تحقيقات وتقارير

السكر .. احتكار وقفزة في الأسعار

يمر الاقتصاد السوداني بكثير من التعقيدات، وكل صباح جديد تظهر على السطح مشكلة في وفرة السلع الاستراتيجية والأساسية، فعقب شح الوقود والنقود والغاز والدقيق والخبز، تشهد الساحة الاقتصادية مزيداً من الأزمات الطارئة، وأضيف إلى القائمة سلعة السكر التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار وبصورة مفاجئة لتضاف إلى المعاناة التي واجهها المواطن بصورة يومية.

وجزم الأمين العام لغرفة المستوردين الصادق جلال بوجود إشكالية كبيرة في تصديق الفواتير المبدئية لاستيراد السك، ووجه انتقادات حادة لوزارة التجارة وقال إنها السبب الرئيسي في توقف التصاديق دون مبرر.

وأكد في حديث لـ(الصيحة)، أن إجراءات وزارة التجارة التعسفية تسببت في ندرة وشح كبير في السكر بالأسواق ما رفع الأسعار وفاقم المشكلة، وحذر من تمادي الوزارة في وقف التصاديق لتشمل سلعاً أخرى.

وأقر بتلقي شكاوى عدد من المصدرين مؤكدين تضررهم من إجراءات الوزارة في عملية تنظيم الاستيراد ما أثر سلباً على توفر السلع في الأسواق.

وطرح تساؤلاً حول هل هذه الإجراءات مقصودة من قبل الوزارة؟ موضحاً أن أي مستورد يتفهم الإجراءات المطلوبة، وتلك التعقيدات تحد من المنافسة وترفع الأسعار وتؤثر بصورة كبيرة وتفتح الباب واسعاً للندرة في السلع ووصف انعكاساتها بأنها أخطر من الدولار.

ودعا الوزارة للخروج من عملية استيراد السكر

ولفت إلى الجلوس إلى وزير التجارة بغرض حل الإشكالات المتعلقة بالتصاديق دون جدوى.

وقال: نحن لا نثق في قدرتهم على اتخاذ القرار السليم، وكشف عن ممارسة الوزارة سياسة احتكار استيراد السكر لجهات محددة، ونوه إلى إجهاض تلك المحاولات والتي تؤدي إلى منع المنافسة الحرة.

مبيناً أن السكر سلعة استراتيجية مهمة لا تنتظر الإجراءات الروتينية المعقدة.

ودعا إلى تسهيل الإجراءات لانسياب السلع وقطع بأن السبب الرئيسي لمشكلة شح السلع وارتفاع الأسعار قبل وبعد مشكلات الميناء هي وزارة التجارة.

وانتقد محاولات الوزير تمرير قانون التجارة، واعبتره كارثياً على التجارة والبلاد، وكشف عن محاولاتهم إيقاف القانون في مجلس الوزراء والتحفظ عليه من قبل اتحاد أصحاب العمل، وقطع بعدم ثقتهم في أي قرار يتخذ بشأن القانون ما لم تكن الغرفة حاضرة ووصف القانون بالسيئ والضعيف.

وحذّر من زيادات غير مسبوقة في السكر مستقبلًا، وأضاف أن الاستيراد حالياً في أقل معدلاته، في وقت تجاوز فيه الدولار معدلات كبيرة مما ينبئ بخلل كبير.

وفي المقابل، عزا التاجر عصام العربي ارتفاع أسعار السكر بصورة مفاجئة إلى توقف بعض الشركات عن الاستيراد بغرض مراجعتها، أن سعر جوال السكر زنة 50 كيلو بواقع 9.700 جنيه من الإجمالي، وزنة 5 كيلو بواقع 1000 جنيه، وزنة 10 كيلو بواقع 2 ألف جنيه، ورهن ارتفاع الأسعار بالارتفاع الكبير في سعر الدولار الذي تجاوز حاجز الـ 286 جنيهاً.

من ناحيته قال الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي د. محمد الناير، إن ما يحدث في قطاع السكر ناتج عن خلل إداري كبير جداً في إدارة الشأن الاقتصادي، وقال: أعتقد أن حكومة الفترة الانتقالية سواء كان وزراء القطاع الاقتصادي السابقون أو المكلفون حالياً لم يحققوا أي نجاح يذكر في إدارة الملف الاقتصادي.

وأشار إلى إحراز تقدم في قضية السلام والأمن وإزالة اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب، ولكن على مستوى الداخل الملف الاقتصادي لم يتحرك قيد أنملة، وجل السياسات تمثل إرهاقاً وتشكل ضغوطاً على المواطن، وما زال الأخير يواجه أزمات، والدولة كأنها تخلق أزمات شبة مبرمجة لقياس مدى تقبل المواطن لها أسوة بما حدث في المحروقات والنقص الكبير الذي أدى إلي رفع أسعارها دون تحقيق الوفرة.

وربط المشكلة بشح النقد الأجنبي وليس تحرير سعر المحروقات.

ولفت إلى المعاناة في الخبز وزيادة السعر من 2 جنيه إلى 10 جنيهات والتي خلفت فوضى عارمة في الأسعار بين المركز والولايات.

وقال إن كل تلك الأشياء تؤكد أن القطاع الاقتصادي غير قادر على تلبية الحد الأدنى من الخدمات الأساسية وتوفير السلع الاستراتيجية للمواطن.

وزاد: ما حدث من فجوة في قضية السكر سابقة لم تحدث من قبل، ومن المعلوم أن السودان ينتج نحو 700 ألف طن والاستهلاك نحو 1200 ألف طن، والفجوة بمقدار 500 ألف طن والمفروض معالجتها بصورة سريعة، وهو خلل كبير يؤدي إلى ارتفاع أسعار السكر ويدفع الثمن المواطن البسيط.

واعتبر تأخر تشكيل الحكومة أحد أسباب الخلل، ودعا إلى الإسراع بتشكيلها منعاً لحدوث خلل أكبر، ووصم الدولة بأنها تدار بصورة مخلة، وتشهد المؤشرات الاقتصادية تراجعاً مستمراً وارتفاع معدلات التضخم وتدهور سعر الصرف والعملة الوطنية ونقصاً في السلع الاستراتيجية والأساسية.

الخرطوم: رشا التوم
صحيفة الصيحة