الطاهر ساتي.. العلاج بالتحرير.. (2)
وصلاً لما سبق.. بالتأكيد هناك تأثيرات – وقد تكون مؤلمة – لأي إصلاح اقتصادي، وهذا لا يعني التوقف عن الإصلاح استجابة لتلك المؤثرات.. لكل الأدوية آثار جانبية، ومع ذلك يصرفها الطبيب ويتجرعها المريض ليتعافى، وهكذا تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه)، إذ علينا تجرعه كعلاج، ثم الصبر على آثاره الجانبية، لتتعافى بلادنا.. وأن نتألم قليلاً ثم نلتحق بركب الشعوب الحُرة، خير من أن نتلقى منح الذل والقروض مدى الحياة..!!
:: ومن المحن، فإن القوى التي تحرض البسطاء ضد برامج الإصلاح الاقتصادي، بما فيها تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه) هي بعض (قوى الثورة)، وليس الفلول الذين سعوا لهذا التحرير كثيراً و(فشلوا).. والمؤسف للغاية، لقد بلغ التطرف في التحريض – في القوى المحسوبة للثورة – لحد المطالبة بإسقاط الحكومة وكل برامجها السياسية والاقتصادية، وكأن البديل – لهذه الحكومة الانتقالية – حكومة ديمقراطية..!!
:: فالحكومة لم تكذب على الشعب – ولم تراوغ – حين أعلنت برنامجها الاقتصادي بكل وضوح، ثم شرعت في تنفيذه بمنتهى الشفافية.. ولعدم وجود حل جذري يخرج البلاد من نفق التشوهات الاقتصادية – غير سياسة التحرير وترشيد الدعم – طرحت الحكومة هذه السياسة على الملأ والتزمت بها.. ولم نسمع بخطة اقتصادية بادرت بها القوى الرافضة لبرامج الاقتصاد الحر وقدمتها للحكومة، بحيث تكون البديل..!!
:: والمهم.. كثيرة هي آليات تخفيف آثار برامج الإصلاح الاقتصادي على الفئات الضعيفة.. فمع الدعم المباشر (ثمرات)، يجب أن تكون هناك جمعيات تعاونية في الشركات والمرافق الحكومية، صناديق رعاية اجتماعية، منح للعاملين وأرباب المعاشات، توسيع مظلة كفالة الطلاب عبر صندوق دعم الطلاب، توسيع مظلة التأمين الصحي، تفعيل مراكز البيع المباشر بالمحليات لمكافحة السماسرة و… و… وكثيرة هي آليات تخفيف آثار العلاج بالتحرير..!!
:: ولكن تبقى أهم آليات تخفيف الآثار هو الخطاب السياسي المسؤول، حتى ولو كان معارضاً لتحرير الصرف.. فالسياسي المسؤول يختلف عن النشطاء بالوعي والحكمة، وليس بتأزيم الأزمات، كأن يرفض من أجل الرفض، وليس من أجل تقديم البديل المثالي.. وكل المطلوب من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، لحين تجاوز البلاد هذه المرحلة الحرجة، التحلي بالمسؤولية والتخلي عن التهريج و(العنتريات)..!!
:: ثم كن أنت التغيير الإيجابي الذي تريده لوطنك يا عزيزي المغترب.. فالشاهد أن هناك معارك متوارثة بين برامج الإصلاح والمخربين، ومنها معركة الحكومة وتجار العملة.. ولكي تنتهي هذه المعركة – بعد تحرير الصرف – لصالح الإصلاح، فعلى المغتربين أن ينحازوا لجانب الإصلاح، وذلك بمكافحة المخربين (تجار العملة).. وهكذا، فبجانب المعالجات الحكومية، فالمواطن والإعلام مطالبان بلعب دور إيجابي يساهم في تقاسم مسؤولية الإصلاح الاقتصادي..!!
صحيفة الصيحة