محمد عبد الماجد يكتب: بلطجة بنيابة أمن الدولة!!
(1)
من اهم الاولويات التي جاءت بها ثورة ديسمبر المجيدة (العدالة)، وقد رفعت شعارها وهي في الشوارع السودانية تحبو، عندما كانت ثورة ديسمبر المجيدة مجرد (اطار) محروق، او (ترس) يغلق احد الشوارع الداخلية في احد الاحياء.
حينما كانت ثورة ديسمبر المجيدة مجرد (حلم) او (غراماً) كما يقول سيف الدين الدسوقي عاشق ام درمان (أهواها مذ كنتُ غراماً في عيني أمي وأبي)… حملناها هكذا حلماً وغراماً.. ورأيناها في اعين امهاتنا وابائنا.
وسط تجمع العسكر وحضور التاتشرات وكثافة الغاز المسيل للدموع – كانت الثورة شيئاً من المستحيل او هي المستحيل نفسه، وقتها كان ابناء هذا الشعب يموتون في الشوارع والميادين وهم يرفعون شعار (حرية .. سلام وعدالة). لم يطالبوا بالخبز ولا الدواء!!
ماذا سوف نقول للذين مضوا شهداء من اجل اسقاط نظام الانقاذ ، وقدموا الغالي والنفيس حتى تتحقق (العدالة) التي يحلمون بها وينتهي الفساد؟
ماذا نقول لهم بعد ان سقط نظام البشير ونحن الآن نقترب من مرور الذكرى الثانية لاقتلاع البشير، و (العدالة) ما زالت راياتها مكسورة؟
بل مازالت (العدالة) غائبة حتى في المحاكم والنيابات التي يفترض ان تكون هي الاحرص على تحقيقها وليس هي التي تستبيح شرفها.
لو كان ذلك يحدث في ملعب كرة قدم او ساحة حفلة غنائية كنا قبلنا به.. لكنه يحدث على اعلى المستويات القانونية وارفعها سيادة.
من أسوأ انواع (البلطجة) هي البلطجة التي تحدث من اهل القانون ومن رعاته.
(2)
نادي اعضاء النيابة العامة السوداني اصدر يوم 2 ابريل الماضي بياناً استنكر فيه وادان ما اقدم عليه وكيل اول نيابة أمن الدولة صهيب عبداللطيف من سلوك غير لائق وهمجي كما ذكر البيان وتمثل في الاعتداء السافر على الدكتور أحمد الحلا رئيس نادي اعضاء النيابة العامة امام مجلس المحاسبة الذي شكله النائب العام لاعضاء المكتب التنفيذي لنادي اعضاء النيابة العامة على خلفية اتهامهم للنائب العام باستغلال النفوذ واساءة استعمال السلطة ودفعهم بمذكرة لمجلس السيادة مطالبين بإقالته. هذا السلوك حدث من عضو لجنة محاسبة – من الاولى بالمحاسبة هنا؟
مثل هذا الامر لم يكن حتى يحدث في العهد البائد، أيحدث الآن في عهد النائب العام تاج السر الحبر؟ الذي طالب اعضاء نادي النيابة العامة السوداني باقالته فدخل معهم في مثل هذه الصراعات واوقف (12) وكيل نيابة من العمل مع ايقاف مخصصاتهم لتأتي محاسبتهم بتلك الطريقة والتي تمثلت حسب بلاغ الدكتور أحمد الحلا باستخدام القوة الجنائية في مواجهته وضربه بقبضة اليد (بونية) في العين اليسرى وذلك اثناء مناقشة شهادته كمحقق في مجلس محاسبته بنيابة التحقق الجنائي، مع بعض الشتائم اللفظية التي دونت في مسودة البلاغ مع وجود (5) شهود على هذه الواقعة.
ماذا ينتظر النائب العام اكثر من ذلك؟ – ام اننا سوف نقول لصهيب عبداللطيف الذي دون ضده البلاغ (اذا كان رب البيت للدف ضارباً)!!.. لكنهم هنا يضربون وكلاء النيابة. هناك خلل واضح وشكاوى كثيرة في الجهاز العدلي للدولة سوف تتسبب في (سيولة) امنية وفوضى جارفة اذا كان احد اعضاء لجان المحاسبة في النيابة العامة يتصرف بهذا السلوك. الأنكأ من ذلك ان هناك (12) وكيل نيابة تم ايقافهم بدون سند قانوني، منذ اكثر من ثلاثة اشهر، في الوقت الذي ترك فيه صاحب هذا السلوك بدون محاسبة وهو يتحرك بهذا الشكل التعسفي والجائر.
(3)
هذه القضية ليست هي قضية اعضاء نادي النيابة العامة وحدهم، هي قضية تهز الاجهزة العدلية كلها، وتضرب في جزء قانوني اصيل اذا فسد فسد الجسد كله.
يجب ان تكون هناك وقفة قوية من كل الاجهزة العدلية، كما يجب ان يتم تنوير الرأي العام بما يحدث في هذا الجانب – حتى يحكم (الشارع) بنفسه ان فشلت السلطات في تحقيق العدل. لم يكفهم ايقاف (12) وكيل نيابة وحرمانهم من ممارسة عملهم وصرف مستحقاتهم وفصلهم وابعادهم عن لجان التحقيق التي كانوا اعضاء فيها، وهم يحملون ارفع الدرجات العلمية ويمتلكون خبرات كبيرة في مجالهم، ويتسمون بكل خصل وصفات ثورة ديسمبر المجيدة ليذهبوا الى ابعد من ذلك عندما اصبح اعضاء لجان المحاسبة التي كونت للتحقيق معهم يمارسون عليهم بلطجة الافلام الهندية. أهذه هي المحاسبة؟ – ان كان اهل القانون يفعلون ذلك مع زملاء لهم في النيابة ماذا يفعل البلطجية؟
بل ماذا يفعلون مع عامة الشعب؟ هذا لا يحدث إلّا في الافلام الهندية الشعبية – عندما تتحدث عن فساد النيابات ومراكز الشرطة في المناطق الشعبية في الهند.
(4)
بغم /
المشكلة تبقي عويصة عندما يخالف القانون اهل القانون – وعندما يحمى الفاسدون بالقانون.
وعندما يصبح وكلاء النيابة (حراساً) لبوابات اهل السلطة.
صحيفة الانتباهة