انتبهوا
كنانة لم تمت!
صفتن البقت للاكرمين صفاية ما كفاها أحمد كوكب الحلفاية
لكباشي جات بعمرتها الكفاية
كايسة الجيلي عرقانة ورجوله حفايه
*ربما تجسد هذه الرباعية المتقنة الممتعة لشاعرنا الراحل عكير الدامر التي أنشدها بعيد رحيل صاحبه الشيخ الجيلي الكباشي، عليهما الرحة والغفران، ربما تجسد واقعنا الموغل في التشكك والتراجع والاغتيال، ألم يكفنا انهيار هيئة السكة الحديد وانحسار سودانير وتراجع مشروع الجزيرة، ألم يكفنا كل ذلك ونحن نذهب في حالات بحث مضنية عن ضحية جديدة، ما كفاها أحمد كوكب الحلفاية للجيلي كايسة عرقانة ورجولها حفاية.
كما لو أن هنالك ثقافة ممنهجة تفتأ تشيع كل بعد فترة مؤسسة وطنية دون طرح أي بدائل ومخارج بل أن نرسخ لثقافة اليأس وألا فائدة وألا مخرج، والنخب والجماهير تتفرج مزهولة وتساق مؤسساتها أمام أعينها واحدة تلو الأخرى إلى المقابر وبعضها يدفن حياً، وما الوطن إلا مجموعة مؤسسات وأن هموا ذهبت مؤسساتهم ذهبوا على أن الأمر قد تخطى ثقافة إسقاط النظام إلى أدبيات تفكيك الدولة السودانية!
*يفترض أننا نفرق بين (ثقافة النقد وأدبيات النقض)، الأولى بالدال والثانية بالضاد على أن يطرح كل مشتغل بهموم وقضايا الوطن المخارج والبدائل عند مقتل كل مؤسسة وهيئة يذهب بها إلى المقابر ومثواها الأخير.. هذه ناحية وهنالك منحى هو آخطر..
*هنالك مؤسسات في ريعان عطائها تهدر حيويتها وتسود سيرتها كما يحدث الآن مع شركة سكر كنانة والتي هي آخر (قصة نجاح سودانية) بقيت على الأرض البور البلقع، فعلى الأقل إن كل الصناعات التي نهضت مع كنانة قد تهاوت واحدة بعد الأخرى، يذكر في هذا السياق مصانع النسيج والزيوت وغيرهما، لم تبق إلا شركة سكر كنانة كآخر فرح سوداني يصر بعضنا على مصادرته، لتبقى هذه الأمة السودانية بلا أي مؤسسة ناجحة تشهرها في وجوه الزائرين بأننا أمة حية ترفدها بعض الأطروحات النضيرة.
*لم تحافظ شركة سكر كنانة على مكانتها فحسب، بل أضحت في كل موس تقدم لنا منتج ومفاجأة جديديتين وأنشط ذاكرتكم بآخر منجزاتها التي سارت بها الركبان منتج طاقة الايثانول في آخر رحلة لنا مع كنانة ذهبنا لافتتاح مشروعات مياه نظيفة وطاقة في قرى ولاية سنار، كنانة المتدفقة المترعة بإرادة المزيد من صناعة النجاحات والمشروعات لم تعرف الفواصل بين الولايات عندما لم تسعها بحر أبيض بل لم تحبسها أرض السودان مهما اتسعت، وهي تخرج بأطروحتها إلى خارج البلاد.
*خشيت بتناولنا في بعض الأحيان غير المسؤول أن نزحزح ثقة شركائنا من المؤسسين والمساهمين الإقليميين والدوليين في شركتهم التي يمتلكون فيها سبعين بالمائة، فضلاً عن ثقة جمهورنا السوداني الوفي.
بدأت تراجيديا افتعال هذه الحملة مع تقرير المراجع العام الذي رأى فيه بمراجعة كنانة ضمن شركات أخرى، أتاح لها المشرع في عقود بأكملها بخيارات في المراجعة ولا مشكلة في ذلك وكنانة تمتثل لإرادة الدولة كما الآخرين، وانتهى أمر الإذعان للمراجعة والدولة ولم ينته التدول والتناول.
*وللذين يقرأون بتطرف و(أجندات مسبقة) وهواجس وظنون إنها ثورة لأجل مؤسساتنا الوطنية التي تمثل شركة سكر كنانة رأس رمحها ومثلها الأعلى وقصصها الناصعة التي تستحق الإقدام.. لماذا نود أن نغتال آخر حلم سوداني.
*مخرج.. أخي المرضي ما كفاهم أحمد كوكب الحلفايا جات كايسة كنانة عرقانة ورجوله حفاية .. والسلام.
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي