مقالات متنوعة

مؤتمر باريس فرصة ثالثة

من المقرر أن ينعقد هذه المرة مؤتمر باريس لدعم الاقتصاد السوداني في منتصف مايو القادم، ومن أهم أهدافه إعفاء السودان من ديونه وإعادة إدماج السودان فى المنظومة الدولية وتشجيع الاستثمار والتدفقات المالية عبر البنوك ورجال الأعمال للاستثمار في السودان مما سيفتح الكثير من آفاق الاستثمارات الجديدة التي ستعود بالفائدة على السودان من خلال التنمية والإصلاح الاقتصادي، كما تم الاتفاق على أن تتضمن المشاريع التي سيقدمها السودان في المؤتمر، محاور الزراعة والثروة الحيوانية بما يعزز التوجه الوطني لمسألة القيمة المُضافة لموارد السودان في هذا المحاور، بالإضافة للاستثمار في البنية التحتية والطاقة ومجال التعدين.
ومعلوم ان العاصمة الفرنسية باريس كانت من أوائل المدن التي دعمت الثورة السودانية من أجل تحقيق الحرية والسلام والعدالة، ويأتي المؤتمر بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمونيل ماكرون، الذي أعلن ان باريس تستعد لاستضافة أكبر تجمهر دولي لدعم السودان، تثمينًا لثورته الشبابية ذات الشعارات السامية حرية سلام وعدالة وذلك بإقامة مؤتمر دولي لدعم السودان اقتصادياً فى منتصف شهر مايو.
وكان قبل أسابيع شدد رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك على ضرورة أن تكون جميع المساهمات والمشروعات والبرامج المقدمة للمؤتمر في إطار أولويات الحكومة الانتقالية الخمس، وهى الاقتصاد، السلام، الأمن، العلاقات الخارجية وقضايا الانتقال الديموقراطي وحمدوك ترأس الاجتماع التحضيري لمؤتمر باريس، حيث أكد الاجتماع على أهمية التنسيق بين مختلف المؤسسات الحكومية والمجتمعية لضمان نجاح المؤتمر، الذي يُعتبر تدشينًا لعودة السودان للتفاعل الإيجابي مع المجتمع الدولي، بعد تجربة مؤتمري أصدقاء السودان، وشركاء السودان ببرلين.
ولكن هل عدت الحكومة عدتها جيداً للاستفادة من هذا المؤتمر حتى تجني ثماره عاجلاً، لا سيما ان الحكومة أتيحت لها كثير من الفرص ووجدت دعماً دولياً لم تحظى به حكومة من قبلها.
ولكن المتابع يجد أن كل هذه الفرص المتتالية التي تحصدها الحكومة تمر مروراً، لا ينعكس على الواقع الاقتصادي الذي يعاني تدهوراً كبيراً، فمؤتمر (شركاء السودان) الذي أقيم في برلين قدم مبلغ 1.8 مليار دولار لدعم الحكومة الانتقالية في السودان، لتحفيز الاقتصاد المتراجع ومساعدته في التغلب على أزماته المالية ولكن لم يستفد السودان شيئاً وتراجع الاقتصاد قبل المؤتمر ووصل مرحلة التدهور بعده.
وقد يكون مؤتمر برلين حقق البعد السياسي، في دعم الحكومة الانتقالية لكن الهدف الاقتصادي لم يتحقق بصورة كبيرة، لاسيما أن المبلغ الذي تم الإعلان عنه وهو 1.8 مليار دولار، يعتبر مبلغاً ضئيلاً ، قياساً بمؤتمرات شبيهة تمت في دول كثيرة وحققت أموالاً ضخمة، لذلك كان واضحاً أنه لم يفيد الاقتصاد مباشرة ، أو يقلل من عجز الميزان التجاري، وكان موجهاً للدعم النقدي المباشر، بالتالي عجز عن حل أكبر مشكلتين اقتصاديتين يعاني منها المواطن وهي غلاء الأسعار والتضخم.
لذلك يجب أن تستفيد الحكومة من تجربة المؤتمرات السابقة حتى يحقق مؤتمر باريس ، أهدافاً حقيقية وجوهرية ونتائجاً أكبر تنعكس على واقعنا وتدعم الاقتصاد اولاً دعماً حقيقياً بعيداً عن اللافاتات والمكاسب السياسية.
طيف أخير:
بلادي أحبك فوق الظنون وأشدو بحبك في كل نادي
***********

صباح محمد الحسن… صحيفة الجريدة