حلايب.. صرِّح واهرب
الزميلة الصحفية أميرة الجعلي بـ(اليوم التالي) استنطقت أحد المسؤولين، يبدو أنه طلب عدم ذكر اسمه فاضطرت – وبأضعف الإيمان – ولحرصها على تقديم المعلومة للرأي العام لأن تورد الخبر حول تطورات ملف حلايب على لسان (مصدر حكومي)..
لا نزال نستحي من المطالبة بحقنا جهرا.. ولا أعرف أي نوع من الحياء هذا؟، وهل هو فعلا نوع من التهذيب العالي أن نهمس بطلب حقنا الواضح البائن؟..!!
أتحدث مع الكثير من الإخوة المصريين هنا حيث أنا، أو بالأصح هم يبادرون ويسألون: “لزومو أيه الدوشة بتاعة حلايب اليومين دول يا أستاذ جمال..؟” أحدهم قال لي: “هو البشير كويس والله، وراجل جدع، بس ربنا يهدي الجماعة بتوعو..” صديق مصري آخر قال لي: “هو يعني بقت على حلايب؟ ما انتو متنازلين أهو عن تلت البلد”..
الشاهد أن الإخوة المصريين يتحدثون بوضوح ولا يخفون تمسكهم بحلايب بالحق أو بالباطل، والدليل العملي أن حلايب محتلة الآن ويحاولون تعزيز وجودهم فيها على طريقة التملك بوضع اليد..
الشعب المصري يتحول إلى هيئة دفاع ضخمة العدد عن ما يظنون أو لا يظنون أنه حقهم في حلايب.. أما نحن فحين يطلق المسؤولون عندنا تصريحات قسرية وتحت إلحاح الصحافة على الإجابة يبحث الواحد فيهم أولا عن المخرج الآمن لاسمه مثل كلمة ( مصدر) قبل أن يدلي بتصريحاته، تصريحات خجولة ومواربة ومنسحبة تكتيكيا على طريقة (صرح واهرب) وليتها كانت (اضرب واهرب) لنكبر فيهم الحماس المطعم بالذكاء..
ما المانع يا (مصدر حكومي) أن تسمح بذكر اسمك في الصحف وأنت تطلق تصريحات تعبر عن رد الفعل الأقل مليون مرة من حجم الفعل الذي قام به الطرف الآخر؟..
حين يعلن المسؤولون المصريون تحويل حلايب إلى مدينة مصرية مثلها مثل القاهرة وأسوان والأقصر وفصلها عن شلاتين، هل يكون رد الفعل هو تصريح من مسؤول حكومي لا تذكر الصحيفة اسمه بناء على طلبه طبعا، برغم أنه لم يقل شيئا يستاهل إخفاء اسمه، لم يهدد ولم يعلن عن قرار لكنه (لا يستبعد)..!!
(لا يستبعد) اتخاذ السودان إجراءات وخطوات لتأكيد سيادته على المنطقة، ورفع الأمر إلى مجلس الأمن، والمطالبة بالتحكيم الدولي..
(لا يستبعد) هذه عبارة لا تستحق إخفاء اسمك يا مولانا حتى ولو وضعوه في قائمة الممنوعين من الدخول للقاهرة كما تفعل السلطات المصرية دائما ومنذ أيام مبارك.. من ينتقد نظام مبارك في الصحف لا يحلم بالدخول إلى مصر لكن السودان (لا يستبعد اللجوء للتحكيم الدولي) عبارة خفيفة الظل لطيفة اللغة واللفظ لدرجة أنها في تقديري لا ترقى حتى لمستوى الإعلان عنها.. لغة ضعيفة غارقة في الحميمية غير الموضوعية..
أما إن كان السودان لا يزال يعول على خيار التفاهمات الثنائية فهو أيضا تضييع للوقت بلا فائدة لأن المسؤولين المصريين لا ينتظرون حتى نهاية التفاهمات لنسميها فعلا تفاهمات ثنائية يحترمها الطرفان فهم يقومون الآن بخطوات متسارعة وبخطة تمدد وسيطرة كاملة وتعزيز للوجود في الوقت الذي لا تزال دبلوماسيتنا تراهن فيه على خيار التفاهمات الثنائية بين البلدين.
(قمة المثالية) في تصريح المصدر الحكومي (الحساس) أن السودان حسب معنى حديثه يميل للتفاهمات تجنبا للتسبب في تصعيد التوتر السياسي بين البلدين في هذه الفترة المهمة في تأريخ مصر..
(شوف يا مصدر).. تأكيد سيادة السودان على حلايب اليوم قبل الغد وبشكل عملي، أولى وأهم من مراعاة الظروف النفسية أو السياسية للآخرين.
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي
[COLOR=#0A00FF][SIZE=4][FONT=Tahoma]شوفوا يا سودانيين حكومتكم دي باعت حلايب من زمان وببلاش كمان وبدون أي مقابل حتى ولو كلمة طيبة.[/FONT][/SIZE][/COLOR]