طه وهارون .. وفض الاعتصام .. اتهام أم استجواب وشهادة ..؟؟
“ليلة الغدر” و”مجزرة القيادة العامة”، هكذا وصف مغردون الحادثة، ليتحولا إلى وسميْن تصدّرا قائمة الهاشتاقات الأكثر تداولاً عربياً وعالمياً خلال العام 2019، وتتالى ليستمر للعديد من الأشهر عقب وقوع الحادثة الشهيرة.. ورغم مرور وقت طويل على هذه الواقعة، إلا أن أمر فض الاعتصام الشهير لا زال سراً يكتنفه غموض بالغ رغم مرور أكثر من عامين على ارتكاب المجزرة، ورغم تكليف وتكوين لجنة مختصة برئاسة القانوني نبيل أديب للاضطلاع بأمر هذه القضية التي تفجرت بسبب مجزرة فض الاعتصام الشهير.. إلا أنها لا زالت تواصل عملها ولم تظهر نتائج حول المجزرة بعد.
وفي محاولة للنيابة الوصول لنتائج قبل مرور الذكرى الثانية في هذه القضية اتهم النائب الأسبق للرئيس المعزول علي عثمان محمد طه، و رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول مولانا أحمد هارون بعد عامين ونيف من الزمان.. ولكن طه وهارون، رفضا الإدلاء بأقوالهما أمام وكيل نيابة الخرطوم شمال في قضية اتهامهما بفض الاعتصام. وقد اتهم هارون بإحضار قوات من مدينة الأبيض للمساعدة في فض اعتصام القيادة العامة بينما أخذ على طه اعترافه بقوات وكتائب الظل واتهامها بفض الاعتصام. ومثل أمام نيابة الخرطوم شمال أمس الأول، المتهمان (طه وهارون) للتحري معهما حول الدعوى الجنائية التي قيدت ضدهما بإحضار قوات من الهجانة من حاضرة ولاية شمال كردفان الأبيض على متن بصات للمساعدة في فض اعتصام القيادة الشهير. فيما رفض رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول أحمد هارون، الإدلاء بأقواله إلا في حضور محاميه، في ذات الوقت رفض النائب الأسبق للمعزول علي عثمان محمد طه الإدلاء بأي أقوال أمام النيابة وطالبهم بإحالة أوراق البلاغ للمحكمة. وكشفت النيابة العامة بأن وكيل نيابة الخرطوم شمال عبد الرحيم الخير هو الموكل بإجراءات التحقيق مع القياديين (طه وهارون) في الدعوى الجنائية التي دونت ضدهما بالرقم ١٥٥٤١/ ٢٠١٩م تحت مخالفة نصوص المواد ٢١/ ٢٥/ ١٤٤/ ٦٥ من القانون الجنائي لسنة 1991م التي تتعلق بالاشتراك والتحريض في منظمات الإجرام والإرهاب والمادتين ٥ / ٦ من قانون مكافحة الإرهاب.. ورغم اهتمام النيابة العامة بهذه القضية المهمة التي لا زال صداها يرن إلا أن هارون وطه وجدا نفسيهما محاطين بهذه الجريمة التي وقعت فأين كانا ليلة الحادثة وما علاقتهما بهذه القضية الشهيرة؟.
رهن الاعتقال
الأوضاع تمضي نحو زوال حكومة المؤتمر الوطني عقب اشتداد قبضة الثوار بشوارع القيادة واستمرار الاعتصام الشهير وقبل أن يتم إعلان سقوط عرش البشير بدأت بعض التحركات السياسية هنا وهناك، وكان أحمد هارون باعتباره رئيساً لحزب المؤتمر الوطني الحاكم قبل تنحي البشير عنه صار هو المسؤول عن مجريات الأوضاع وتسييرها، بينما انخرط النائب السابق علي عثمان محمد طه وآخرون من قيادات الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني في مخرج وحلول تقتضي إعادة الروح للحكومة المنهارة وقتها ولجام سنام التحركات الثورية أحكمت قبضتها على المشهد السياسي. وتحركت اللجنة الأمنية وقتها برئاسة صلاح قوش تحركات مكوكية بين القوى القوى السياسية والحكومة، وأعلن عن عقد اجتماع ضم أحمد هارون وبقية القوى السياسية عن حزب الأمة والحزب الشيوعي والبعثي والمؤتمر السوداني وغيره من القيادات السياسية الفاعلة وقتها طالب المجتمعون بتنحي الحكومة كما جاء على لسان الصادق المهدي زعيم حزب الأمة الراحل، ولكن كان لأحمد هارون رأياً آخر حينما قال لهم بأنهم سيفضون الاعتصام وخرج عن الاجتماع. وفي مساء اليوم الرابع للاعتصام سقطت الحكومة وتم إعلان القبض على مولانا أحمد هارون وعلي عثمان محمد طه والعديد من قيادات النظام البائد وإعلان البيان الشهير لابن عوف.
رفض التنحي:
يقول القيادي بحزب البعث الأستاذ محمد وداعة، إنه كان حضوراً لتلك التحركات والاجتماعات التي جرت مع هارون وقال لـ(الصيحة)، إن الاجتماع جاء بطلب من اللجنة الأمنية برئاسة الفريق صلاح قوش رئيس جهاز الأمن آنذاك، وطلب الاجتماع بعدد من قوى المعارضة مثل الصادق المهدي عمر الدقير وصديق يوسف وأحمد هارو، معلنًا أن المهدي طالب بإسقاط النظام وتنحي البشير وطلب بمجلس قومي اتحادي وحكومة مدنية والاحتكام بدستور 2005 وكانت هنالك طلبات قدمت، مشيراً إلى أن أحمد هارون تساءل عن سبب تنحي البشير، وقال هذا الطلب غير معقول وهدد بأن البشير لديه جيش وأمن ودولة ولن يتنحى أبداً. ويؤكد وداعة أن اللجنة الأمنية قررت بعد احتدام الموقف وطلبت من البشير التنحي حيث كان هنالك تخطيط من قبل مجموعة أبرزها أحمد هارون لمقاومة المتظاهرين وإبعادهم عن القيادة العامة.
استجواب تحققي
ويرى بروفيسور الفاتح محجوب عثمان مدير مركز الراصد والمحلل السياسي لـ(الصيحة)، أن التحري دوماً يتم أخذ أقوال كل من يرد اسمه في التحقيق ويرى أنه شيء طبيعي أن يتم استجواب طه وهارون رئيس المؤتمر الوطني المحلول حينها عن علمه بالقوات التي قامت بفض الاعتصام وعن إرادة حزبه في فض الاعتصام، خاصة وأن أقاويل تكون قد وردت للجنة أو للنيابة عن مجموعة مسلحة تنوي فض الاعتصام وقتها أو متورطة في عملية فض الاعتصام، حتى وإن لم يقل بها الرجلان.
ويقول محجوب، إن استجواب طه في هذه القضية كان ناتجاً لأقواله في برنامج شهير قبل السقوط عن وجود قوات جهادية سماها (كتائب ظل) ستقوم بالدفاع عن الحكومة وعن النظام الإسلامي، لكنه حينما تم فض الاعتصام كان الرجلان داخل السجن والمعتقل وبهذا فإنهما ليست لديهما أية مسؤولية جنائية عن الحادث. وأكد الفاتح أن ما تقوم به النيابة عبارة عن معلومات وردت في لجنة التحقيق وربما لذلك كان ضرورياً أخذ أقوالهما إذ لا بد من التحري في الأمر وهو تحقيق وبحث في الأدلة لدحض كل ما ليس له علاقة بالتحري ومهمتها جمع كل الادعاءات وإذا توصلت لقناعة بشطب بعضها تقوم بشطبها وترفع بقية الادعاءات للنيابة.
شهادة وليس اتهاماً
وأكد محجوب أن الاستماع لطه وهارون في هذه القضية يفهم في هذا السياق ولا يفهم منه تورطهما لأنهما كانا داخل المعتقل والإرادة السياسية التي اتخذت القرار كانت خارج السجن، فهي شهادة وليس اتهاماً جاء باعتبار أنهما كانا شاهدين مهمين على الفترة بصفتهما السياسية وعن علمهما بحقيقة ما يقال عن كتائب الظل وما يجري وقتها في المؤتمر الوطني آنذاك، فهي شهادة وليست اتهاماً.
أحاديث متفرقة
ويقول متابعون أن المسؤولية الجنائية التي تورط فيها الرجلان هو أنهما ثبت تورطهما بتجهيز قوات يقال إنها شاركت في فض الاعتصام من خلال ما أدليا به قبل السقوط ومن موقعهما كمسؤولين في الحكومة السابقة. ويرى د. محمد سرور المحلل السياسي أن مولانا أحمد هارون كانت له قوات وقد وقع منها بعض البصات التي كانت تقلهما من ولاية شمال كردفان في قبضة الثوار بمحيط القيادة قبل الدخول لموقعها المحدد قبل القيام بفض الاعتصام وقبل القيام باعتقال هارون وبقية قيادات الإنقاذ حيث من المتوقع أن تكون قد وصلت التعليمات لتلك القوات بالحضور للعاصمة للاشتراك في عملية فض الاعتصام وفك الحصار عن البشير، بينما ضجت الأسافير وقتها بهذا الخبر. وزاد سرور: ولكن هارون ووقت وقوع فض الاعتصام كان معتقلاً وأن تلك القوات التي تحدث عنها الناس وقالها هارون لم تكن موجودة في الأرض ولم تكن معلومة إلا تلك التي ربما يكون قد أخلي سبيلها بعدما ثبت عدم تأكيد أنها قوات وإنما كان بصًا يحمل مواطنين قادمين من الولايات، وإن كنت يقيناً لا أعلم صحة الحادثة لكن يتوقع أن تكون بعض القوات التي كان يمكن أن تشارك في الأحداث.
تقرير- عبدالله عبدالرحيم
صحيفة الصيحة