حمدوك الجديدة
(1 )
عزيري القارئ لو كنت كهلا من جيلي لك أن تنغم العنوان اعلاه على لحن اغنية (حنتوب الجميلة) للفنان الخير عثمان وشاعرها حميدة ابوعشر وتستطرد (هنا فيها الادب وهنا فيها الشباب \ الشباب الشباب \ العامل لوطنه وما داير ثواب) فمن القلب نتمنى أن تكون حمدوك الجديدة مكونة من العناصر العاملة لوطنها لوجه الله والوطن (مادايرة ثواب ذاتي) وفي الذاتي هذه تدخل المصلحة الحزبية والقبلية والجهوية وكل ما دون الوطن . لانحتاج لنذكر اعضاء هذه الحكومة بانهم جاءوا في وقت يقف فيه هذا الوطن الجريح في مهب الريح فاذا ما ذهب مع الريح –لاسمح الله-فلا فائدة في اي مكسب ذاتي دون الوطن لانه كله سيذهب مع ذهاب الوطن لاقدر الله . فإذن لايوجد خيار غير التجرد للوطن حتى ولو من اجل الذات .
(2 )
هذه الحكومة هي حكومة حمدوك الثالثة وفي اقل من عامين فالحكومة الاولى هي التي ادت القسم بعد اقرار الوثيقة الدستورية في سبتمبر 2019م وبعد ثمانية شهور قدم خمسة منها استقالتهم بناء على طلب حمدوك واقيل السادس فأصبحت تعمل بستة وزراء مكلفين. وفي تقديري ان هذه الحكومة الثانية (حكومة المكلفين) كانت أسوأ الحكومات اداء في تاريخ السودان (حتى الآن ) لا بل يمكن تسميتها بفترة اللاحكومة وهي لم تأت مصادفة بل خطط لها بذكاء اما لماذا ؟ فسوف تبدي لنا الايام ما كنا نجهل وياخبر بفلوس باكر ببلاش. وعلى العموم نحن اليوم لسنا في مقام تنكيد وتبكيت بل في ساعة مباركة وتهنئة (ان كان في حكم السودان ما يستحق التهنئة )مع شيء من التفاؤل وكثير من الحذر. بعبارة اخرى يجد الواحد منا نفسه متسائلا اي يقف في منطقة وسطى بين التفاؤل والتشاؤم؟ هذا بلغة الاديب امل حبيبي ولكننا نستعيذ بالله من التشاؤم فنحن قوم روحيا وثقافيا مأمورون بالتفاؤل.
(3 )
ذهب الناس مذاهب شتى في توصيف حكومة حمدوك الجديدة سياسيا فمنهم من قال انها حكومة نداء السودان تلك المجموعة التي كانت تنادي بالهبوط الناعم اي التغيير الاصلاحي عوضا عن الثوري بحجة ان البلاد لاتحتمل ارتدادات الثورة ومنهم وصفها بانها حكومة التحالف العريض اي انها جمعت بين اكبر طيف سياسي من الاطياف السياسية ومنهم من قال انها حكومة التطبيع والتسليم للغرب ولكن دعوني استسمحكم بالقول ان جسد السودان اليوم ليس فيه مكان لهذه البحبحة والاكليشهات السياسية فدعونا نسميها حكومة الفرصة الاخيرة لأنها جاءت والسودان يقف على حافة الهاوية (لكن قل لي هو متين غادر السودان شفير الهاوية ؟) فدعونا نبلع لها الظلط ونقول انها حكومة انقاذ السودان مما فعلته الانقاذ وما فعلته التي اعقبت الانقاذ فالانقاذ هو وظيفتها الوحيدة دون ان نطلقه عليها لاسباب اجرائية متفق عليها . دعونا في هذه المرحلة الحرجة ان نغض الابصار عن شخوصها وعن احزابهم دعونا نشيل معها الشيلة فليس من الحكمة ولا من المنطق معارضتها من (قولة تيت) ومن جانبها ينبغي ان لا تسعى لخلق معارضة لها فلتكن حكومة كل السودان فما قدمته من اولويات كفيل جدا بأن يجعل الجميع يلتفون حولها ويجعلها تلتف حول اولوياتها وبعد الخروج إلى بر الامان يمكن ساعتها أن يطلع اي قرد على شجرته اما الآن فهي شجرة واحدة فاما أن تخضر كلها او تيبس كلها فليس هناك شجرة في الدنيا بعض فروعها مخضرة وبعض فروعها متيبسة . وخليكم معانا إن شاء الله
صحيفة السوداني