ياسر الفادني يكتب: بيبسي كولا
أحد ظرفاء مدينتنا حكى لي أنه ذات ليلة رأى في المنام أنه يقف أمام برميل بلاستيك، البرميل مليء بزجاجات البيبسي الباردة ومكسرات الثلج تحيط بها من كل جانب كإحاطة القطيع بحمدوك عندما حل وهم يهتفون: (شكراً حمدوك). هذه العبارة التي قبرت بسرعة في مقابر أحمد شرفي السياسية غير مبكياً عليها، حكى لي صاحبي أنه كل مرة مرة يتناول المفتاح ويفتح زجاجة ويكرعها بشراهة وما أن ينتهي من الأولى حتى يفتح الثانية واستمر حاله هكذا إلى أن شرب كل ما في البرميل من البيبسي! بعد أن دفع ثمنه، ظل يواصل سرده لرؤيته إلى أن قال لي: أنه صحا من نومه بعد ذلك وأراد أن (يتجشأ) أو كما نقول بالعامية يطلق (دشوة) فأطلق دشوة شارب البيبسي! فضحكت كثيراً على خيال رؤيته الغريب!
هذه الرؤية تذكرني بحال هذا الجسم الغريب الذي سطا على السلطة بليل لكنه لم يحلم في منامه بل ظل يحلم أحلام اليقظة نهاراً جهاراً. وظن جزافاً بأنه هو المنقذ وهو المصطفى وهو المختار وهو الأمثل وهو خيار الشعب، هذا الجسم الذي جثم علي ظهر المواطن عامين كاملين لم يجد منه غير (السواقة بالخلاء) والتشبث بأحلام (ظلوط) وأحجية على بابا والستين حرامي بعد أن( زادوها موية) بدلاً من أربعين حرامي! كطريقتهم في إدارة اقتصاد البلاد. هؤلاء الذين لم يلقوا هذا الشعب في غيابت الجب ليلتقطه بعض السيارة ويذهبون به إلى عزيز، بل ساقوه خلاءاً، وتركوه هائماً على وجه يتخبط يمينا وشمالا ً حتى أصابه الوهن والتعب وسقط وكان لقمة سائغة في (خشم المرفعين).
الفرق بين رؤية ظريفنا ورؤية هؤلاء أن صاحبي قبل أن يشرب دفع حقه في حلمه كاملاً يعني (بحقو)!. لكن هؤلاء لم يدفعوا شيئاً، في أحلام يقظتهم حلموا بأنهم اهل حرية ولم نر الحرية حلموا بأنهم أهل عدل وسجونهم امتلأت بالشرفاء دون تهم ودون محاكمات عادلة، منهم من مكث سنتين ومنهم من مكث سنة ومنهم من مكث شهور حلموا بتحقيق السلام فأتوا بسلام مقطوع الأذن ومجدوع الأنف لا رائحة له ولا طعم تعاملوا فيه (بالخيار والفقوس) ونظرية إقصاء الآخرين. حلموا باقتصاد متعافي لكنهم فشلوا حتى وصل التضخم نسبة عالية لم تحدث من قبل في هذه البلاد لدرجة أن المواطن إذا تحصل على كيس خبز أو أنبوبة غاز أو جالون وقود كأنه تحصل علي جائزة نوبل. الفرق بين رؤية صاحبي وهؤلاء أن صاحبي تجشأ عافية وصحة، لكن هؤلاء عندما يفيقون من نوم اليقظة فماذا سيجدون؟
وإن غداً لناظره قريب
صحيفة الانتباهة