زيارة حمدوك لمصر .. تطريز “المسكوت عنه” بخيوط الدبلوماسية الناعمة
حين حطت طائرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك فوق مدارج مطار القاهرة الدولي خلال زيارته الأخيرة لمصر، كانت العاصمة السودانية الخرطوم، قد سبقت زيارة حمدوك هذه، بإطلاق استراتيجيتها الدبلوماسية الجديدة للتعاون مع مصر لأقصى درجة ، وفي سبيل ذلك تبادلت الخرطوم والقاهرة عدداً من الزيارات الرسمية للمسؤولين في البلدين احتفت بها وسائل الاعلام السودانية والمصرية كأكبر اختراق دبلوماسي حقيقي بين البلدين، بل تغزل خبراء مصر وأكاديمييها في وصف زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأخيرة للخرطوم بأنها كانت بمثابة تدشين حقيقي لمرحلة جديدة من تاريخ العلاقة بين البلدين الشقيقين. وفي غضون أسبوع بعد زيارة السيسي للخرطوم، جاءت زيارة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك للقاهرة تأكيداً على جدية الحكومة السودانية بشقيها العسكري والمدني نحو إحكام التنسيق والتعاون المشترك بين الخرطوم والقاهرة، فضلاً عن حمدوك أعلن من داخل القاهرة تغيير الصورة النمطية للعلاقة بين البلدين وفتح ” المسكوت عنه” لتستقيم العلاقة على أعمدة راسخة من التعاون والصدق المتبادل.
حلايب وشلاتين
كان حمدوك يُدرك جيداً اتجاهات الرأي العام المحلي عن وضعية المثلث الحدودي “حلايب وشلاتين” ، وكيف ظل هذا المثلث مثار جدل طويل وتشاكس مكتوم بين البلدين، وعلى الرغم من أن القضية مثار الجدل هذه ظلت ولسنوات طويلة تُحظى بتجاهل وحساسية بالغة بين المسؤولين السودانيين والمصريين، إلا أن الشاهد يقول أن الرأى العام المحلي في السودان ظل دائماً يُذكر الحكومات السودانية بضرورة الفصل الحاسم في مثل هذه القضايا التي تتعلق بفكرة السيادة الوطنية عموماً. ولما تخطت الحكومة الانتقالية عقبة الحساسيات العالية مع دول الجوار فيما يتعلق بمنطقة “الفشقة” شرقي السودان مع الحدود الإثيوبية، واتخذت فيها موقفاً حكومياً جاداً وشجاعاً، لم يتوقف في محطة الجدل الدبلوماسي ، بل تعداها إلى “تجييش” مشاعر السودانيين عبر دعم ومؤازرة الجيش السوداني الذي ينشط الآن في الحدود الإثيوبية لبسط سيطرته على أراضيه، كان الرأي العام المحلي دائماً ما يتجه للحديث عن حلايب وشلاتين رغم الفوارق الكبيرة بين أسلوب المليشيات الإثيوبية وظل الإدارة المصرية في حلايب، ولكن لم يكن “حصيفاً” بالنسبة للحكومة السودانية أن تخلط الأوراق بذات النهج والأسلوب، خصوصاً وأن المليشيات الإثيوبية ارتكبت حماقات وإعتداءات غير مبررة داخل الأراضي السودانية، بل واعتدت حتى على نقاط عسكرية تتبع للقوات السودانية المُسلحة. وهكذا وتحت ظل الرأي العام السوداني وصل حمدوك القاهرة، وكان يسيير فوق ” البساط الأحمر” المصري بثقة كبيرة في كونه رئيساً لوزراء حكومة أتت للوجود بعد مخاض عسير وتضحيات باهظة دفعها الشعب السوداني نضالاً ومقاومة وصموداً أمام أعتى الآليات القمعية التي عرفتها البشرية إبان نظام المخلوع البشير. دعا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من داخل أرض الكنانة إلى فتح ملف مثلث حلايب وشلاتين مع مصر من أجل التفاهم حوله. وجاءت هذه الدعوة خلال لقاء حمدوك خبراء أكاديميين وباحثين بالعاصمة المصرية القاهرة، حسب وكالة الأنباء السودانية. وطالب حمدوك “بضرورة الحديث عن المسكوت عنه في العلاقات بين البلدين، وفتح ملف حلايب وشلاتين من أجل الوصول إلى تفاهم حوله”. وأضاف أن “التاريخ والمصير المشترك للشعبين السوداني والمصري يمكنه خلق منارة للعالمين الإفريقي والعربي”. وأشار إلى “رؤية حكومة الفترة الانتقالية بالسودان للدفع بعملية الانتقال من خلال الإصلاح الاقتصادي، وهيكلة الأجهزة الأمنية، وبناء علاقات خارجية متوازنة”. ولفت إلى “إمكانية بناء العلاقات المصرية السودانية على أساس مصلحة الشعوب”.
تأكيدات مصرية
كان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، قد استقبل نظيره السوداني، عبدالله حمدوك، الذي وصل مطار القاهرة صباح الخميس المنصرم، في زيارة رسمية لمصر، على رأس وفد رفيع المستوى ضم وزراء شؤون مجلس الوزراء، والخارجية، والمالية، والتخطيط الإقتصادي، والري والموارد المائية، والاستثمار والتعاون الدولي، والصحة، ومدير المخابرات العامة، وعددا من المسؤولين وجاءت زيارة رئيس الوزراء السوداني لمصر، من أجل بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، والبناء على نتائج الزيارة المهمة التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الخرطوم الأسبوع الماضي. رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، قال خلال لقائه برئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك، إن هناك توجه استراتيجي للقيادة والحكومة والشعب هو الدعم الكامل واللامحدود لأشقائنا في السودان. وأكد مدبولي، خلال جلسة المباحثات المشتركة التي جمعته بنظيره السوداني، ووفد من حكومتي البلدين، أن الرئيس السيسي يعطي توجيه دائم للحكومة بإيلاء كل الدعم السياسي والاقتصادي للأشقاء في السودان بجميع المجالات؛ لدعمهم في عبور هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الدولة السودانية. وعقب جلسة المباحثات الثنائية الموسعة، عقد رئيسا وزراء البلدين مؤتمرًا صحفياً، جدد مصطفى مدبولى، في مستهله الترحيب بالدكتور عبدالله حمدوك، والوفد الوزاري رفيع المستوى المرافق له، خلال زيارته لبلده الثانى مصر، وأكد مدبولى أن الزيارة تأتى فى إطار حرص الدولتين الشقيقتين على دعم وتعزيز أطر العلاقات الاستراتيجية التى تستمد قوتها من الروابط التاريخية بين البلدين، مشيراً إلى الزيارة المهمة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لبلده الثانى السودان مطلع الاسبوع الفائت، واليوم نشرف بزيارة الدكتور عبدالله حمدوك، بصحبة وفد وزارى رفيع المستوى، إستهلها بمقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى أكد خلال اللقاء دعم مصر الكامل قيادة وحكومة وشعباً، للأشقاء فى السودان، فى مختلف أوجه التعاون، فى إطار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتى تتضمن تنفيذ عدد من المشروعات التنموية خلال المرحلة المقبلة لخدمة أهلنا فى السودان.
ملفات أخرى
رئيس وزراء السودان، عبدالله حمدوك، من جانبه وفي المؤتمر الصحفي، أعرب عن سعادته بهذه الزيارة إلى مصر، التي تأتي في إطار العديد من الزيارات الرسمية المُتبادلة بين الجانبين، كان آخرها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الخرطوم، السبت الماضي، لافتأً إلى أن هذه الزيارات تؤسس لإيجاد نوع جديد من العلاقة بين البلدين اللذين تربطهما أواصر الثقافة والدين والتاريخ والمصير المشترك. وأكد «حمدوك» سعادته بأن اللقاء الأول له في هذه الزيارة كان مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث شهد مناقشة كل الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها قضية سد النهضة، معرباً عن تطلعه إلى عقد لقاءات ثنائية بين الوزراء من الجانبين، تعالج كافة الملفات الإستراتيجية في العلاقة بين البلدين والشعبين، ومنها قضية ربط السكك الحديدية، والنهري، والبري، ومجالات التعليم العالي، والبحث العلمي، والزراعة والثروة الحيوانية. ولفت حمدوك إلى أن بلاده بدأت خلال الشهور الستة الماضية تجربة جديدة في الإصلاح الإقتصادي، لإتخاذ قرارات توصف بانها صعبة، لكنها كانت مهمة جداً، وضرورية، حيث تم التعامل مع موضوع الدعم السلعي، ثم اتخاذ قرار توحيد سعر الصرف، مؤكداً أن السودان استفادت في قراراتها تلك من التجربة المصرية التي بدأت اتخاذ مثل هذه القرارات قبل أعوام قليلة. وفيما يتعلق بموضوع سد النهضة، أكد «حمدوك» أن رؤي الجانبين توافقت تماماً حول أهمية الوصول إلي تفاهم يسمح بأن يحقق هذا السد طموحات ومصالح شعوب المنطقة في مصر والسودان وإثيوبيا، ولكن في الوقت ذاته يجب أن يعالج هذا الملف بحيث لا يحدث فيه ضرر لأى من البلدان الثلاثة، وأضاف قائلا: «شهدنا العام الماضي الملء الاحادى للسد الذى تم في يوليو الماضي، ونعلم أيضاً أن هناك توجهاً من إثيوبيا لملء السد في يوليو المقبل، وهذا يتيح وقتاً قصيراً جداً للتعامل مع هذه المسألة، لكننا كلنا أمل بأننا سوف نستطيع، خلال هذه الفترة القصيرة، أن نحقق إمكانية أن يتم هذا الملء بطريقة متوافق عليها وأن نصل إلي إتفاق يسمح بذلك». واختتم عبدالله حمدوك كلمته لافتاً إلى أن هناك عدداً كبيراً من الملفات يسمح للوزراء بالعكوف علي دراستها والعمل عليها والخروج بخارطة طريق عملية ممكنة التنفيذ، مشيراً إلي أن ذلك يسمح بتعزيز العلاقة الاستراتيجية بين شعبي البلدين لخدمة المصالح الحياتية.
صحيفة الجريدة
تصريح حمدوك عن حلايب كارثة كبرى … فلن يعيد حلايب ولن يجد ود مصر وحتى حلفاء مصر من دول الخليج ..
التوقيت ليس مناسبا لهذه التصريحات .. ماهي ورقة الضغط التي يمسكلها حمدوك ضد مصر .. ؟
هل يظن حمدوك انه اشطر من الكيزان … لا والله فالكيزان فيهم عباقرة ودبلماسية نادرة .
ومصر لم تدخل حلايب الا بعد ان وجدت السودان في حالة ضعف شديد بسبب الحروب التي وجدها والتي حدثت في عهدهم ..