفعه الشعب … وبهذا ظلت البلاد وشعبها في الفترة الماضية رهينة أو درعاً بشرياً من أجل حماية البشير من الجنائية، الآن يتكرر السيناريو وتُستخدم ذات الحيَّل والمساومات بفرضية أن هناك نافذين ربما يكونوا متورطين بشكل أو آخر، ولهذا يحاول البعض استخدام هذه الورقة حديثاً كما استُخدمت من قبل في مواجهة نظام الإنقاذ المباد، فهل يدفع الشعب الثمن مجدداً…. اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة