مقالات متنوعة

معركة التشريعي ورئاسته

يبدو أن واقع التجاذب وجهود الاختطاف لأدوات وسلطات الفترة الإنتقالية بدأ في الاستعار من جديد بين مكونات الفترة الانتقالية ( وعلى الشيوع ) قديمها المتمثل في ( أرخبيل ) قحت وجديدها المتمثل في أطراف العملية السلمية ،، او قل في طفو هذا التجاذب إلى سطح المشهد بعد أن كان مكتوما بعض الشيء وتحديدا في قضية تكوين المجلس التشريعي وتعيين عضويته ،، والأهم والمثير والخطير في تسمية رئيسه ، الذي سيحتل بروتوكوليا الخانة الثانية في الدولة بعد رئيس المجلس السيادي ويسبق في القائمة الرسمية رئيس القضاء ورئيس الوزراء ،، هذا على مستوى الشكل ، اما على مستوى المهمة فرئيس المجلس التشريعي ( البرلمان الإنتقالي ) سيكون الشخصية الاكثر تأثيرا في كثير من المخرجات التشريعية والتقريرات الرقابية ..
من شواهد الأمس التصريح الذي أدلى به الرجل المحترم د.الواثق محمد أحمد البرير الأمين العام لحزب الأمة لموقع ( النورس نيوز ) الذي قال فيه ( إن الحزب لم يقاطع المشاركة في المجلس التشريعي، وانما وجه عضويته في الولايات بعدم التعامل مع لجنة تتبع لقوى الحرية والتغيير مهمتها التشاور حول تشكيل “التشريعي”) .. وهذه دلالة علي ما ذهبنا اليه أعلاه ،، لكن الدلالة الأكثر حدة ما أشار اليه د. البرير في حديثه لنفس الموقع بقوله ( إن حزب الامة يرفض المنهجية المتبعة في اختيار التشريعي، دون التوافق بين المكونات المختلفة، ونوّه إلى أنّ “قوى الحرية” خاطبت التنسيقيات بالولايات أن ترفع الأسماء، وزاد “هذا سيخلق نوع من الفتن والزعزعة قد تقود البلاد إلى مشاكل ) .. ثم يأتي البرير ليبين اين العلة ـ حسب رؤية حزبه ـ المتمثلة في كيفية التمثيل من حيث نسب الولايات والأوزان ومن الذي يُمثل؟ .. ويقر د. البرير انهم حتى يومنا هذا لم يجتمعوا حول ذلك الأمر ،، بالطبع كقوى حرية وتغيير ،، وبلا شك أن حديثا كهذا من شخصية تمثل احد اكبر الأحزاب يحمل في باطنه مؤشر تأخير تشكيل المجلس التشريعي وعدم الالتزام بالمصفوفة التي أقرها مجلس شركاء الفترة الانتقالية .
في فترة سابقة برزت تحليلات قوية مستندة على معلومات واقعية تؤكد أن هناك سباقا محموما بين الدكتورة مريم الصادق المهدي نائب رئيس حزب الأمة والأستاذ ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية / ش / عقار ـ للظفر بمنصب رئيس المجلس التشريعي للاعتبارات آنفة الذكر مضاف اليه الطموحات الشخصية لكليهما ـ فالمنصورة كانت تسندها ايضا أحقية الحزب الكبير في المنصب التي كان ينادي بها حزبها قبل رحيل الإمام ورئيس الحزب طيب الله ثراه ـ أما وقد نالت د. مريم الآن حقيبة إحدى الوزارات السيادية فطبيعي ان تنتفي فرضية توليها رئاسة التشريعي بجانب الحديث المتداول أن المنصب صار من نصيب أطراف العملية السلمية ..
تصريحات ياسر عرمان المتكررة عن زهده في المناصب كان من الواضح انه يعني بها المناصب الوزارية في الجهاز التنفيذي – لكن بلا شك توافر الفرصة الآن امامه لتنسم موقع رئاسة التشريعي سيدفعه وآخرين من المضي المضني لنيله ، لكن ذلك الهدف مواجه بتحديات عديدة منها حسم الإقرار ( بموجب معادلة المحاصصة ) بأن المنصب حتي داخل أطراف العملية السلمية هو من نصيب الحركة ش / عقار / – ثم من بعد أن قسمت المحاصصات المناصب بين القوى والجهات الجغرافية ـ ان يقع المنصب لجهة الوسط ،، ويبقي تحدي التوجه التشريعي لعرمان ومناصريه من الحلفاء .
الحركة الشعبية شمال منذ ما قبل الإنشطار الحلو / عقار كانت تعتبر نفسها هي الممثلة للمنطقتين برمزية عبدالعزيز الحلو في جنوب كردفان ورمزية مالك عقار للنيل الأزرق ولكنها كانت ترسخ أيضا لتمثيلها للوسط والشمال برمزية ياسر عرمان وهذا التمثيل الشمالي الوسطي كان يضم تحت جناحه المتحالفين من القوى اليسارية والمناصرين من الواجهات المفترض أنها تمثل المجتمع المدني ،، وفي خضم مفاوضات السلام الأخيرة بجوبا اصطدم هذا التمثيل ببروز مسار الوسط الذي انتزع حق التفاوض باسمه اسوة ببقية المسارات التي ادارت وقادت التفاوض ،،، لتقع المواجهة المحتدمة بين ياسر عرمان وصاحب المسار الجديد الأستاذ التوم هجو ويتعرض الأخير لحملة شعواء من حلفاء ومناصري عرمان وغرفهم الإعلامية .
معركة تكوين المجلس التشريعي وتنصيب رئيسه بالنسبة لكافة قوى اليسار بما فيها الحزب الشيوعي وواجهاته هي معركة الفرصة الأخيرة لرسم الواقع القادم وفق رؤيتها ، وهذه الرؤية من العسير أن تتوافق مع رؤى الاحزاب الكبيرة والتقليدية ـ بدلالة تصريحات د.البرير أعلاه ـ بل تتقاطع معها بشدة ، لأن كل الدلالات تؤشر الي أن صناعة قانون الإنتخابات القادم ( الهدف الرئيسي للتشريعي ) حسب رؤية القوى اليسارية سيذهب إلى ضرب قواعد القوى التقليدية في الدوائر الجغرافية واستحداث صيغة التمثيل الفئوي وتمثيل الواجهات التي بغيرها لن تتمكن هذه القوى اليسارية من حكم البلاد ،،، وستنبئ الأيام ،، وإلى الملتقي …

صحيفة السوداني

تعليق واحد

  1. حزب الغمة ده ماكفاهو ده حزب بيت وطائفي..والسؤال من56 القدموهوا للبلد شنو غير بعد كل حكومةليهم يجي إنقلاب بسبب سياستهم والناس ترحب به ليس حبآ فيه وإنما كرهآ في أحفاد المهدي الذين يتكالبون على المناصب وقد ظلت البلاد في تأخر منذالإستقلال وحزبهم موجود في الساحة.!