معتصم أقرع: تقديم الجماهير هدية الِي الإخوان في كوز من ذهب
انفجار شارع الأقاليم المتفاقم سببه السياسات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة في المقام الأول والاخير.
فحين أتت الحكومة بموازنة 2020 حذرنا كتابة مرارا وتكرارا من انها ستخلق احتقان سياسي حاد يهدد الانتقال الديمقراطي وانها سوف تساهم في تفكيك أواصر ونسيج المجتمع السوداني الذي فقد القدرة علي دعوة الأهل والأحباب لكوب شاي في الضفة الاخري من نهر الخرطوم.
في خضم الغضب الجماهيري حتى لو قفز الاخوان للصيد في المياه العكرة فان سبب الازمة هو السياسة الاقتصادية التي لولاهـا لما وجد الاخوان بركة اسنة يصطادون فيها.
من نافلة القول ان الأحزاب , بما في ذلك الاخوان, لا يملكون ريموت كونترول يحركون به الشارع الِي معارك أحيانا تكلف المشارك حياته أو اطرافه.
فمثلا بدأت ثورة ديسمبر 2018 في الأقاليم بانفجارات كانت الأحزاب الحاكمة الان بعيدة عنها بعد ان أعلنت كفرها بـالشارع وقررت الهبوط الِي انتخابات2020 تحت رعاية البشير بينما كانت الحركات المسلحة بعيدة عن الشارع ومشغولة بصراعاتها الداخلية وتصدير خدماتها الخارجية المربحة الِي دول الجوار.
ولكن بعد بسالة انفجار الشارع وصموده تبنت جماعات قحت الحراك وفرضت قيادتها عليه لأنها كانت تملك ما لم يملكه مفجرو الثورة من التنظيم وراس المال الرمزي والسياسي والعلاقات مع السلطة السابقة ومع الخارج المغرض. والان يحكم باسم ثورة الجماهير من أعلن عن عدم وجود جماهير أصلا.
والان تم تبادل المواقع في لعبة الكراسي السادومازوخية بين الاخوان وجماعات الهبوط الناعم.
والتاريخ يعيد نفسه: ينفجر الشارع الإقليمي بسبب الغلاء الفاحش المصحوب بالشح والندرة ليجد أهل الهبوط انفسهم في كرسي البشير يحملون بمبانه بينما اجبر الاخوان علي التحول للطرف الاخر ففعلوا بانتهازية وقوة عين تثير الاعجاب.
ويظل هذا الانفجار العفوي تعبير عن رفض عفوي لسياسات الافقار والتمكين الجديد ودفاعا عن حق المواطن في الكرامة ولن يغير من أسبابه طبيعة الأحزاب التي قد تحاول التكويش عليه.
فلولا الضائقة الاقتصادية التي تسبـبـت فيها سياسات الحكومة لما كان هناك غضب شعبي يستثمره الاخوان الذين كانوا في انحسار الي ان انعشهم الفشل في إدارة الملف الاقتصادي ولا مبالاة الحكومة بالمعاناة التي تصنعها يوميا لتكوي المواطن كي.
الادعاء بان انفجار الشارع لا يعدو ان يكون مؤامرة اخوانية وهم خطير لأنه يعطي الاخوان اكبر من حجمهم ويسيء للمواطن الذي خرج يحتج علي أوضاع لا إنسانية كما انه يعفي الحكومة من إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية التي أدخلت الوطن والتحول الديمقراطي في جحر ضب.
د. معتصم أقرع