السكرتير العام للشيوعي محمد مختار الخطيب : التطبيع جاء نتاج لضغوط امريكية ودول اقليمية اخرى
سكرتير الحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب يكشف في حواره مع (السوداني) دهاليز خلافات الحرية والتغيير بين بعضهم من جهة وتقاربهم مع العسكريين من جهة أخرى ليشكلوا تحالفاً جديداً، وتناول الخطيب موقف الحزب من التطبيع مع إسرائيل، والتسوية مع الإسلاميين وتطورات الأوضاع على الساحة السياسية بعد توقيع اتفاق جوبا
#التسوية مع الإسلاميين تحت بند المصالحة الوطنية كتجربة إنسانية نجحت في العديد من الدول ..ما مدى قبولكم لتطبيق التجربة؟
الصراع الأساسي في السودان سياسي اجتماعي، فالسودان منذ الاستقلال وكل الأنظمة التي تعاقبت بنوعيها المدني والعسكري ذهبت في اتجاه أن تتراكم الثروة في فئات محددة، وبالتالي ذهبت في ذات طريق المستعمر الانجليزي والثنائي لخدمة مصالحهم التي تتمثل في أن نكون مصدرا للمواد الخام وبأسعار رخيصة، وسوق لمنتجات البلدان الرأسمالية الأخرى، فنتج عن هذا تراكم الازمة العامة المتمثلة في ديون لتغطية التجارة غير المتكافئة اذا قيس بالاثمان العالية التي نشتري بها ، الامر الذي تسبب في عدم حدوث تنمية حقيقية بالسودان، والتنمية التي تمت كانت بشكل غير مخطط وغير متوازن، والانظمة الديمقراطية لا تستطيع ان تحقق تطلعات الجماهير فبالتالي تحدثت الانقلابات العسكرية بذريعة ان المدنيين قد فشلوا وأنهم سائرون بذات طريق المدنيين، أدى ذلك إلى أن تسخط الجماهير من الأنظمة العسكرية فتصنع انتفاضة شعبية لإسقاط الأخيرة وعندما أتت ثورة ديسمبر اختزلت كل هذا ورأت أن الحل في الخروج من هذه الدائرة بخروج الرأسمالية الطفيلية التي أتت عبر الإسلاميين ،ونحن لسنا ضد الإسلاميين ولكن نحن ضد استخدام الدين كأداة لخدمة قوى وفئات اجتماعية في سبيل فرضها بالقوة واستخدم الدين وسيلة للقمع، وعندما قامت ثورة ديسمبر قامت بوعي كبير ورفعت شعارات واضحة، وإذا كان 64 و85 القوى الحديثة وقوى الحضر، ففي ديسمبر جمعت كل أهل السودان تحت شعار محدد هو (الحرية والعدالة والسلام ) وتحدثوا عن خيارهم لتحقيق هذه الثورة ونقضوا كل ما كان مطروحا في ذلك الوقت بما فيه الهبوط الناعم الذي طرحته الحكومة السابقة بحيث يحدث حوار، وما يعاب على الحكومة الانتقالية الحالية في أنها تسير في نفس السياسات، الهدف كان تفتيت الركائز الرأسمالية الطفيلية من قواها الاقتصادية والسياسية وما إلى ذلك هو ان يصفى نظام الراسمالية الطفيلية والازمة الحالية هي استمرار للماضي، هذه القوى استطاعت قطع خط الثورة ومنعتها من استكمال تطلعات الجماهير الذين قاموا بالثورة، ويعمل على التحالف مع الاسلاميين من جديد، وماينبني حاليا تحالف جديد مابين قوى الراسمالية التي استطاعت ان تقطع الطريق على ثورة ديسمبر وان تتسلم السلطة وايضا تعمل على مد يدها للقوى الراسمالية الاخرى من الاسلاميين السابقين وهذا مانرفضه نحن كحزب شيوعي سوداني.
# فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية كممثل للديمقراطيين الذين نوعاً ما يدعمون التحول الديمقراطي في البلدان الأخرى .. تتوقع أن يؤثر هذا على المشهد السياسي السوداني؟
الولايات المتحدة في حكوماتها وحزبيها المتصارعين حيث ان صراعاتهما بالاصل رأسمالية ، واي قوة في الادارة الامريكية التي تسيطر توجه للشركات التي تدعمها ، الديمقرطي او الجمهوري في النهاية يخدم مصالح الراسمالية الامريكية التي تنهب خيرات الشعوب، وهي لا تعيش إلا اذا دمرت البلدان الضعيفة لذلك يضغطونا في سبيل مصالحهم ، فبفوز بايدن قد تحدث تغيرات في السياسة ويتغير الاسلوب ولكن يظل الهدف نهب البلاد.
# لائحة مجلس شركاء الحكم تم اتهامها من قبل الكثيرين بالمصادرة لصلاحيات الجهاز التنفيذي للحكومة، ما تعقيبك على اللائحة؟
في الاصل قسمت السلطة في الفترة الانتقالية ان تسير على نشر المسارات، ولكن قام المكون العسكري بمجلس السيادة باختطاف ملف السلام على اساس واضح جدا بالوثيقة الدستورية، بالرغم مافي الدستورية من عيوب الا انها نصت على ان الجهة التي تشرف على السلام مجلس الوزراء عبر المفوضية وبقيام المؤتمر الدستوري ، وتجاوز المكون العسكري والحكومة كل هذا، وقالت الدستورية ان مجلس السيادة يمثل رمز السيادة الوطنية وليس لهم اي مهام وسلطات تنفيذية لكنهم تغولوا، والوثيقة الدستورية لم تتجه اي ان تكون القوات النظامية بشكلها العام بامرة الحكومة المركزية اي انها قوة قائمة بذاتها بالتالي جردوا الحكومة المدنية من انيابها وسلبتها إرادتها، في سبيل ان تتقن سياساتها عبرهم، لذلك استطاعوا ان يفرضوا نفسهم واستلموا ملف السلام وذهبوا في ذات الاتجاه وفرضوا اتفاقيات جزئية وابتدعوا قضية المسارات وهذه التجربة جربها الشعب السوداني من خلال المفاوضات التي كانت لا تتم لانها تحل قضايا القوميات التي هي جزء من أزمات السودان ويجب ان تحل في اطارها الشامل بجانبه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وغيره ويمكن ان نتوافق على هذا من خلال المؤتمر الدستوري، ولكن الذي تم .
مناقشة كل هذه القضايا في اطار ثنائي، كنا نعلم انه سينتج منه محاصصات في مناصب دستورية، بل تجاوزت هذا وذهبوا لمحاصصات في الخدمة المدنية وفي الوظائف العامة بشكل عام حتى مافي ذلك الهيئة القضائية او اجهزة العدل وفي البنوك او غيرها، بحيث تمكن الجبهة الثورية القوى التي فاوضت نفسها في السلطة ويكون لديها أيضاً تمكين آخر في سبيل ان تخدم مصالحها ، وتسير مجتمعة في طريق صنع التحالف الذي تم وهذا غير منصوص عليه بالوثيقة الدستورية ، الامر الذي يعني ان كل هذا غير دستوري ، ونعتبر هذا انقلابا تاما حتى على مستوى الوثيقة الدستورية ليتغير جوهرها، الامر الذي يعني انها وثيقة اخرى تحكم لمصلحة الحلف الكبير الذي ذكرته سلفا.
# اعترضتم على الوثيقة الدستورية ووصفتموها بالمعيبة وفي نهاية المطاف باركتموها والتزمتم بوجودكم داخل الحرية والتغيير، لماذا لم تنسحبوا منذ ذاك الحين؟
لدينا دورة كاملة باللجنة المركزية واجريت فيها دراسة كاملة حول الوثيقة الدستورية وموادها، واعترضنا عليها ورفضنا التوقيع عليها وذكرنا ان هذه الوثيقة لديها مخاطرها على الديمقراطية وعلى الفترة الانتقالية وتمنح العسكر قوة تجعل الحكومة ليست لديها سمة المدنية بشكل صحيح، ولكن نحن كنا ممثلين بقوى الحرية والتغيير وقوى الاجماع الوطني وليس كحزب، والحرية والتغيير تنسيق مابين تحالفات، كنا نعمل ان يتم الاصلاح من داخل الحرية والتغيير اثناء المسار ولكن ماتم فعلا على ارض الواقع استحواذ العسكر على المهام التنفيذية لمصلحتهم كالعلاقات الخارجية وقضايا التمكين وملف السلام وكل جوانب الاقتصاد ومفاتيح الحياة واصبحوا هم يديرونها ويشرفون عليها ويخرقون الوثيقة الدستورية وهذا ماجعلنا ندرك ان الطريق الذي يسيرون عليه لن يحقق تطلعات الجماهير التي صنعت الثورة ،والحكومة سائرة في اتجاه تحقيق الهبوط الناعم الذي رفضناه وقاومناه منذ ان طرح بـ2012م.
# كيف تقرأ زيارة وفد إسرائيلي لمنظومة الصناعات الدفاعية دون أن يلتقي بمدنيين أو حتى عسكريي السيادة؟
واذا اردنا ان ننهض بالسودان ونعبر به بالضرورة يجب ان نعمل على قضية الديمقراطية واستدامتها لان هذا هو الحل لاستدامة استقرار البلاد، وفي المقابل السياسات الاقتصادية المعززة للاستقلال السياسي في 56 كان معزز باستقلال اقتصادي بمعنى ان نمتلك اقتصادنا ونكتفي ذاتيا ونتعاون مع الشعوب الاخرى ، وان لا نخضع لاملاءات القوى الخارجية بل ان نكون بملء ارادتنا ولا نرهنها للخارج وان نقود الاقتصاد في اتجاه مصلحة السودان، والذي يجري حالياً ديمقراطية لانتفاضة بعد انقلابات عسكرية، لقد غرقنا في الديون نتيجة سياسة الاملاءات ومازلنا نغرق ، وتستخدم هذه الديون كوسيلة ضغط علينا من اجل المواد الخام في سبيل تركيع شعبنا ، مايتم حاليا يؤكد ان هذه الحكومة لاتملك ارادتها، والتطبيع نفسه جاء نتاج لضغوط امريكية ودول اقليمية اخرى ، وتم زرع اسرائيل من القوى الاستعمارية لغاية ان تضع عينها وتهيمن على هذه المنطقة ومواردها ، واسرائيل تلعب دور العسكري الذي يحكم شعوبنا من الانتفاضة لايقاف حالة التحرر الدولية والاقليمية من ان تنتصر او يكون لها وجود ، ، ما تم تاكيد على ان السياسة الخارجية التي يتبعها السودان وتحت مظلة الحكومة والمكون العسكري يسير في اتجاه أن يكون مركز آخر لدى الدول الكبرى وأمريكا على وجه الخصوص، و تقوم أمريكا بحماية الحكومة لأنها تسير في ذات سياستها على أساس أن تخدم مصالحها.
حوار: هبة علي
صحيفة السوداني