الكباشي محمد احمد يكتب: رسائل نهر النيل وولاية البطانة
لم تكن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو ووفده رفيع المستوى الى طيبة الخواض نهاية الاسبوع المنصرم مجرد لقاء جماهيري حاشد انفض سامره بنهاية اللقاء، وقد جمع اطياف السياسة والادارات الاهلية وممثلين للحركات المسلحة، ولكن لا بد من الوقوف على الرسائل التي خرجت من افواه المتحدثين، بل حتى اصوات الجماهير وهي تقاطع بعضهم وتبعث احياناً بمطالب خدمية واخرى سياسية، بينما جاءت كلمة العمدة عبد الباسط عبد الله تحمل نبض الحراك، عندما اشار الى ما وصفه بالظلم الذي تعرض له الشمال بسبب اتفاق جوبا، وليؤكد ما ذهب اليه وجه العمدة سؤالاً مباشرا للجماهير: (بتعرفوا الجاكومي؟) قبل ان ياتي الرد سريعاً (لا نعرفه ولا يمثلنا)، بينما حاول الفريق حميدتي ارجاع الكرة وصد الهجمة وتهدئة الخواطر، وبعث تطمينات الى الحضور بقوله: (إن اتفاق السلام لم يظلم أحداً) وأضاف قائلاً: (إن تقسيم السودان الى أقاليم سيؤكد العدالة في توزيع السلطة والثروة)، مبيناً ان اتفاق جوبا مفتوح وغير مقفول، وقال: (إذا هنالك ظلم للشمال والشرق نجلس ونتفاوض)، مؤكداً أنهم لم ولن يفرضوا قيادة بعينها على أي إقليم. ولكن الاجابة احتسبها البعض (هدف تسلل)، بينما جاءت كلمة د. جبريل ابراهيم وزير المالية تمضي في تهدئة اللعب بقوله ان الميدان الآن مفتوح للجميع للمشاركة.
هكذا جاءت كلمات المتحدثين وبين سطورها قراءة متأنية للمحللين والمختصين، وخلفت وراءها ردة فعل مازالت تشكل حديث المجالس، بينما تفاجأ كثيرون بتغييب كلمة رئيس شورى قبائل نهر النيل مبارك عباس، خاصة ان الرجل هاجم قبل ايام اتفاقية سلام جوبا، وقال انها تؤسس للظلم وتفتيت البلاد الى دويلات، وبالتالي لم يُستبعد تكون كلمة الرجل قد الغيت بتوجيهات عليا.
وليس بعيداً عن اتفاق جوبا والحراك الذي تشهده الساحة هذه الايام، القرار الذي اصدره رئيس مجلس السيادة حول عودة نظام الاقاليم، وهو ما فتح شهية كثير من المكونات بالولايات، حيث بدأت كثير من الاصوات تعلو استباقاً لانفاذ قرار عودة الاقاليم، وها هي جماهير ولاية القضارف تطالب باعلان اقليم البطانة، والبطانة موزعة بين خمس ولايات في ظل حكم الولايات، وموزعة على ثلاثة اقاليم في النظام الاقليمي، وطبيعة البطانة وحقيقتها هي اقليم منفصل، لأن كل مقومات الاقليم متوفرة بحسب ما صرحت به قيادات الاقليم، باعتبار انه يصب في خانة اقتسام الثروة والسلطة على مستوى الحكم الاتحادي والدولة، والقضارف التي لم تجد حظها من التنمية خاصة مشروعات إعمار الشرق، حانت الفرصة للمركز ان يرد الدين لاهلها حتى تنطلق مارداً.
وطالما نص المرسوم الدستوري على أن يطبق نظام الحكم الفيدرالي عقب انعقاد مؤتمر نظام الحكم الذي سيحدد الأقاليم وعددها وحدودها وهياكلها، بالإضافة إلى اختصاصاتها وسلطاتها ومستويات الحكم والإدارة، فإن الفرصة متاحة لاهالي البطانة لدعم هذا المقترح واعداد دراسة متكاملة قبل انطلاقة المؤتمر.
الحديث عن انشاء اقاليم جديدة لم ولن يتوقف عند مقترح اهالي البطانة، وسيفتح الباب على مصراعيه امام عدد من المكونات تارة على خلفيات اقتصادية واخرى قبلية، وليس التقسيم الاداري الذي جاء باكثر من (170) محلية ببعيد عن الاذهان.
صحيفة الانتباهة