بروفيسور عارف عوض الركابي يكتب: الفكر الجمهوري يُضلّل ويُجهّل ويُكفّر المسلمين
بروفيسور عارف عوض الركابي
من خلال النقل المضمّن في نهاية هذا المقال من كتاب محمود محمد طه : (الإسلام وإنسانية القرن العشرين) نجد أنه يدّعي ما يلي :
1 – دعوته هي رسالة الإسلام الثانية ، ويطلق عليها أحياناً (دعوة الإسلام الجديدة) ، وهذا الاسم الأخير بدأ الجمهوريون في هذه الفترة استخدامه لأجل استخدام ألفاظ أخف لترويج فكرتهم المرفوضة .
2 – يدعي أنه يدعو إلى العلم الذي لم يسبق إليه من لدن آدم عليه السلام !! فيزعم أن تأريخ البشرية الطويل من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم كان يدعى فيه إلى (العقيدة) ولم تكن هناك دعوة إلى (العلم) !!! وهنا وقفة مهمة فإن تلميذ محمود هذا وهو القرّاي يدعي أن قبل آدم توجد أمم .. ومفهوم كلام شيخه المقتول ردة يبطل دعواه التي لم يقمها على دليل !!
3 – يدعي محمود محمد طه أن دعوة الإسلام لما حاولت في مكة الدعوة إلى العلم لأول مرة في التأريخ حصلت الردّة إلى العقيدة وتُرِك العلم !!
4- يدّعي كعادته بغير برهان أن القرآن المكي أرجئ ويسميه قرآن الإسماح ويقول أحياناً (تم سحبه) وحلّ محله القرآن المدني الذي يسميه قرآن الإكراه.
5 – يدّعي أنه لم يطبق شريعة الأصول ويقصد بها : (القرآن المكي) إلا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وحده ، ولذلك كان – كما يزعم حلاج عصره – أن النبي محمدا وحده هو المسلم في أمته ، وأما من آمنوا به فهم مؤمنون غير مسلمين !!!
6 – يزعم أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كانت شريعته فردية خاصة به ، وكان يعمل بالقرآن المكي المنسوخ بالنسبة لأمته في ذلك الوقت ، وغير ملزم لها ، فيدّعي أنه كان يعمل بما هو منسوخ في حق أمته !!!
7 – يسمي هذه الشريعة الفردية التي يدعي أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان يعمل بها لوحده يسميها : (السنة) ، ولذلك يجب الانتباه بفهم مصطلح (السنة) عند الجمهوريين ، فهي ليست بالمعنى الذي يعرفه المسلمون علماء وعامة.
8- يدعي مستخدماً عبارات جزم من طراز خاص مضللاً مجهِّلاً مسفِّهاً هذه الأمة والأمم التي سبقتها منذ بدء وجود البشرية بقوله : (الأمر المهم، والذي يجب أن يكون واضحا، هو أن الأمة المسلمة لم تدخل في الوجود بعد) .. وهو تضليل بالجملة ..
9- يدّعي في جرأة عجيبة أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن من أمته ، وإنما كان يعايشها ، ويدرجها.. ويصفه بأنه كان كأنما أقبل عليها من القرن العشرين.. فكأنه يعيش معهم اضطراراً وهو يتطلع ويتشوّق للمسلمين الذين هم غير المؤمنين الذين يدعي حلاج عصره هذا وأتباعه أنهم هم أتباع الفكر الجمهوري.
10- يدّعي محمود محمد طه أن ما يدعو إليه في الفكر الجمهوري هو الدين الذي لا دين غيره منذ اكتشافه هو له !! وهذا يؤكد حكمه بتضليله جميع المسلمين وتجهيلهم وإخراجهم عن الجادة والعمل بالدين بل هو كلام واضح في التكفير ، ولهذا تجد تلميذه دالي في لقاء قريب بقناة أم درمان يشهد بأن الناس الآن ليسوا على الإسلام وليست هذه الصلاة التي يصلونها صحيحة رغم امتلاء المساجد فهم ليسوا مسلمين .. ويستدل – كما لقنهم شيخهم – بحديث الفرقة الناجية وحديث : (بدأ الإسلام غريباً وسيعود قريباً ..) فيعتقدون أن الجمهوريين هم الفرقة الناجية فقط دون بقية المسلمين .. بما فيهم أحزاب (قحت) التي تمكّن لهؤلاء الجمهوريين ، فهي داخلة في زمرة المغضوب عليهم والضالين والجاهلين والتائهين !!
هذه عشر دعاوى ادّعاها زوراً وبهتاناً المقتول ردّة محمود محمد طه ، أردت بها تسهيل فهم موقف الجمهوريين من جميع المسلمين وتكفيرهم لهم .. فإن الجمهوريين يكفرون جميع المسلمين غيرهم ويرون أنهم على ضلال مبين .. فإن الفكر الجمهوري يطلق عبارات التضليل والتجهيل والتكفير على عامة المسلمين بغير دليل ولا حجة ولا هدى ولا كتاب منير ..
ولمن أراد أن يستوثق من صحة ما نسبته لمحمود محمد طه في هذه الدعاوى فهذا نصّ كلامه من الكتاب المذكور ، فقد قال :
(أما التجربة الثانية فقد كانت ثمرتها كتابنا : (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين) .. وهو كتاب قد أحدث ضجة كبيرة.. ووجد رواجاً عظيماً بين القراء .. ولقد كان، هو الآخر، محاضرة ألقيت في عدة أماكن من البلاد، وسجلت على شريط، ثم أخذ الكتاب من الشريط مباشرة، فجاء لذلك باللغة العامية..
والضجة التي ثارت حول هذا الكتاب إنما سببها سوء فهم الناس لحقيقة ما عليه هذه الدعوة، التي نباشرها بين الناس، باسم : (الرسالة الثانية من الإسلام) .. أو باسم : (الدعوة الإسلامية الجديدة) .. وسبب سوء فهم الناس „للدعوة الإسلامية الجديدة“ مفهوم ، ومقدر ، في نفس الوقت.. ذلك بأن هذه الدعوة إلى الإسلام اليوم تتجه إتجاها علمياً، مما لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية الطويل العريض .. لقد عرف الدين دائماً بوجهه العقيدي.. الدين ، من لدن آدم وإلى محمد ، دعوة إلى العقيدة .. لقد دعيت الأمم جميعها ، وعبر هذا التاريخ الطويل، إلى العقيدة، ولمَّا تُدعَ إلى العلم..
ولما جاء دور الدعوة إلى العلم ، في الدين ، في عهد الإسلام الأول ، ونزلت في القرآن المكي ، ظهر ظهورا عمليا ، إن الوقت لم يحن بعد للدعوة على مستوى العلم ، فكانت الردة إلى العقيدة ، وأرجئت هذه الدعوة التي تتسامى بالعقيدة لتدخل بها مداخل العلم – أرجئت هذه الدعوة في معنى ما نسخ قرآن الإسماح – قرآن مكة – ونزل إلى قرآن الإكراه – قرآن المدينة .. وعلى قرآن المدينة قامت شريعة الرسالة الأولى ، التي طبقتها أمة المؤمنين ، وهم أصحاب الرسول محمد .. ولم يطبق شريعة قرآن الأصول – قرآن مكة – غير النبي وحده.. ولقد أصبح ، بهذا التطبيق، مسلماً، في حين أن أصحابه قد كانوا مؤمنين .. وفرق ما بين هذا المسلم والمؤمن ، فرق ما بين النبي والرجل من ساير أمته .. فقد كان النبي وحده، المسلم في أمة المؤمنين …………….
لقد كان النبي وحده المسلم في أمة المؤمنين.. ولقد كان صاحب شريعة فردية، في جميع تكاليفه.. وشريعته كانت تقوم على الآيات المكية – آيات أصول الدين – في حين أن هذه الآيات كانت منسوخة، في حق أمته – كانت غير ملزمة شرعا للأمة.. شريعته الفردية هي سنته.. السنة، على خلاف ما يعرفها الفقهاء، هي عمل النبي في خاصة نفسه – هي تكليفه هو الفردي..
الأمر المهم، والذي يجب أن يكون واضحا، هو أن الأمة المسلمة لم تدخل في الوجود بعد، وأن جميع الأمم، من لدن آدم وإلى محمد، كانت أمما مؤمنة – „في مرحلة العقيدة“ – ولم يجيء من الأمة المسلمة – „أمة مرحلة العلم من الدين“ – إلا طلائعها، وهم الرسل.. ولقد كان نبينا طليعة متقدمة جدا، فهو لم يكن من أمته، وإنما كان يعايشها، ويدرجها.. كان كأنما أقبل عليها من القرن العشرين.. ولقد كان يعيش معهم وهو متطلع ، ومتشوق، لإخوانه الذين لم يكونوا حاضريه يومئذ ………………….
إن هذا الذي ندعو إليه قومنا اليوم إنما هو أصل الدين – هو الدين الذي ليس غيره دين منذ اليوم – ونحب أن ننبه إلى أنه لم يترك من الغفلة شيئا، ولا من الجهل شيئا).
انتهى النقل من كتاب (الإسلام وإنسانية القرن العشرين) لمحمود محمد طه والذي لخصت منه النتائج العشر في صدر هذا المقال.. ولما تجدهم يتحدثون عن التكفير والغلو والإرهاب تذكر أنه ينطبق عليهم المثل المشهور : (رمتني بدائها وانسلتِ) !!
صحيفة الانتباهة