أسماء جمعة تكتب ديسمبر الثورة والاستقلال
ديسمبر الثورة والاستقلال
أسماء جمعة
تعود اليوم الذكرى الثانية لثورة ديسمبر المجيدة والمباركة ومازال الشعب يعاني وهو يحاول الخروج من مستنقع النظام المخلوع، وهو امتداد لأنظمة سابقة مشابهة إلا أنه هو الأسوأ، ولكن أخيراً من الله علينا بثورة ديسمبر لتخلصنا من مآسيهم، وهي فعلاً ثورة مباركة لأن الذين فجروها هم شباب شرفاء وصادقون يعملون من أجل الحق، همهم الوحيد تحرير بلدهم وشعبهم من ذلك المستنقع، والدليل التضحيات التي قدموها وما زالوا يقدمونها بشجاعة رغم خزلان وإحباط الأجيال القديمة من الأحزاب والعسكر وهذه هي أزمة السودان الحقيقية.
ثورة ديسمبر انطلقت في نفس اليوم الذي تم فيه إعلان استقلال السودان عن المستعبد البريطاني من داخل البرلمان، وهو استقلال لم يتحقق فعلاً رغم مرور أكثر من ستين سنة عليه، صحيح انتهى الحكم الأجنبي ولكن آلت السلطة لعهد آخر من الاستعباد المتدثر بثوب الوطنية، وقد كان أسوأ من الأجنبي فرغم كل سيئاته أنجز مشاريع لم تنجزها الحكومات الوطنية مجتمعة، بل قضت عليها وخاصة النظام المخلوع.
لست بصدد أن أعيد الحديث عن ذلك التاريخ أو أحكي عن كيف تسبب صراع العسكر والأحزاب في أن يبقى السودان تحت الاستعباد والاستغلال الوطني، ولكن لأؤكد أن الاستقلال الذي نحتفل به هذا العام والأعوام القادمة هو الذي حققته ثورة ديسمبر 2018، من هذا التاريخ يبدأ استقلال السودان الحقيقي، وما يهمنا الآن هو استمرار ثورة ديسمبر حتى تحقق كل الشروط التي تجعل السودان دولة مستقلة فعلاً، ولذلك ستكون بإذن الله خاتمة الثورات تحقق كل ما عجزت الثورات السابقة عن تحقيقه فنتج عنه انقلابات وحكومات عسكرية مدمرة برعاية أحزاب سياسية وأيدلوجيات فاشلة، وستعيد الأحزاب والعسكر الى صوابهم فهم حتى الآن ما زالوا في غيهم يعمهون .
لقد تحمل الشعب السوداني في ثورة ديسمبر مالم يتحمله في نضاله ضد المستعبد البريطاني ودفع ثمنا أغلى بدأ مع تباشير الثورة في ظل النظام ثم استفحل مع انطلاقتها واستمرارها وبلغ مداها للأسف بعد سقوطه في ظل إدارة المجلس العسكري ممثل قوات الشعب المسلحة للبلاد، حيث وقعت أبشع مجزرة في العصر الحديث لم يرتكبها الاستعمار الإنجليزي عندما طالبهم الشعب السوداني بالخروج، وحتى الآن لم تتحمل المسؤولية ولم تتحقق العدالة التي أصبح لا مفر منها من أجل تحرير السودان من الاستعباد الوطني البغيض.
يحيي الشعب السوداني اليوم ذكرى ثورة ديسمبر بنفس الشجاعة رغم الجراح والأحزان والأزمات والإحباط والتربص الداخلي والخارجي من أجل مستقبل يليق به وبشبابه المتطلع، مستقبل لا يحمل أي ملمح من ذلك الماضي وهذا الحاضر المظلمان، والشعب يثق في نفسه تماما وأنه سيصمد وسيعبر وسينتصر، هكذا يقول التاريخ فالشعوب عندما تريد الحياة يستجيب القدر وينجلي الليل وكل القيود تنكسر .
كل الأمنيات لهذا الشعب العظيم بالخلاص وأن تأتي الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر وتجد السودان قد قطع شوطا طويلا وتحقق الكثير من احلامه خاصة السلام والعدالة، واستوعب الجيش والأحزاب الدرس بعد 65 سنة من الدروس التي دفع ثمنها الشعب صاحب هذه الثورة .
صحيفة الانتباهة