يوسف السندي يكتب نهاية حقبة القراي ومحمد الأمين التوم
اطلعت على نسخة من بيان لوزير التربية والتعليم منشور في الأسافير، فلم أدر أهي معاتبة ام استقالة ام ماذا؟ كثير من الكلام في البيان ولكنه لا يقول شيئا في الاساس، فالرجل يبدو أنه علم ان إعادة تعيينه في الوزارة الجديدة من المستحيلات فأراد أن يثبت موقف، ولكن حتى تثبيت هذا الموقف لم يثبته بطريقة واضحة وهي مشكلة في البيان والإفصاح لا يجب أن تكون في التنفيذيين ورجال الدولة.
حقبة الدكتور محمد الأمين ومدير مناهجه الدكتور عمر القراي قد انتهت، ونتيجتها صفرا كبيرا، بل في الحقيقة نتيجتها بالسالب لأنها أعطت صورة مستفزة عن حكومة تم تعيينها على الشعب ولم تأتي بالانتخابات، لن تجدي الان تبريرات الوزير والقراي بعد أن وقع الفأس في الرأس، كان بإمكانهم في فترة سابقة ان يمارسوا الدبلوماسية ويستصحبوا معهم آراء جميع التيارات التي أبدت ملاحظات على طريقة إدارتهم لقضية المناهج، فالقراي من قبل تعيينه تم الطعن فيه، وبما أن رئيس الوزراء تغاضى عن هذا الطعن واعطى القراي فرصة لإثبات العكس، كان يجب على القراي ان يثبت انه بعيد كل البعد عن استخدام وظيفته الجديدة في ما يستفز الجماهير وخاصة الذين قدموا فيه الطعن، ولكنه لم يفعل بل ظل يصعد المنابر منبرا وراء منبر ليهاجم من منصات صحفية كل من كتب فيه كلمة وكل من قدم فيه اعتراض حتى أصبح الرجل مادة دسمة للصحافة، وأصبح مصدر احراج لحكومة الفترة الانتقالية وهو ما لا يمكن الصبر عليه الى ما لا نهاية.
القراي لم يوفق في تقديم خطاب استقالته الذي مارس فيه استاذية عجيبة على رئيس الوزراء، وهو يرسم لرئيس الوزراء ما كان يجب أن يفعله وما لا يجب أن يفعله، حتى لتشعر ان الذي كتب الخطاب هو رئيس لرئيس الوزراء وليس أحد مرؤسيه، وربما كان هذا الخطاب غير المهذب الذي وصف فيه القراي رئيس الوزراء بانه ضد الثورة هو سبب غضبة بعض أعضاء مكتب رئيس الوزراء، إذ لم يكن من الموضوعي ان يتم تناسي توجيه احد المسؤلين لتهمه خطيرة كاتهام رئيس الوزراء بالعمل مع أعداء الثورة وتركها تمر مرور الكرام، فهذا المنهج اذا لم يحسم الآن سيكون منهجا معتادا في المستقبل وكل خارج من المناصب سيتهم رئيس الوزراء بما يشاء.
لم يناصر القراي وزيره فقط بل ناصره الكثير من صحفي اليسار وهذا طبيعي، المدهش كانت مناصرته من قبل اسماعيل التاج احد قادة تجمع المهنيين، فالرجل لم يتوانى هو الآخر في أتهام رئيس الوزراء وحكومته بما لا يستحقون، وإذا كانت الروح التي كتب بها اسماعيل التاج مقاله عن القراي هي الروح التي يتعامل بها هذا الرجل في اضابير العمل العام والسياسي فإنه لم يعد مستغربا بالنسبة لنا لماذا اختطف الشيوعيون تجمع المهنيين ولماذا انتهى التجمع إلى هذا الوضع من الضعف والهوان. فتحت قضية القراي عيون الجميع على ما غطاه تاريخ العمل المشترك الماضي من اتفاقيات الحد الادنى، ولا يبدو أن المستقبل سيقبل مجددا هذا الاتفاقيات في ظل البراح الديمقراطي.
صحيفة السوداني