اسماء جمعة تكتب لا نريد حرباً مع إثيوبيا ولكن!
ما يجمع السودان بإثيوبيا ليس مجرد جيرة فقط، بل وكذلك صلات الدم والرحم والأصل الواحد الذي يجسده الحب والتعاطف التلقائي بين الشعبين، بدليل ترحيب الشعب السوداني بالإثيوبي كلما ضاقت به بلده الرحيبة وقست عليه الظروف السياسية، وليس أدل على ذلك أكثر مما يحدث الآن من صراع جعله يهرب لحضن السودان الذي احتواه بحب، ولا نريد لزعماء البلدين الدخول في صراعات يمكن حلها بالتي هي أحسن، من خلال احترام كل بلد لسيادة جارتها وعدم استغلالها تحت أي ظرف استثنائي تمر به، مثلاً لا يجب لأية دولة أن تستغل وجود نظام فاشل وضعيف من أجل احتلال أراضي الأخرى وقس على ذلك، وعلى أي جارة فعلت هذا أن تصلح خطأها لأن ما تجنيه من التعاون المشترك سيكون أعلى بكثير مما تجنيه بالتحايل.
لأول مرة في هذا القرن الحادي والعشرين يدخل السودان في نزاع حدودي مع إثيوبيا ولكنها ليست المرة الأولى في التاريخ، بالرغم من أن الحدود بين البلدين لا لبس فيها، ولكن للمشكلة جذور تعود الى زمن قريب عندما كان النظام المخلوع على سدة الحكم، وقد عرف بأنه نظام فاسد وفاشل وضعيف يحافظ على بقائه في السلطة من خلال التغاضي عن انتهاكات دول الجوار واحتلالها للأراضي السودانية فسكت على احتلال مصر لحلايب، وكذلك فعل مع إثيوبيا، ولكل واحد ثمنه ولأننا نتحدث عن الشأن الإثيوبي السوداني سنترك مصر لوقت آخر.
إثيوبيا استغلت ضعف النظام المخلوع في بناء سد النهضة ولسنا بمجال الحديث عنه وكذلك قامت باحتلال أراضٍ زراعية شاسعة بعد أن قرأت كيف يفكر وعرفت نقطة ضعفه وهي السلطة والثورة، بالرغم من أنها تعرف أن تلك الأراضي ملك للسودان، ولذلك لم تقم باحتلالها رسمياً ورفع علمها عليها وكان هذا ممكناً ولكنه سيسيء الى سمعتها، فلجأت الى تكوين عصابات(الشفتة) احتلت الأراضي بالإنابة عنها ولم يجرؤ النظام المخلوع على التصدي لها خوفاً من أن تساعد المعارضة، وحتى حين يحتج من باب الاستعراض تبرر الأمر بأنها عصابات خارجة عن سيطرتها وهي في الحقيقة ليست كذلك، فتلك الأراضي تستوعب عدداً كبيراً من السكان الإثيويبين الذين يزرعون الذرة والسمسم لصالح حكومتهم، وسكوت النظام المخلوع عن تلك التجاوزات جعل إثيوبيا تعتقد أنها يمكن أن تضم تلك الأراضي الى حدودها بالمغالطة على طريقة اكذب حتى يصدقك الناس، وقد أثبتت ذلك من خلال تصريحات أحد سفرائها الذي طالب الجيش بالانسحاب وقال إنه لا يمكن إزاحة الإثيوبيين الموجودين في تلك الأراضي المحتلة، وهذا دليل على أن تلك العصابات تقوم بعمل رسمي منظم.
بلا شك السودان لا يريد الدخول في حرب مع إثيوبيا ويحترمها، وكونه كان في ظل نظام فاسد يحافظ على السلطة بالتنازل عن سيادته لدول الجوار فهذا لا يعني أن الأمر سيستمر في ظل الأنظمة الجديدة، وعليه إثيوبيا يجب أن تبادل السودان التقدير بالتقدير، وعلى الرئيس الإثيوبي أن ينسحب من الأراضي السودانية التي احتُلت في عهد الرئيس السابق ويعتذر عما فعله من أجل شعبه، وهو بلا شك لن يندم بإعادة الحق الى أصحابه وسيعود عليه بالنفع، والشعب الإثيوبي لن يتوقف عن اللجوء للسودان، وأعتقد أن دعوة الشعبين لعدم الدخول في حرب هي وحدها استفتاء يذكر الحكومتين بعدم خلق جذور لأزمة جديدة لها انعكاسات مستقبلية تحول الشعبين الشقيقين إلى أعداء وتفتح عليهم أبواب جهنم، والآن الكرة في ملعب الرئيس الإثيوبي أبي أحمد إن أراد أن يزرع بذرة الخير أو الشر، والسودان ما بعد النظام المخلوع لا يريد حرباً مع إثيوبيا ولكنه لا يتنازل عن شبر من أراضيه ولا أي حق آخر.
صحيفة السوداني