مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب: لجنة التفكيك

(1) (أنا عوير أخلي مستندات ضدي ) هذه العبارة وردت في سياق حديث أحد قيادات المؤتمر الوطني الذي كان قد استضافته قناة النيل الأزرق قبل سنوات ، وهو يشير إلى صعوبة العثور على المستندات التي تثبت تورط جهابذة الفساد في سرقة ونهب المال العام، وكان الحديث يومها عن الفساد الذي استشرى بلا كابح في عهد نظام الثلاثين من يونيو وأصبح حديث مجالس المدينة والأرياف الفرقان والنجوع البعيدة… (2) أسوق المقدمة أعلاه للتأكيد على أن لجنة تفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو تواجه لصوصاً بارعين يجيدون كل فنون اللصوصية، وإعدام المستندات والوثائق التي تدينهم هي «الشطارة والفهلوة» بل البراعة والفن ومن لم ينجح في إخفاء أدلة إدانته فهو (عوير) كما قال صاحبهم أعلاه، لذلك أقول إن مهمة لجنة التفكيك كانت ولا تزال صعبة للغاية، وإن ما حصلت عليه اللجنة حتى الآن من وثائق ومستندات قدمتها للرأي العام السوداني يعتبر إنجازاً عظيماً للغاية، ذلك لأن لصوص الإنقاذ ما كانوا ليتركوا ما يدينهم فقد برعوا وتفننوا في إخفاء المستندات وحرقها. (3) بسبب براعة مافيا الفساد في إخفاء المستندات التي تدينهم لجأ النظام المخلوع في آخر أيامه إلى حيلة التسويات المالية مع كبار لصوصه وقططه السمان وجهابذة «كباتنه» ولعل الناس يتذكرون حملة اعتقال ما عُرفوا بـ»القطط السمان» بواسطة جهاز الأمن والوصول معهم إلى تسويات مالية ثم إطلاق سراحهم ومنهم من وصلت التسوية المالية معه إلى 60 مليون دولار، وهم بالطبع مئات تمت معهم التسويات المالية بعد أن شاطرهم النظام الأموال التي اعترفوا بسرقتها فقط و(ما خفي أعظم).. المهم في هذه القضية أن النظام المخلوع لجأ إلى الاعتقال والترهيب والضغط والتعذيب حد « الموت» لانتزاع الاعترافات من قططه السمان ومن ثم توصل معهم إلى التسويات المالية بعد الاعتراف تحت الضغط والتعذيب، أضطر إلى فعل ذلك بعد أن فشل في إثبات السرقات بالوثائق التي أعدموها وأخفوها تماماً لأنهم ليسوا (عويرين)، ثم تأتي الحقيقة الأخرى المهمة وهي أن النظام المخلوع ما كان سيلجأ إلى ذلك لولا شعوره بمعارضة «القطط» لترشيح البشير لانتخابات 2020 فكان الأمر محاولة للانتقام وتوفير النقد لشراء القمح والوقود. (4) أعود وأقول إن لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو تواجه لصوصاً محترفين و(شُطار) وليسوا (عويرين) كما قال صاحبهم، فهم لن يتركوا مستنداً أو وثيقة تدينهم باستثناء ما أبى الله إلا أن يكشف عنه الستر ويفضحه ليقع في يد لجنة التفكيك… الغريب والمريب في الأمر أن نظامهم ابتكر أسلوب الاعتقال وانتزاع الاعترافات والتسويات تحت وطأة التعذيب حتى الموت ومع ذلك لم يهاجمه أحد في هذا الإجراء غير القانوني، فهل يحق للذين صمتوا يومها أن ينفخوا أوداجهم بنقد لجنة التفكيك اليوم.. (5) سُئل إبراهيم السنوسي عندما كان في المعارضة قبل التحاقه بالقصر مساعداً للبشير، سُئل في حوار صحافي عن فساد نظام الإنقاذ وكيفية إثباته فأشار إلى أن الفساد لا يحتاج إلى مستندات، وأن هذه العمارات والمباني الشاهقة وحدها دليل هكذا أشار.. باعتبار أن أصحابها قبل بضع سنوات كانوا يعيشون فقراً مدقعاً.. فمن عجب أن يقبضوا على «إخوانهم القطط» وينتزعوا منهم ملايين الدولارات تحت وطأة الاعتقال والتعذيب وبلا قانون، ويُقدمون العمارات السوامق مستندات ودليلاً على فساد «إخوانهم» الذين كانوا فقراء، ثم يستنكرون على لجنة تفكيك فسادهم عملها القائم على الوثيقة الدستورية خاصة وأنها تعرض علينا مستندات ووثائق، ومع ذلك يسخرون منها ويسمونها (برنامج أراضي وأراضي).. (6) صحيح قد تكون اللجنة ارتكبت بعض الأخطاء الإجرائية وهذا ما يجب أن يُصحح باستمرار مع الممارسة لا أن يكون مبرراً لحلها وإيقاف عملها لأنها الوحيدة التي تُشعرنا بالتغيير وطعم الثورة… نحن مع استمرار اللجنة وفي نفس الوقت ندعوها للحرص الشديد على بسط العدالة والبعد عن الانتقائية والنأي عن الظهور بمظهر الناشط الناقم على خصومه فلا داعي أبداً للعبارات التي لا تليق برجل القانون والتي تُظهر الشماتة والاستفزازات التي تخصم من مكانتها….. اللهم هذا قسمي فيما أملك.. نبضة أخيرة: ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة