حيدر المكاشفي

كأنه بيان انقلاب أو خطبة مودع

الخطاب الذي ألقاه الفريق أول حميدتي في حفل تخريج دورة الصاعقة ومتحرك قوات درع السلام بالدعم السريع في معسكر فتاشة يوم الثلاثاء الأول من أمس، كان خطاباً محيراً ومربكاً، اذ حمل متناقضين لا يلتقيان، حيث لم يكمل الرجل جملة إلا وينقضها بأخرى مضادة لها، فمن جهة يبدو هذا الخطاب وكأنه بيان انقلاب على الأوضاع القائمة حالياً لتغييرها جملة وتفصيلا، ومن جهة أخرى يبدو وكأنه خطاب شخص مودع بعد أن استبد به اليأس وزهد في الاستمرار في السلطة، فحين يعلن الرجل بالصوت الجهور إن البلاد منهارة سياسيا وأمنيا واجتماعيا واقتصاديا وتعمها الفوضى، وأن الوضع الاقتصادي والمعيشي تدهور بصورة مزرية، وفشلت كل السياسات في إيقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية، فازدادت حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم إما لانعدامها أو لارتفاع أسعارها مما جعل كثيراً من أبناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة، وقد أدى هذا التدهور الاقتصادي إلى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الإنتاج، (أو كما قال حميدتي)، فان هذا الذي قاله حميدتي عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والانهيارات السياسية والامنية والاجتماعية، ينطوي بشكل واضح على لغة ومفردات بيانات الانقلابات العسكرية المعتادة، فأيما انقلاب حين يذيع قادته بيانهم رقم واحد فانهم يركزون على اسباب ودوافع الانقلاب، ويهاجمون بضراوة تردي الأوضاع كافة لأجل تبرير انقلابهم واستدرار تعاطف الناس معهم و كسب ثقتهم وتأييدهم..
ومن جهة أخرى بدا حميدتي في خطابه هذا كالمشفق والحادب والحريص على المدنية والديمقراطية والفترة الانتقالية، حتى أنه تمنى أن يأتي اليوم الذي تحكم فيه البلاد بواسطة حكومة مدنية كاملة الدسم، (لا فيها شق ولا عسكري) وما بين القوسين من عندنا وليس من عند حميدتي، وبلغ به الأسف على الحال الماثل مبلغاً ظننا معه أنه سيبرئ نفسه منه أمام الله والشعب ويغادر موقعه في السلطة، فحميدتي ليس مواطناً عادياً ولا صحافياً مشاكساً يمكنه أن يقول كلمته ويمضي، فهو يتسنم عدة مناصب كبيرة وحساسة وله في كل الذي كاله من هجومات وانتقادات نصيب ومسؤولية، ولهذا ظننا وبعض الظن اثم أن خطاب حميدتي أمام جنوده كان (خطاب مودع)، سيخرج من الفوضى والجوطة على طريقة الوزير محمد توفيق رحمه الله، فالوزير محمد توفيق حين سئل عن سبب مغادرته بالاستقالة الحكومة التي كان يشغل فيها منصب وزير الاعلام، قال كلمة قصيرة ولكنها مفحمة (لقد خرجت من الجوطة)، ولكن حميدتي لم يخرج بسبب أوضاع وصفها بالفوضوية، بل ظل في مواقعه كافة وطفق يغمز هنا ويلمز هناك، مع ان المعلومة البدهية تقول ان مسؤولية ادارة الدولة مسؤولية تضامنية، وان جميع الكابينة القيادية في الدولة مسؤولة عن ادارة شؤون الدولة على نحو جماعي بأي مجال من المجالات، ومن لم يستطع أن يتناغم ويتفق مع زملائه، عليه أن يستقيل ويغادر منصبه.

***********

حيدر المكاشفي – صحيفة الجريدة

‫2 تعليقات

  1. قصدك يغمز الشيوعيين ويلمز القحاطة مش كده؟ كلامه صح وانشالله يطبزهم كمان لأنهم وراء كل العذاب الذي يعانيه المواطن الآن، والله لو الكيزان الصنج بيرجعوا الدولار لي 69 جنيه وكيلو الدقيق لي 10 جنيه زي ما كان في زمنهم مرحب بيهم ويستاهلوا الحكم. والخبز لي خبازه ولو ياكل نصفه. تعبنا ياخ.

  2. الخوف من الحقيقة والاستثمار في الخوف والمتمسك بالسلطه بشوف انه هو الاكثر كفاءة وكلام الحقيقة مافي زول بدورو والاعتراف بالزنب فضيله والدعم السريع زمن الانقاذ كان مقدور عليه والان اصبح الرقم واحد والناس اصبحت في كفتي ميزان والمعاهو الدعم السريع والجيش بيرجح كفته ولا يغرنكم كثرة الحديث من القلة… كم من فئة قليله…… باذن الله… والفئه اللغوية الحاكمه استغنت عن اذن الله واتبعت اليهود والنصاري فمن اين لها الغلبة .واذا كان عندها ما تقوله للشعب الجوعان كما يروج فاليذهب رئيس الوزراء وطاقمه لصلاة الجمعه في مسجد او لقاء جماهيري في الساحه وليخاطب الامة كمن سبقه .
    حقيقه العيش لخبازه ولو ياكل نصفه