عالمية

واتساب أم سيغنال وتليغرام.. من منهم الأكثر خصوصية؟

بينما وضع واتساب في قلب الانتقادات التي جرتها سياسة الخصوصية، يواصل كل من تطبيقي سيغنال وتليغرام تسجيل أعداد قياسية من المستخدمين الجدد، بعد أن دفعتهم رياح أزمة واتساب قدماً.

وبعد أن أعلن تطبيق المراسلة الأكثر استخداماً أنه سيشارك بيانات مختلفة لمستخدميه مع شركته الأم Facebook، وأنه سيكون قادرًا على فعل الشيء نفسه مع منصتي Instagram وMessenger، تراجع WhatsApp وأخّر تنفيذ شروط الاستخدام الجديدة المثيرة للجدل حتى 15 مايو.

وقالت المنصة في بيانها: “نريد أن نوضح أن تحديث السياسة لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على خصوصية الرسائل التي يشاركها المستخدمون مع أصدقائهم وعائلاتهم”، مضيفة أن بعض الأسئلة المطروحة هي مجرد “إشاعات”.

على الرغم من هذه الحجج، فإن الجدل الطويل بشأن خدمة المراسلة الفورية “الأكثر أمانًا” قد أثير مجددًا في خضم الزوبعة التي خلفها إعلان WhatsApp. وفيما تبدو هذه الخدمة متشابهة عبر التطبيقات الثلاثة التي توفرها، إلا أن بها اختلافات مهمة:

التعامل مع البيانات
أول شيء تجب معرفته هو أنه ضمن منصات المراسلة الثلاث الأكثر شيوعاً، هناك مستويات مختلفة من البيانات التي يتم جمعها. وهي قضية مركزية لأن هذه المعلومات محل الجدل والتي يمكن لـ WhatsApp مشاركتها مع Facebook والتطبيقات الأخرى التي تمتلكها تلك الشركة.

يوضح كريستيان ليون، رئيس برنامج الابتكار في شؤون المنظمات المدنية في الجنوب ومقره الأرجنتين، لـBBC: “يحتوي WhatsApp على الكثير من البيانات الوصفية، وهي المعلومات التي يتم الحصول عليها من أي رسالة نرسلها، مثل العلامة التجارية للهاتف، وتوقيت الرسالة، والموقع، وغيرها. وبالتعامل مع هذه المعلومات، يمكنك معرفة الكثير عن مستخدميها”.

ويشير خبير الحقوق الرقمية أيضاً إلى أن “تطبيق المراسلة هذا، وهو الأكثر شعبية في العالم، يحتوي على كود برمجة مغلق وبالتالي لا يتمتع بشفافية كبيرة حول ما يجمعه من معلومات”.

على صفحة الويب الخاصة بـ WhatsApp، يتم تفصيل البيانات التي تم الحصول عليها والمعلومات التي يقدمها الشخص عند قبول شروط الاستخدام الخاصة به. وبالإضافة إلى الاسم ورقم الهاتف وجهات الاتصال، هناك تفاصيل حول استخدام النظام الأساسي (الوقت أو الأداء، على سبيل المثال)، والمعاملات التي تتم من خلال التطبيق والعلامة التجارية وطراز الجهاز أو نوع الاتصال، من بين أمور أخرى.

لكن ليون يقول إن Telegram وSignal يجمعان بيانات أقل بكثير، فالأول يطلب من مستخدميه رقم الهاتف والاسم وقائمة الاتصال، أما تطبيق Signal فيقتصر على طلب رقم الهاتف، كما أن إضافة الاسم أمر اختياري.

وكلاهما، على عكس WhatsApp، له رموز برمجة مفتوحة، لذلك من الممكن التدقيق في البيانات التي يتم الحصول عليها وما يتم فعله بها.

الرسائل.. الشاغل الأكبر
منذ أن بدأ التوسع في استخدام تطبيقات المراسلة عبر الهاتف المحمول في جميع أنحاء العالم، كان السؤال الملح ـ وما زال ـ يتعلق بأمان الرسائل التي يتم تبادلها.

وقد شهدت المنصات تطوراً في هذا الصدد، وعلى مدى بضع سنوات أنشأ Signal وWhatsApp نظام التشفير “من طرف إلى طرف”، كوظيفة افتراضية لجميع محادثات المستخدمين، والذي يمكن وصفه بالقفل الذي لا يمكن فتحه إلا لمرسل الرسالة ومتلقيها.

من الناحية النظرية، لا يمكن حتى للتطبيقات التي تم فيها التبادل، الوصول إلى محتويات المحادثات.

وقالت WhatsApp: “لا يمكن لأي من WhatsApp أو Facebook قراءة رسائلك أو الاستماع إلى المكالمات التي تجريها مع أصدقائك أو عائلتك أو زملائك على WhatsApp.. كل ما تشاركه سيبقى بينكم”.

ويبدو أن Telegram لديه عيب في هذا الجانب، لأن التشفير من طرف إلى طرف يبدأ فقط عند استخدام وضع “الدردشة السرية”، لكن المحادثات العادية لا تحتوي على هذه الميزة.

تقدم المنصات الثلاث أيضاً طريقة مستخدمة بشكل متزايد تُعرف باسم “الرسائل المؤقتة”، حيث تخضع النصوص أو الصور أو المواقع أو المستندات المشتركة في محادثة ما للتدمير الذاتي بعد وقت معين. الفرق هو أنه في WhatsApp تختفي الرسائل في الأيام السبعة التي تلي، بينما في Signal وTelegram يمكنك ضبط الوقت بحيث لا يكون هناك أي أثر للتفاعلات بعد بضع ثوانٍ.

هناك اختلاف آخر وهو أن التطبيق المملوك لـ Facebook ليس لديه خيار حظر لقطات الشاشة للمحادثات، بينما الأمر ممكن لدى منافسيه.

استخدامات أخرى
على الرغم من أنه من المنطقي أن تقتصر الأغلبية على استخدام هذه التطبيقات من أجل التواصل بمعارفهم، إلا أن اختراقات حدثت في السنوات الأخيرة.

على سبيل المثال، وُجد أن Telegram يُستخدم كوسيلة لنشر دعاية جماعات متطرفة مثل “داعش”. وقد جند التنظيم المتطرف عناصر من خلاله، واستغلت الدردشات الجماعية المشفرة للحفاظ على الاتصالات بينهم وبث مقاطع فيديو لأنشطتهم الإرهابية.

ومنذ العام الماضي، عُرف Telegram كإحدى المنصات التي تستخدمها الجماعات اليمينية الأميركية لنشر رسائلها، على الرغم من أن معظمها يستخدم تطبيقات أخرى تسمح بالتفاعلات المجهولة للقيام بأنشطتها أو نشر نظريات المؤامرة.

وقد واجه WhatsApp أيضاً مشاكل، ففي عام 2019 قرر حذف مئات الآلاف من الحسابات المشتبه في استخدامها لنشر المواد الإباحية التي تمس الأطفال. وتحتفظ الشركة بسياسة عدم التسامح مع الاستغلال الجنسي للقصر.

من ناحية أخرى، تم اعتبار التطبيق، إلى جانب Facebook، وفقًا لتحليلات مختلفة، كأحد أكبر القنوات لنشر الأخبار الكاذبة خلال فترة الانتخابات في دول مثل بوليفيا وكولومبيا والولايات المتحدة.

فيما لم يتم حتى الآن تمييز Signal، الذي يضم مستخدمين أقل من التطبيقين السابقين، في إطار الاستخدام كقناة للتجنيد أو نشر معلومات كاذبة.

ومع ذلك، فقد وجد Signal نفسه في خضم بعض الخلافات السياسية، مثل التنديد بأنه التطبيق الذي استخدمه الرئيس السابق للحكومة الإقليمية في كاتالونيا كارليس بوشديمون، للتواصل مع أحد حلفائه أثناء محاولته إعلان استقلال الإقليم عن إسبانيا.

العربية نت