الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب : بعض الاحترام..!!

:: بعد أن وصف انسحابهم من المشافي بالسلوك (غير المهني وغير الأخلاقي)، أوضح وزير الصحة المكلف أسامة عبد الرحيم بأن للوظائف الثابتة – التي يطالب بها نواب الاختصاصيين – قانوناً لا يستطيع سيادته إلغاءه.. وحديث الوزير المكلف يعني استحالة توفير وظائف ثابتة لنواب الاختصاصيين، لوجود قانون يعارض توظيفهم.. ولكن بعد يوم واحد فقط من هذه الاستحالة، وبعد تدخل رئيس الوزراء، قررت الحكومة توفير (2.000 وظيفة)، على أن يعمل بقية النواب بالعقودات..!!

:: وبغض النظر عن هذا الحل غير العادل، ماذا حدث للقانون الذي يمنع توظيف النواب؟، هل ألغوه بين ليلة وضحاها؟.. وبغض النظر عن هذا التخدير المسمى بالحل، لماذا لم تبادر به الحكومة قبل انسحاب النواب من المشافي؟.. لم نسمع عن تبرع السعودية بميزانية (2.000 وظيفة)، ولم نشاهد مندوب منظمة الصحة العالمية يقدم شيكاً مصرفياً لوزير الصحة بقيمة عقودات بقية النواب، فكيف وفرت الحكومة ميزانية الوظائف والعقودات..؟؟

:: وكل الأسئلة بغرض الوصول لنتيجة مفادها أن التغيير (لم يحدث بعد).. فالحكومة لا تزال هي حكومة رد الفعل، وليست حكومة الفعل.. لقد ذهب نظام البشير، ما في ذلك شك، وكذلك المسؤولون في ذاك العهد، ومع ذلك لم يحدث التغيير المنشود.. وما حدث بعد الثورة – وحتى الآن – لم يتجاوز محطة استبدال أحزاب بأخرى وشخوص بآخرين، أما التغيير المنشود (لم يحدث بعد).. لم يحدث في كل القطاعات، وليس فقط في قطاع الصحة..!!

:: انتظار الإضراب، ثم الانفعال بقضايا المضربين، بالاستجابة لبعض أو كل مطالبهم، من نهج النظام المخلوع.. ويبدو أن حكومة الثورة مُغرمة بذاك النهج، ولو لم تكن كذلك لاستمعت لشكاوى نواب الاختصاصيين قبل عام، ولما انتظرت حتى (يضربوا).. نعم، فالسادة رئيس وأعضاء مجلس الوزراء يعلمون بأن عمال النظافة بالمشافي أفضل وضعاً من نواب الاختصاصيين، وأن هؤلاء النواب يحلمون بأن تكون أوضاعهم كأوضاع أولئك العُمال..!!

:: نواب الاختصاصيين يعملون بحافز لا يتجاوز (4 دولارت).. فقط أربعة دولارات أو أقل، وكتبتها بالدولار حتى يعلم الأجانب قبل المواطنين بؤس حالهم.. وليس لهم أي حقوق، بما فيها حق الحماية القانونية في حال حدوث أخطاء طبية.. يُساقون إلى المحاكم مثل أي مجرم، أو كما حدث لثلاثة منهم بأم درمان قبل سنوات، حيث وجهت لهم نيابة أمبدة تهمة القتل العمد – بموجب المادة 130 – لعلاجهم مريضاُ كان في (حالة حرجة)، ثم مات بعد هروبه من المستشفى..!!

:: وناهيكم عن الترحيل والوجبات وغيرها من الأحلام، بل ليس لهم (أبسط حقوق)، بما فيها التأمين الصحي.. تخيلوا.. يتم حرمانهم من التأمين الصحي، رغم أنّهم أقرب الناس إلى بُؤر الأمراض والأوبئة – طوال الأربع سنوات – ما بين عنابر المرضى وأقسام الحوادث.. هؤلاء هم من يقصدهم المرضى، ويجدوهم يغطون (الورديات) على مدار اليوم.. هذا حال نواب الاختصاصيين يا مجلس الوزراء.. وعليه، فإنهم حين ينسحبون من المشافي لا يفعلون ذلك طلباً للسُّلطة والثروة، بل يطلبون بعض الاحترام..!!

الطاهر ساتي-صحية السوداني