عبد اللطيف البوني

القصة ما قصة أشخاص

(1 )
تناقلت الصحف والاسافير قصة شراء الشركة السودانية للمعادن لعقار بقيمة خمسين مليون دولار من الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي وهو خبر جدير بالانتشار لما فيه من مدلولات مهمة وتبدأ بأن شركة المعادن شركة قطاع عام انشئت بموجب قانون الشركات لعام 1925 كما أن الجهاز المشار اليه هو الآخر قطاع عام الغرض منه حماية وتطوير معاشات المتقاعدين فالشغلانة إذن قطاع عام يبيع لقطاع عام فالسؤال هنا اين وزارة المالية وقوانينها التي تنظم البيع والشراء في الممتلكات العامة ؟ ثم لماذا تشتري شركة قطاع عام عقارا بينما الحكومة تملك من العقارات ما يسد عين الشمس؟ فأيهما اولى سكن منسوبي الدولة ام مكاتب الدولة ؟ من ناحية شكلانية كيف تبيع الحكومة وتشتري بالدولار على عينك ياتاجر بينما القانون يقول إن التعامل يجب أن يكون بالجنيه السوداني (المسكين ) .؟ اما حكاية أن ثمن العقار كان مبالغة وكيفية التقسيط وان شركة المعادن كانت مؤجرة وهي الآن سوف تؤجر نصف العقار فهذا كله يستحق التوقف.
(2 )
هذا الجهاز الاستثماري لديه اموال مهولة تقدر بالترليونات فوجه تلك الاموال نحو شراء الأراضي والعقارات ليكون هو سبب ازدهار هذا النشاط الطفيلي فأضر بالاقتصاد السوداني ضررا بليغا اذ جعل الارض مستودع قيمة وليس منتج قيمة . هذا الجهاز مضافا اليه ديوان الزكاة يتبع لوزراة الضمان الاجتماعي فجعلها اغنى من وزارة المالية التي يجب أن تكون لها الولاية على المال العام . اما شركة المعادن فأطرف ما قرأت عنها ان لديها اموالا ضخمة في بند المسئولية الاجتماعية توزعها الادارة على كيفها . فالمسؤلية الاجتماعية تنطبق على القطاع الخاص فقط اما القطاع العام فأمواله كلها تحت تصرف الدولة تنفق منها على كافة الخدمات واجبا وليس تفضلا.
(3 )
الذي كشف تلك الامور هو تعيين السيد مبارك اردول رئيسا لشركة المعادن ولانه تعيين سياسي في وظيفة تكنوقراطية مع أن هذا من حقه كمواطن طالما انه تم وفقا للقانون الساري و لن يستطع احد ان يجرم او يخطئ السيد اردول او مدير الجهاز الاستثماري فيما قاما به من بيع وشراء لان القانون الذي يحكم المؤسستين يسمح بذلك فاذن المشكلة تقبع في تنظيم الدولة لهياكلها الادارية فهذه المؤسسات من شركات قطاع عام وصناديق ومؤسسات مستقلة نزعت من احشاء الوزارات نزعا اذ درج النظام السابق على تفريغ الوزرات بما فيها وزارة المالية من المؤسسات الايرادية لتتبيعها لرئيس الجمهورية ليسهل للذين حول الرئيس السيطرة عليها ومن جهة ثانية لتعطى الوزرات وهي منزوعة الدسم للمستقطبين من خارج الحزب الحاكم . فالذين وضعوا الوثيقة الدستورية لم يبذلوا اي مجهود في تبعيتها غير انهم قاموا باستبدال كلمة رئيس الجمهورية برئيس الوزراء لتستمر القراءة من ذات كتاب الانقاذ وبالسطر كمان . اذن ياجماعة الخير لاتشخصنوا القضايا واتركوا الافراد وانظروا الي( الشاسي ) فالفتلة هناك
(4 )
في تصريح للسيد مستشار رئيس الوزراء لإحدى الصحف قال وبكل صراحة ان المشكلة ليست في الشركات التابعة للقوات المسلحة وحدها انما هناك شركات مدنية تقوم بادوار أسوأ واضل منها بكثير فاذن ياجماعة الخير ذات النبيشة التي تعرضت لها شركات الجيش يجب أن تتعرض لها تلك الشركات والمؤسسات الايرادية المستقلة عن الوزارات والتابعة للدولة وبشدة الى أن تعود تلك المؤسسات لوزاراتها ووزارة المالية خاصة لتكون لها الولاية على المال العام ويقل الصرف الإداري وينتهي التشيع.

عبد اللطيف البوني – صحيفة السوداني