مزمل ابو القاسم

مزمل ابو القاسم يكتب.. الغربال

* لا ندري، لماذا تسرّع رئيس الوزراء في إعفاء ولاة الولايات طالما أن حكومته لم تكن جاهزة لتعيين الجدد؟

* نطرح السؤال ونعلم أن أصل العلة ليس في السلطة التنفيذية، بل في شركائها المتشاكسين، الذين يطيب لهم أن يتمثلوا نهج السلحفاة في كل ما يتعلق باستكمال هياكل ومكونات السلطة الانتقالية.

* صحيح أن الإعفاء لم ينتج فراغاً كاملاً في الولايات، بسبب إقدام الحكومة على تكليف الولاة المعفيين بتسيير دولاب العمل إلى حين تسمية الجُدد، لكننا نعلم كذلك أن المُكلّف ليس كالأصيل، لأن مهامه تقتصر على تصريف الأعمال ليس إلا.

* نجزم أن المكلفين سيستمرون في مناصبهم شهوراً عدداً، لأن الحاضنة السياسية (الممهولة) ستتلكأ كعادتها في ترشيح الولاة الجدد، نتاجاً للنزاع المرتقب على الكعكعة الولائية، مثلما لن تشغل الحكومة نفسها باستعجالهم، لأنها تفوقهم في البطء وضعف الإحساس بقيمة الزمن.

* نذكّر الناسين أن ولاية كسلا أمضت أكثر من عامٍ كامل بلا والٍ.

* وأن وزارة التربية والتعليم (بكل أهميتها الاستراتيجية للدولة ورمزيتها لحكومة الثورة) بقيت فارغةً بلا وزير قرابة الشهرين، بعد أن أسندت حقيبتها إلى مسار الشرق في اتفاقية جوبا المُنكرة من غالب المكونات الشعبية في الولايات الشرقية.

* كذلك مضى على الأمد الزمني المحدد لتكوين المجلس التشريعي الانتقالي في الوثيقة الدستورية أكثر من (19) شهراً، من دون أن نرى للمجلس أثراً، أو نلمس أي رغبة في تكوينه.

* كذلك مر أكثر من شهر على الموعد الذي حدده مجلس الشركاء لتعيين المجلس التشريعي في المصفوفة الزمنية التي سبقت تكوين حكومة حمدوك الثانية.

* المشهد يبدو أوفر قتامةَ على الصعيد العدلي، بنزاعٍ شرسٍ بين النائب العام ونادي أعضاء النيابة، وصل درجة تبادل الاتهامات بين الطرفين.. ذلك بخلاف التراشق بالشتائم واللكمات الخطافية بين وكلاء النيابة.

* في الهيئة القضائية ما زالت المحكمة الدستورية في طي الغيب، نتاجاً لعدم تكوين مجلس القضاء العالي، الذي نصت الوثيقة الدستورية على أن يحل محل المفوضية القومية للخدمة القضائية، ويتولى مهامها.

* لم يتم تكوين المجلس المكلف باختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية ورئيس القضاء ونوابه، فغابت معه المحكمة الدستورية المكلفة بالرقابة على القوانين والتأكد من دستوريتها، وصيانة الحريات والفصل في النزاعات ذات الصبغة الدستورية.

* بالمثل لم يتم تكوين المجلس الأعلى للنيابة العامة، المكلف بترشيح النائب العام ونوابه.

* لأن الشيء بالشيء يذكر لابد لنا أن نشير إلى غياب المفوضيات، التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، وعددها (12)، منها أربع يتولى تكوينها مجلس السيادة، وهي مفوضيات السلام والحدود وصناعة الدستور والانتخابات، وثماني يتولى رئيس الوزراء تسمية رؤسائها وأعضائها، وهي مفوضيات الإصلاح القانوني، ومكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة، وحقوق الإنسان، وإصلاح الخدمة المدنية، والأراضي، والعدالة الانتقالية، والمرأة والمساواة النوعية، وأي مفوضيات أخرى يرى مجلس الوزراء ضرورة تكوينها.

* البطء مستمر حتى في المسار التشريعي، مع أن الملف المذكور تتولاه وزارة العدل التي تضطلع بمهمة ابتدار التشريعات، وتقديمها إلى الإجازة في اجتماع مشترك يجمع مجلسي السيادة والوزراء.

* النتيجة حكومة مليئة بالثقوب والفراغات على كل الصُعُد، التشريعي والتنفيذي والعدلي والقضائي، وشركاء لا يحترمون المواقيت التي يعلنونها لمواطنيهم، ولا يحترمون الوثيقة التي تحرس حكمهم، وتوفر السند القانوني للمقاعد التي يتربعون عليها.

* غابت كل المكونات المذكورة أعلاه، وبرز بدلها مجلس حمل اسم (شركاء الفترة الانتقالية)، وأثار تكوينه جدلاً متصاعداً حول صلاحياته وحدود سلطاته، ووضح – بمرور الوقت – أن لا سلطة له ولا مصداقية، بعد أن راحت مصفوفته الزمنية المتعلقة بتكوين بقية هياكل السلطة الانتقالية (شمار في مرقة)!

* تستحق مكونات السلطة الانتقالية أن تنال لقب (الغربال)، بسبب كثرة الثقوب التي تعتري تكوينها المهترئ، ووفرة الانتهاكات التي تمت في عهدها لوثيقة دستورية.. قُدت من دُبرٍ ومن قُبلٍ قبل أن يجف حبرها، وتوالت انتهاكاتها حتى أشفقنا عليها من الإلغاء.

.

تعليق واحد

  1. يا أخي الكريم قالوا فاقد الشئ لايعطيه والله كل ما ذكرتهم لا يملكون شئ يقدموهو للسودان اليوم وبكرة وبعد بكرة والسنة القادمة وبعد 100 سنة، والله يكون في عون السودان وزي ما بقول المثل (فات التعيس وجا خائب الرجا).