أحمد يوسف التاي يكتب: لا خيار سوى الديمقراطية
(1)
ثمة حقيقة مجردة لا تقبل الزيادة أو النقصان، ولا تحتمل المزايدة أو التبريرات الميكافيلية وهي أنه لا مستقبل لحكم السودان سوى الديمقراطية، ولا سبيل إلى الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي إلا من بوابة العدالة الاجتماعية وبسط الحريات، والعدل بين الناس وهذه الأمور لا تستوعبها إلا هياكل الدولة المدنية، ولهذا تصبح المناداة بالدولة البوليسية العسكرية القمعية هي ردة أشبه بالكفر بعد الإيمان، وخيانة لأعظم ثورة شبابية شعبية عرفها السودان، فالسودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة لن يُحكم إلا بالديمقراطية وأحزاب قوية ومؤسسة فلا مجال لأحزاب الاستهبال والابتزاز والانتهازية… والحريات التي حلقت في الفضاء الفسيح لن تعود إلى القفص مكرهة ذليلة…
(2)
المدخل لحكم الديمقراطية هو بناء أحزاب قوية وفاعلة ومؤثرة، وتأسيس هياكل محترمة ومؤسسات راسخة لهذه الأحزاب، ذلك لأن الأحزاب هي الوسيلة الوحيدة للحكم الديمقراطي، وإلا سنؤسس حكماً ديمقراطياً صورياً ديكورياً ينهار في أول عاصفة اختبار… أحزاب اللافتات والحلاقيم الكبيرة والهتافات واللصوصية والانتهازية والابتزاز لن تصلح لتأسيس الحكم الديمقراطي ولا الدولة المدنية، وعلى الأحزاب إن أرادت حكماً ديمقراطياً حراً عليها أن تبني نفسها على أسس ديمقراطية ومؤسسية وأن تكمل هياكلها وتعقد مؤتمراتها وتدرِّب كوادرها… الأحزاب التي نراها اليوم هي ليست أحزاب بل مجموعات وشلليات ارتبطت مصالحها بعد أن رفعت لافتات حزبية وهمية للحصول على المناصب تحت هذه اللافتات الكرتونية، وكثير من الكوادر التي نراها الآن هي ليست كوادر بل مجموعة ناشطين لا يعلمون عن السياسة إلا اسمها وعن الحكمة والحنكة إلا رسمها، ولهذا فإن تصدُرها المشهد يعكس بؤس إدارة الدولة وتواضع الأداء وضعف المنتوج…
(3)
أما المدخل الثاني للحكم الديمقراطي فهو العمل على ترسيخ وبسط العدالة الاجتماعية من خلال جعل احترام القانون هو ثقافة ومبادئ لا حياد عنها ولا تراجع، وفرض احترام القانون على الخاصة قبل العامة ولنا في رسول الله حبيبنا المعصوم أسوة حسنة: (والله لوسرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها)… تنفيذ القانون على الرئيس قبل المرؤوسين وعلى الوزير قبل المدير وعلى المدير قبل الخفير ذلك هو العدل… القانون هو القانون The law is the law ، فلن يكون هناك استقرار أمني ولا سياسي ولا اقتصادي إلا ببسط هيبة الدولة، ولن تكون هيبة الدولة إلا بفرض القانون واحترامه وتطبيقه بلا استثناء ولا انتقائية..
(4)
تفقد الدولة هيبتها ويتزعزع استقرارها السياسي والأمني والاقتصادي إذا جنح حُكامُها إلا ازدراء القانون وأمعنوا في تفصيله على مقاس خصومهم السياسيين إمعاناً في تصفية الحسابات وتطبيق عدالة انتقائية مشوهة لا تشبه رجال الدولة ولا دولة المؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية والحريات.
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة