سياسية

مع اقتراب موعد الملء الثاني.. هل بات الحل العسكري هو الأقرب في أزمة سد النهضة؟

حذرت مصر من أن المساس بأمنها المائي لن يكون مقبولا، في الوقت الذي ناشدت فيه الولايات المتحدة كلا من مصر والسودان بعدم التحرك نحو الحل العسكري، مما يطرح السؤال وبقوة: هل بات الحل العسكري هو الأقرب في أزمة سد النهضة؟.

بداية يرى الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة دراسات حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن كل السبل أمام حل أزمة سد النهضة بالطرق الدبلوماسية باتت مغلقة، ولم يتبق سوى التحرك العسكري بشكل أو بآخر، لأن السياسة الأمريكية والغرب بشكل عام وواشنطن بشكل خاص قائمة على النفاق، بحسبان هدفهم الأصلي هو الحفاظ على وحدة وتماسك إثيوبيا.

أمريكا والحرب

وأشار في حديثه لـ”سبوتنيك”، إلى أن معارضة واشنطن والغرب للحل العسكري في إثيوبيا تأتي على حساب مصر والسودان، ومن الناحية الأخرى لا يمارسون أي نوع من الضغوط على إثيوبيا لتأجيل الملء الثاني أو إيقاف الأعمال مثلا لحين الوصول إلى اتفاق.

وأكد رسلان ان كل ما يصدره الغرب وأمريكا من بيانات لا يصب إلا في صالح إثيوبيا التي تسعى للسيطرة على النيل الأزرق بشكل منفرد.
وأكد رسلان أن الطريقة التي تتعامل به أمريكا والغرب مع ملف سد النهضة غير مقبول منطقيا؛ لأنها لا تقدم لكل من مصر والسودان أي حافز لكي يتم اتباع هذه السياسة، فكل الوعود كاذبة وتعطي مزيد من الوقت لإثيوبيا من أجل تكريس الأمر الواقع وفرضه على القاهرة والخرطوم، وهو جوهر التوجهات الغربية، وهذا أمر يخصهم، لكنه لا يخص كلا من مصر والسودان.

الخيارات الأخيرة

وحول مخاطر العمليات العسكرية وما يمكن أن ينتج عنها قال رسلان، نحن أمام خيارين، إما أن نموت بالهيمنة المنفردة لإثيوبيا، وهو ما يعني إمساك إثيوبيا برقبة كل من القاهرة والخرطوم، أو حسم هذا الموقف بالتحرك العسكري، ثم حسم تلك النتائج والتداعيات الناتجة.

وأكد أن هذا الأمر سيكون أقل خطورة من النتائج المترتبة على الهيمنة الإثيوبية على النهر بشكل منفرد.
ولفت رئيس وحدة دراسات حوض النيل، إلى أن التحركات الدبلوماسية المصرية تسير بشكل متدرج لاستنفاذ كل الطرق والفرص، ولتخفيف التداعيات التي قد تنتج عن الحل العسكري عندما تضطر مصر إليه، أما السودان فموقفه مختلف، ولديه مشاكل اقتصادية ويخشى من أي حل عسكري.

أمان السد

من جانبه قال خبير المياه السوداني والعضو السابق في مفاوضات دول حوض النيل الدكتور أحمد المفتي: في تقديري أن الحل الوحيد الذي تبقى هو المطالبة السودانية بالأرض المقام عليها السد.

وأكد أن هذا الأمر نهايته الحرب البرية، وليس به كل المحاذير المتعلقة بالعمل العسكري ضد السد نفسه، حيث إن هناك اتفاقية دولية موقعة ويضمنها القانون الدولي.
وأضاف لـ”سبوتنيك”، أن الشعوب – وليست الحكومات – لن تقبل بالأمر الواقع، لأنها هى المتضرر الأكبر، وحتي لا تحتار حكومة السودان ، فيما ينبغي عليها فعله الآن، لتدارك رفضها لمطلبنا بأمان السد، وإذا أصرت الحكومة، ولم تهتم بالموضوع، كما ظلت تفعل منذ العام 2005، فعلي قطاعات الشعب السوداني، خاصة المتضررين مباشرة من أمان السد، وغيره من الأضرار، حث الحكومة بكل السبل السلمية، علي الاستجابة لمطالبنا، لأننا لسنا وحدنا المتضررين من تلك الأمور .

المحكمة الدولية

ويقول خبير السدود الدولي المصري، الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي، إن “القانون الدولي يمنع بناء سد النهضة من الأساس، وهناك واقعة سابقة حدثت مع نهر الدانوب الذي يمر بعدة دول أوروبية، حيث قامت إحدى دول النهر ببناء سد فذهبت الدول المتضررة إلى المحكمة الدولية والتي أمرت بدورها بإزالة السد، فلو تخيلنا أن هذا السد سوف يؤثر على الموارد المائية لمصر فكيف يكون الأمر”.

وتابع الشناوي في حديث سابق لـ”سبوتنيك”، “إذا كانت أثيوبيا نفسها لم تأخذ بهذا القانون الدولي ولا تعترف به، فما الذي يمكن أن تأتي به أي جولة مفاوضات جديدة، حتى إن وافقت أثيوبيا على مخرجات أي جولة جديدة لن تقوم بتفعيلها أو العمل بها.
وحول الحلول التي كان يمكن التعويل عليها لإنهاء تلك الأزمة قال خبير السدود الدولي، “في العام 2014، دعيت لإلقاء محاضرة حول سد النهضة من الجمعية العلمية المصرية، وقلت وقتها إن سد النهضة قابل للانهيار وقد انهار ثلاث مرات قبل ذلك، وقمت بطرح مشروع بديل يتمثل في 300 حائط لحجز المياه بارتفاع 6 أمتار لكل منها داخل إثيوبيا حتى حدود السودان، وهى سدود صغيرة جدا يمكن بناؤها من الطوب الأحمر بمواد أولية من الطمي النيلي”.

يشار إلى أن خلافا حادا بين دول المصب مصر والسودان، وبين إثيوبيا، ما زال لم ينته حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، التي فشلت كل جولات المفاوضات بين الأطراف الثلاثة في التوصل لاتفاق حولها، وكان أبرز هذه الجولات تلك التي عقدت برعاية أمريكية، دون توقيع اتفاق بينهم، حيث رفضت إثيوبيا توقيع الاتفاق الذي توصلت إليه المفاوضات.

كما فشل الاتحاد الأفريقي على مدى ثلاث دورات، برئاسة كل من مصر وجنوب أفريقيا والكونغو على التوالي، في دفع الدول الثلاث لإبرام اتفاق.
وفي تصريحاته، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده لا يمكنها قبول سياسة فرض الأمر الواقع بخصوص سد النهضة، مؤكدا رفضه أي إجراءات أحادية لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب، مصر والسودان.

العربية نت