كتابة الفن ام فن الكتابة
محجوب الخليفة
الكتابة موهبة والتدوين والبحث رصد وتوثيق..ولكل منهما طرق واساليب ومنهج مغاير، فالتدوين لايحتمل حشد المفردات وأستدعاء التعابير البلاغية وإحتشاد النصوص بما يحتمل التأويل والتضليل،
وإن كان التدوين يحتمل لغة الحكي والسرد المضبوط والتوصيف الدقيق والمسنود بما يدعمه من وثائق او شهود ومصادر.
اما الكتابة وفنونها المتعددةلها قابيلة التبسيط والتعقيد واﻹحتشاد والتنميق والوضوح والغموض أو اﻹشارة والتلميح كل ذلك مع قبولها استصحاب اﻷدلة والوثائق والمصادر ، ولكنها تمتاز بحرية الحركة والتحليق في فضاءات المعاني الواسعة.
والكتابة علي حالة العموم هي استخدام الحروف والجمل بمايخدم مهمة توصيل رسالة التعليم والتوجيه أو اﻹبهار واﻹمتاع وهي وجه من وجوه إستخدام اللغة ، واللغة وبلا أدني شك هي وعاء الفكر ومواعينه .
هناك من يري أن التدوين ضرب صارم من ضروب الكتابة بما يجعل تدوين تاريخ الفن نفسه وحركته (كتابة الفن) جزء اصيل اﻹنتماء للتدوين والتأريخ، ولكن هناك من يجد لذة في متابعة التدوين ويري أن في بعض المصادر التاريخية متعة خاصة ولعلهم يستعجلون إستدعاء تاريخ الطبري او مقدمة بن خلدون او الملل والنحل وحتي طبقات ود ضيف الله أو كاتب الشونة ، فيجعلونها جميعا أدلة علي أن للتدوين وكتابة التأريخ نكهة خاصة تبعد عنه الرتابة والجمود وصرامة الرصد.
فن الكتابة هو موهبة التأليف والتوليف واﻹبتكار واﻹبداع واﻹختيار الموفق للكلمات والمفردات والجمل وإظهار مفاتن اللغة وسحر التعابير، حتي لكأن لبعض الكتاب قدرات مدهشة تجعل لكتاباتهم عطرا يزكم اﻷنوف وألقا يضيئ اﻷمكنة ، ولربما تكون لكلماتهم اجنحة تحلق بالقراء عاليا بين السحاب.
فن الكتابة موهبة تتجلي في نصوص الشعر(فصيحا كان أم عامي) ونصوص النثر (قصة حكاية اقصوصة أو رواية)، ولذا هناك كتابات حالمة ، أو عالمة أو مشروخة أو سالمة.. هناك كتابات متحفزة واخري متراخية وغيرها متجددة أو ربما مستجدة أو مستبدة وفق الموقف لتكون مقالا يناسب المقام.. مثلما قال الشاعر الموله بعشق هند..
(ليت هندا انجزتنا ماتعد
وشفت انفسنا مماتجد
واستبدت مرة واحدة
إنما العاجز من لايستبد)
وللكتابة في حالتيها كتابة الفن أو فن الكتابة كامل اﻹستعداد في كل اﻷحوال بمافيها الحسم واﻹستبداد.
صحيفة التحرير