الطاهر ساتي يكتب.. تحرير القمح..!!
:: وصلاً لما سبق، وكانت قضية الأمس رفضاً لقرار والي الشمالية القاضي بسجن المزارعين وتغريمهم، في حال بيعهم محصول القمح لأية جهة غير البنك الزراعي، ثم ناشدت الحكومة بالخروج من هذا (النفق الضيق)، بحيث تكون للمزارع حرية بيع قمحه لمن يدفع أكثر، مصرفاً كان أو غيره.. وأن من الخطأ تحديد سعر القمح قبل الإنتاج في ظل هذا التضخم، وإن كان لا بد من سعر حكومي للقمح فيجب أن يكون في شهر الحصاد، وليس شهر التحضير..!!
:: ذاك ملخص زاوية الأمس، ويبدو أن هناك بعض الاستجابة، وليس كاملها.. فاليوم، سوف يُعلن مجلس الوزراء عن سعر تأشيري آخر للقمح، وأن السعر قابل للنقاش، وأن مصلحة المزارع أولوية فوق كل المصالح، وأنّ الحكومة منحازة للمزارع، وأن قمح هذا العام يغطي (70%) من الاستهلاك، هكذا كان تصريح رئيس الوزراء بالأمس.. وهذا يعني إلغاء السعر المعلن في شهر التحضير (10.000 جنيه، للجوال)، ثم طرح سعر آخر..!!
:: هذا الارتباك يكشف أن الحكومة تمتثل للضغوط أكثر من إيمانها بالخُطط والدراسات.. لو كانت حكومة خُطط ودراسات لخطّطت ودرست ثم وضعت الأسعار المناسبة بمهنية عالية، ليربح المزارع وتكسب الدولة، بلا ارتباك أو تغيير الأسعار التأشيرية بين الحين والآخر.. فالشعب يريد دولة مؤسسات تعمل بمهنية، وأجهزة قوية تصنع القرار المناسب في الوقت المناسب، ومن الخطأ أن تعيد حكومة الثورة إنتاج الدولة العشوائية..!!
:: والمهم، الإعلان عن سعر تأشيري آخر ليس حلاً جذرياً.. فالحل الجذري هو خروج الحكومة من نفق الأسعار التأشيرية، وأن يتم تحرير إنتاج وتسويق القمح أيضاً، أي كما الوقود وسعر الصرف وكل السلع.. ولعلكم تذكرون في الموسم الماضي، أعلن مجلس الوزراء عن ثلاثة أسعار تأشيرية، (2.500 جنيه) و(3.000 جنيه) و(3.500 جنيه)، ومع ذلك فشل في السيطرة على المزارعين وأسواق القمح، رغم الوعيد بالسجن والغرامة..!!
:: وهذا ما سيحدث أيضاً.. أي ما لم يستخدم مجلس الوزراء كل الجيوش – بما فيها جيوش حركات الكفاح المسلح – فلن تتوقف عمليات بيع وشراء القمح بالأسواق.. ولو أرغم مجلس الوزراء المزارع على البيع للبنك الزراعي فقط، وبالسعر التأشيري فقط، فهذا يعني فتح أبواب التهريب، ثم الإحجام عن زراعة القمح في الموسم القادم.. بالمنافسة الشريفة، والتي منها تحرير الأسواق وفتح الاستيراد، تُكافح الحكومات، المُضاربين والمهربين والمُحتكرين..!!
:: وليس هناك ما يبرر حصر بيع القمح – للحكومة – بالسعر التأشيري.. أما المزاعم التي من شاكلة أن القمح سلعة استراتيجية وعلى الحكومة أن تضع يدها عليها، فإن هذه الأسطوانة (معيبة ومشروخة)، ولا تليق بمن حرروا كل الأشياء، بما فيها سعر الصرف.. ولو أن الغاية من حصر بيع القمح بالسعر التأشيري هي التحكم في سعر الرغيف، بحيث يكون مدعوماً، فإن الحكومة هي المسؤولة عن الدعم، وليس المُزارع..!!
صحيفة الصيحة