الفاتح جبرا

وداعاً إمام الأنصار

( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ( 155 ) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ( 156 ) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ( 157 ) صدق الله العظيم .
نعى لنا الناعي وفاة الامام السيد الصادق المهدي متأثراً بذلك الداء اللعين (كوفيد١٩) والذي كأنه أرسل ليتخطف عظماء بلادي فاهتزت أركان السياسة ليس في السودان فحسب بل في دول العالم التي نعته رسمياً وساد الحزن والألم في عموم البلاد فقد نعته وبكته وشيعته الملايين من كل الأطياف السياسية وكل الفئات العمرية كباراً وصغاراً نساءً ورجالاً شيباً وشباباً إلى مثواه الاخير وودعته وداع مهيب سبقتهم دعواتهم له بالقبول وأعالي الجنان عند المولى عز وجل.
وبالرغم من خطورة الأوضاع الصحية إلا أن الكل قد ذهب لذلك الوداع يقوده قلبه فقط لا عقله في لحظة قد تكون من اتعس اللحظات التي يمكن ان تمر على أي وطن فموت زعيم بقامة الصادق المهدي خطب جلل وفقد عظيم بحق.
غير آبهين بما سوف يلحق بهم وبغيرهم من كارثة لا يعلم خطورتها الا الله وإن كنا نتمنى ان يكون وداعه في مثل هذه الظروف الحرجة يشبه فكره وفهمه في مراعاة السلوك الصحيح والاكتفاء بالدفن حسب الاحترازات الطبية المفروضة ولكن حصل ما حصل ونسأل الله اللطف بأهلنا البسطاء في هذا الوطن المكلوم دوماً.
هذا الرجل رقم لا يمكن تجاوزه مهما كان مستوى الاختلافات السياسية التي تنشأ بين ابناء الشعب السوداني ، زعيم سياسي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان سامية، أفنى كل عمره في العمل السياسي وواصل على درب آباءه وجدوده في بناء أكبر الأحزاب السياسية (حزب الأمة ) على مر تاريخ الأحزاب السياسية في السودان فقد عمل على تأسيس بنيانه الرصين بشكل متفق ومتسق ومتناغم في كل أطيافه ، زعيم أتت به كل الديمقراطيات التي مرت علينا ، مثقف من الطراز الأول ، نهم في كل ضروب العلم ، ألف العديد من الكتب في معظم مناح الحياة ، كتب في السياسة وفي التاريخ وفي البيئة وفي الشريعة وفي الاقتصاد وفي الرياضة وفي الفن وغيرها من ضروب المعارف والثقافة الأخرى ورفد المكتبات السودانية بل والعالمية بأجود وأميز المخطوطات فقد كان رحمه الله محنكاً لبقاً وخطيباً مفوها كرمته واحتفت به كل المحافل الدولية والاقليمية والمحلية، ترجل عن صهوة جواده وترك لنا فجوة لا يسدها الا هو لم يثنه المرض ولا كبر السن عن خوض المعارك السياسية في أشرس أحوالها فلم يضع سيفه قط حتى آخر لحظاته .
بوفاة الإمام الصادق سقطت راية خفاقة من الرايات السامقات في بلادنا تعلمنا منه كيف يكون أدب الاختلاف مع الغير فقد عرفناه مهذباً منضبطاً حتى عندما يواجه من قبل خصومه باقبح الألفاظ واحرج المواقف التي يمكن أن يمر بها انسان في حياته.
كان سهلاً هينا ليناً في رعاية شؤون الانصار على كثرتهم فهو اجتمعت له قيادتهم وقيادة أكبر الأحزاب السياسية السودانية عددا وهذا الأمر لم يأت صدفة أو من فراغ فهو المؤسس و المشرع والمنظم لشؤونهم و برغم اخفاقاته المتكررة في الحكم الديمقراطي وما شاب فترات حكمه من انتقادات واسعة انتهت بكوارث دفع ثمنها الشعب السوداني غالياً الا اننا لا ننكر له انه كان رافعاً لراية الديمقراطية ومدافعاً عنها وله رؤيته دائما في كل القضايا الوطنية وله خطه الخاص الذي سار عليه بدرية وحنكة واتقان وتفان اتفق معه من اتفق واختلف معه من اختلف.
تسامى عن الكثير وتجاوز بكل صبر وجلد ما لحق به من أذى وقد تطاول البعض عليه حتى وصل الأمر سمعته وأهل بيته فلم نسمع منه مجرد رد عليهم سار عابراً طريقه حتى نهايته ملتزماً بسلوك العظماء المترفعين عن الصغائر دوماً.
اللهم أرحمه رحمة واسعه وتقبله عندك القبول الحسن مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وجبر الله كسرنا فيه وعظم الله صبر أبناءه وآله وذويه ومحبيه وعموم اهل السودان فالفقد فقدهم جميعاً.
كسرة :
وداعاً إمام الأنصار ..
كسرات ثابتة :
• السيدة رئيس القضاء : حصل شنووو في قضية الشهيد الأستاذ أحمدالخير؟
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنوووووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووووووووووو؟
• أخبار ملف هيثرو شنوووووووووووووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)

***********

الفاتح جبرا – صحيفة الجريدة