تراجيكوميديا “الشكساء”…
(١)
بذلت غاية الاجتهاد أن أجد تفسيراً جدياً أو تحليلاً موضوعياً ل “الجلبة” التي أحدثها تشكيل “مجلس شركاء الانتقال” فلم أجد ما يسعفني في إيجاد حل لهذه “الملهاة” سوى تذكر تلك الطرفة التي تُحكي عن أربعة أشخاص استهموا لشراء سيارة أجرة، غير أن استثمار الشركاء الأربعة ووجه بمشكلتين الأولى أنه لا أحد منهم يصلح لقيادة السيارة، واضطروا للاتفاق على استئجار سائق محترف، والثانية أنهم يفتقرون للثقة فيما بينهم، وفي سائقهم أيضاً، فأصبح الشركاء الأربعة يصطحبون السائق في سيارتهم جيئة وذهاباً ظناً من كل واحد منهم أنه يضمن بذلك ألا يستغفل، دارت الأيام واكتشفوا أنه لم يتحقق لهم عائد البتة، فاجتمعوا وفكروا وقدروا وخرجوا بحل ألمعي أن المشكلة لا بد أن تكون في السائق ولذلك رأوا أن يستبدلونه بآخر!!!
(2)
يبدو أن السادة “شكساء الانتقال” عفواً أقصد “شركاء الانتقال”، بعسكرهم ومدنييهم ما بينهما، وقد رأوا حصاد لعبة السلطة قد أفرز بعد قرابة العام والنصف يباباً، عجز تام عن إنجاز أغلب مهام الانتقال، وبدلاً من التحلي بالشجاعة في ممارسة النقد الذاتي، والقيام بالمراجعة لجذور هذا الفشل، واتخاذ خطوات التصحيح الجذرية لهذه الاختلالات الهيكيلية، آثروا أن يتصرفوا على النحو ذاته الذي انتهى إليه أصحاب طرفة شركاء سيارة الأجرة، الذين عجزوا عن النظر إلى خاصة دورهم في فشل استثمارهم، وهربوا إلى الإمام بتحميل السائق أوزار قلة عقلهم. فالمشكلة ليست هي على الإطلاق “صلاحيات” مجلس الشركاء كما تتطاير بذلك، للمفارقة، بيانات الذين تواطأوا على اختراعه، بل ما هو الداعي لتأسيسه أصلاً؟ أو ما نفع تأسيس مجرد مجلس جودية.
(3)
التشاكس الذي رافق الإعلان عن المجلس الذي كان مفترضاً أن يعالج المشاكسات بين فرقاء الانتقال، حسب الزعم الأساسي في تبرير تشكيله، يكشف بوضوح من أول يوم أنه لن يكون مطلقاً مهيأ للقيام بهذا الدور، ببساطة لأن المشكلة لا تتعلق ابتداءً بعدم توفر آلية لهؤلاء الشركاء للتلاقي والتشاور والتنسيق، ويذكر الناس تلك المؤتمرات الصحافية المتكررة التي كان يظهر فيها الثلاثي ممثلو المكون العسكري وقحت والحكومة ليعلنوا اتفاقات ومصفوفات مفصلة بأجندة ومواقيت محددة لتنفيذ مهام الانتقال، وكانت النتيجة دائماً صفراً كبيراً، لم يتحقق من تلك المصفوفات شيء يُذكر لأنه لم تكن هناك مشكلة أصلاً في التنسيق والتوافق بين شركاء الانتقال، بل لأن هناك اجندة خفية ومصالح ذاتية وصراعا على السلطة والنفوذ بين كل أطراف الشركاء فيما بينها وحتى في داخلها، لا علاقة له بشواغل الانتقال ومهامه المثبتة دستورياً، كانت ولا تزال هي التي تحكم لعبة الصراع على وراثة سلطة الانتقال، وبالتالي فإن مجرد تشكيل مجلس وإعطائه صفة دستورية لن تغير شيئاً، فالقضية ليست في الأشكال أو حدود الصلاحيات بشأن التنسيق، بل في إحداث تغيير جذري في مضمون العملية السياسية نفسها وممارستها الراهنة بغرض خدمة الصالح العام فحسب.
(4)
ولئن ضربنا الذكر صفحاً عن بيانات بعض القوى السياسية المنتقدة للخطوة علناً، وهي التي تناجت حولها سراً من أجل ضمان الحصول على نصيب من كيكة السلطة في وجه تغير توازنات القوى بعد دخول طرف رابع للمعادلة، فإن ما يثير الاستغراب حقاً استيقاظ مجلس الوزراء فجأة من سُباته العميق، يذيع تحفظات شكلية على المجلس بـ”صيغته الحالية”!!، ما يفيد بأن المطلب جوهري ضمان دور رئيس مناوب لرئيس الوزراء لا أكثر ولو بدون صلاحيات، وهذا ما يعكسه الواقع الراهن، وهو الذي تنازل طوعاً عن صلاحياته المثبتة دستورياً تاركاً للعسكريين قيادة السياسة الخارجية، السلام، الاقتصاد، وهلم جرا، ولم يسمع أحد لمجلس الوزراء الذي ظل صامتا يوماً واحداً منتفضاً يشكو سلب “صلاحياته” في قلب أحداث جلل من صميم واجباته. وما يؤسف له أن هذه المعركة الصاخبة تجري في لا معترك، ولو أن الحكومة أنفقت عُشر هذه الحماسة الانصرافية في حل القضايا الحقيقية والقيام بواجباتها لما ظل المواطنون يعانون من كل هذه الأوضاع المزرية.
خالد التيجاني – صحيفة السوداني
لانو صلاحيات القحاتة الشخصية في مهب الريح لذلك رأينا معارك في غير معترك وهروله من اجل الركوب في الباص الجديد
لكن السواقيين الجدد لهم راي تاني في من يركب في المقدمة ومن يركب في الماخرة ومن لا يركب اصلا. ومن يمثل دور الكمساري.حمدوك.في الباص الجديد.
اذن هو الاطماع الشخصية لا غير..
الراكبين ورا..هم اصحاب وزن الريشة . حتي لا يطيروا في الهواء الرجاء ربط حزام الأمان.