زين العابدين صالح عبد الرحمن يكتب: الكباشي و العلاقات السودانية الاماراتية
أن العلاقات بين الدول تحكمها ضوابط عديدة متمثلة في ميثاق الأمم المتحدة، و العديد من الاتفاقيات الدولية التي توقع عليها الدول بكامل إرادتها، و أيضا يحكمها القانون الدولي و العديد من المعاهدات بين الدول مع بعضها البعض. وتختلف أتخاذ القرارات المتعلقة بالعلاقات مع الدول من دولة إلي أخرى حسب نظام الحكم فيها. و الخلاف يأتي عن طبيعة النظم الحاكمة أن كانت ديمقراطية أو ديكاتورية أو شمولية. في النظم الديكتاتورية العسكرية يكون القرار لشخص واحد، هو العسكري الذي يرأس السلطة الحاكمة. و في النظم الشمولية التي تحكم بنظام الحزب الواحد، أو الحزب القائد يكون القرار في يد الحزب الحاكم، لكن في النظم الديمقراطية يحدد ذلك الدستور، إذا كانت نظم برلمانية، يكون البرلمان هو الجهة التي تحدد العلاقة الخارجية و يراقبها، و إذا كان نظاما رئاسيا يحدده الرئيس الذي يعمل معه العديد من المستشارين و مراكز البحث و الدراسات، و ايضا هناك جهة تراقب هذه السياسة. و في النظم الديمقراطية تحدد السلطة بفترة زمنية محددة في الدستور، و يرجع القرار للشعب من خلال صناديق الاقتراع، كما حدث قبل شهور مع الرئيس الأمريكي ترامب الذي جاء الاعتراض عليه من قبل النخب السياسية و المثقفين في الدوائر العديد لمراكز البحوث و الصحافة و الإعلام، الذين كانوا أكثر المعارضين لسياسته الأمر الذي أثر وسط الشارع الأمريكي و أدي للتغيير.
يحكم السودان حاليا من قبل سلطة مؤقته محدودة الصلاحية يفترض أن يكون النظام ديمقراطيا، و هي سلطة مؤقته باعتبارها سلطة غير منتخبة، و جاءت بشرعية لوثيقة دستورية مؤقته، و يجب أن تخضع السلطة المؤقته لهذه الوثيقة، و لا تبت في القضايا ذات الطبيعة الإستراتيجية أو توقع على الاتفاقات الدولية التي تقيد الدولة بشروطها. و أيضا في هذه الفترة يجب أن تكون كل القضايا مطروحة علي الشعب لكي تؤكد النخبة علي شفافيتها، و الهدف من ذلك هو أن البلاد في عملية تحول ديمقراطي يجب تعليم الناس أسس و قواعد النظام الديمقراطي، و يجب إشراكهم في القضايا التي تؤثر علي مستقبل و بناء الدولة. و من القضايا التي تشغل الناس بسبب نقص الشفافية هي دور عدد من الدول في التدخل المباشر في الشأن السوداني، و أن كان هذا الدور عليه غبار كثيف ربما يكون فيه شيء من المبالغة و لكن لآ يخلو من بعض الحقائق.
و واحدة من هذه العلاقات التي تحمل في أحشائها العديد من الأسئلة التي تحتاج إلي إجابات واضحة، هي علاقة السودان مع دولة الأمارات التي ملأت العديد من الوسائط الاجتماعية الإعلامية. يقول عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول شمس الدين كباشي “إن كل ما رشح بشأن تقسيم أراضي الفشقة وفقا للمبادرة الإماراتية محض شائعات” و يضيف قائلا في خطابه “تم رفض المبادرة الإماراتية فى زيارة البرهان إلى الإمارات وإن كانت الإمارات تريد حل النزاع مع إثيوبيا فعليها أن تنصح الإثيوبيين بوضع علامات الحدود”. أن المبادرة الأمارتية رشح عنها الكثير في الوسائط الإعلامية، و لا يدري المرء ما هي الحقيقة، لآن المبادرة لم تطرح علي الشعب السوداني، بل الحديث عنها كان جله في الغرف المغلقة. و القضية الأخرى ذهاب العديد من السياسيين لدولة الأمارات عدة مرات، و لا يدري الشعب لماذا هؤلاء يحجون إلي هناك. أن عدم الشفافية و السكوت عن هذه القضايا هي التي تجعل الشك هو الذي يتسيد المشهد السياسي، و يوقع العديد في دائرة الاتهام، لأن الجميع يذهبون و يعودون دون أن يتحدثوا عن سبب الزيارة، و هي ليست زيارات ذات طابع شخصي لآن أغلبية القيادة السودانية يجب أن تطهر نفسها بالشفافية و تعمل مؤتمرات صحفية في الذهاب و الإياب.
و يعلم الفريق أول شمس الدين الكباشي أن الشائعات تاتي عندما يكون هناك غموض في قضايا تطرح تساؤلات، و ليست هناك إجابات مقنعة من قبل القائمين، و السؤال ما هي المبادرة الأماراتية لحل الخلاف بين السودان و أثيوبيا؟ و مادام هناك مبادرة يعني هناك رؤية للحل يجب أن تطرح علي الشعب السوداني، لكي يضع حدا للشائعات. و ربما نكون مغالين في موقفنا من دولة الأمارات، و يجب أن نعدل هذا الرأي من خلال تقديم الحقائق، أن المسؤولين و قيادات بعض الأحزاب و الحركات هم الذين جعلوا للشائعات مكانة في الساحة السياسية بهذا الغموض عن الدور الأماراتي. القضية الأخرى أن الكل يتحدث عن استباحة العديد من مخابرات الدول للأراضي السودانية. و يفتحوا مجالات للنفوذ الأجنبي في بلادنا. و هذا سؤال يجب أن تجيب عليه قيادة الفترة الانتقالية، لماذا هذا التواجد للمخابرات الأجنبية في الأراضي السودانية؟ و ماذا يريد هؤلاء من شعب السودان؟ و ما هي الأشياء التي يجب أن يراقبوها و يتحصلوا معلومات عنها لدولهم.؟أن رفض الفريق أول البرهان للمبادرة الأمارتية، يؤكد أن المبادرة فيها ما يتعارض مع سيادة البلاد، أو مصالح البلاد، و بالفعل نريد أن نعرف كيف تنظر الأمارات لبلادنا من خلال هذه المبادرة؟ .
وتعهد الكباشي في خطابه بأن تعمل القوات المسلحة على اعمار الفشقة واكمال المشروعات التنموية في الطرق والمعابر قبل حلول فصل الخريف لضمان عودة المزارعين السودانيين لفلاحة واستغلال أراضيهم، إذ يعمل الجيش على تشييد ثلاثة جسور على نهر عطبرة لإنهاء عزلة الفشقة في فصل الأمطار.” هذه خطوة جيدة، و لابد من استغلال هذه الاراضي، و إرجاعها لآهلها، و سوف تكون عين الدول عليها إذا جعلت أرضا بورا دون زراعتها و استثمارها. و لا وساطة و حوار علي أرض سودانية. أن الخلافات في السودان و الصراع الدائر بين أبناء الوطن الواحد هو الذي يسمح للدول الأخرى أن تستثمر من خلال هذا الصراع، و لا تستطيع أن تدخل في شأن السودان إلا من خلال أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا ينظرون لمصلحة البلاد بل إلي مصالحهم الذاتية، أن طرح المعلومات بشكل متكامل للشعب هو الذي يمنع نشر الشائعات، و أيضا هو الذي يكشف اين الرخاومة في النسيج الاجتماعي. و نسأل الله حسن البصيرة.
صحيفة الانتباهة
مقال رصين جداً . أرتاح كثيراً عند قراءتي لهكذا مقال ،يتدفق وطنيه وعقلانيه ولا يخلو من الحلول .