مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب : انتبهوا وإلا…

(1)
في الدول المحترمة تُعِدُّ الأحزاب رجالها للسياسة وإدارة شؤون الحكم فيُنشَّئُونهم على الكياسة والحنكة والحكمة وحسن التدبير، فيتعلمون متى يضعون الحسم في موضع الحسم ، ومتى يضعون الرحمة موضع الرحمة بلا تفريط أو إفراط … يصقلونهم بالتدريب والتجارب والخبرات حتى إذا تقلدوا شؤون الحكم والسياسة تصرفوا بما يليق برجل الدولة وليس السوقة والغوغاء… حتى التاريخ القديم ينبئنا أن الملوك والأمراء كانوا يُعدُّون أبناءهم وأحفادهم ليكونوا رجال دولة فيجلبون لهم أفضل المربين والمعلمين والمدربين ويسمحون لهم بحضور مجالس الحكم والسياسة … شؤون الحكم والسياسة لا تستقيم ولا تصح إلا بالتدريب والإعداد والتعليم المتقن والتنشئة الجيدة، مثل شؤون الجيش والعسكر تماماً فإذا لم يتم إعداد الجيش بشكل جيد تنظيماً وتدريباً وتسليحاً لا يستقيم أمره ولا يصح على إطلاقه..
(2)
الآن عندما نُدرك هذه الأبجديات ونسقطها على الساحة السودانية سنرى من خلالها أحزاباً هشة خفيفة الوزن صغيرة الحجم عالية الصوت مهيضة الجناح ترى من خلالها البؤس من كل جانب، أحزاب تقتات من سمعة زعمائها وتكتفي من السعي بذاك، وأخرى انتهازية تتسول موائد السلطان متى ما سنحت لها الفرصة انتهزتها وغيرت جلدها من المعارضة إلى الحكومة، وثالثة متسلقة تعيش حياة الطفيليات بلا هدف إلا توظيف بعض ظواهرها الصوتية لإسكاتها بالوظيفة، ورابعة بلا وجود ولا أثر إلا في الإعلام… فهم جميعاً إلا من رحم ربي السياسة وشؤون الحكم عندهم فهلوة وانتهازية ومغنم بلا مغرم..
أحزاب اغفلت بناء نفسها وهياكلها ومؤسساتها وتدريب كوادرها وإعدادها للحكم حتى إذا جاءتها فرصة الحكم اضطربت وهاجت وماجت كما يفعل الثور في مستودع الخزف أو «ديك العدة» في أحسن الأحوال، أحزاب تتحرك في كل الاتجاهات وبلا بوصلة وفي كل حركة ضرر وخسران للدولة والشعب ذلك لأنها لم تهيئ نفسها للحكم ولم تُعد شبابها وكوادرها لتحمل المسؤولية…
(3)
ونتيجة لهذا الفراغ الكبير الذي تركته الأحزاب تمدد أصحاب الطموح من العسكر والانتهازيين والجهلة وتداعوا لسد هذا الفراغ الواسع، فهل نلوم الجهلة والقتلة والنهبة أم نلوم الأحزاب التي اغفلت كل هذا وانشغلت بالصراع على المناصب والمواقع والفتات والتآمر والدسائس…
وتأسيساً على ما سبق أعلاه لن استغرب ما يحدث الآن من صعود لعناصر ليس لها من السياسة والحكم وحسن التدبير إلا الاسم فقط وليس لها من الوقار إلا ربطة العنق… وعناصر تتحدث باسم الدولة وباسم العلماء والأطباء والمهندسين وقادة الرأي ونجوم المجتمع بلغة السوقة كلاماً يسم الأبدان ويدمي القلوب، وتجادل كما يجادل أصحاب «الدرداقات» في أسواق الجمعة..
(4)
هذه الأوضاع والتشوهات إذا لم تُصحح فإننا سنصبح أمام وضع غريب وفي غاية الشذوذ، وعلى الأحزاب أن تُعد نفسها لإدارة شؤون البلاد وتدرب كوادرها وتضبط عضويتها وتصحح أخطاءها وتحسن إدارة نفسها لأنه وببساطة شديدة ليس هناك فرصة لأي حكم غير الحكم الديمقراطي وهذا لن يكون إلا بتنافس الأحزاب على صناديق الاقتراع ليعرف كل حجمه ووزنه الحقيقي، فكل إنسان ميسر لما خلق له فليس كل من امتلك القوة والسطوة تقدم لقيادة الناس… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة

تعليق واحد

  1. هذه الاحزاب الموجودة الان غير جديرة بحكم السودان ولا تفهم فى الحكم ولا السياسة بل ضيعت البلد وليس لديهم اى خبرة فى الإقتصاد