عبد اللطيف البوني

الإخوة الزملاء الأعداء (4-4)

(1)
كل الذي وددت قوله في الحلقات السابقة أن (الشيوعيين) و(الإخوان) قد اصحبا الرقم الاكبر في الحركة السياسية السودانية وذلك بالسيطرة على النخبة الحديثة بعد انسحاب القوى التقليدية (ختمية – انصار) من كابينة القيادة وهذا لا يرجع لضخامة عدد الإخوان والشيوعيين انما لقدراتهما التنظيمية العالية اذ ظلا القاطرة التي تقود الآخرين ولو من وراء حجاب كما أن القوى الداخلية والاقليمية والدولية استعانت بهما على انفراد لضرب بعضهما البعض أو ضرب الآخرين. وقلنا إن الخلاف الايدلوجي بينهما قد اصبح في خبر كان ولكن التنظيم هو سبب بقائهما وسبب العداء بينهما فالتنظيم يقتات من الوقائع السياسية اليومية.
(2)
اها اليوم العلينا دا وصل الوضع بين الفريقين نقطة الصفر حيث أن الاستراتيجيات الدولية المتقاطعة فوق ارض السودان اتفقت على إبعادهما من قيادة الحراك السياسي في السودان وبالمقابل الوضع في السودان نفسه وصل نقطة الصفر من حيث تعقيد الاوضاع السياسية والتدهور الاقتصادي والوضع الامني الذي اصبح على كف القدر والرهان على العداء التاريخي بين الإخوان والشيوعية واحد من اهم معاول الهدم في يد اعداء السودان. من المؤكد أن بلاوي السودان الاخرى كثيرة ولكن انقسام النخبة من اكبر الثغرات فمخرج السودان من الوضع المزري الحالي يبدأ بإجماع اهل السودان وإجماع اهل السودان يبدأ بتوحيد النخبة واول عتبة في توحيد النخبة هو انهاء العداء بين الشيوعيين والإخوان وهذا قد يبدو مستحيلا لأول وهلة لأنه اصبح من المسلمات التاريخية ولكن لو دققنا النظر سوف نجد انه قائم على دعائم تنظيمية بحتة ليس بداخلها اي محتوى حقيقي.
(3)
رغم أن القيادات في الجانبين تستمد وجودها من الصراع القائم الا أن العشم فيها لم ينقطع لأنها لن تورث القيادة لأبنائها كما هو الحال في البناءات التقليدية لكن النداء الأكبر يجب أن يوجه للشباب في الفريقين فهم الأكثر تحررا من قيود الماضي والأكثر تطلعا للمستقبل، كسروا هذه التابوهات الموروثة وحطموا اصنام التنظيم واستمدوا توجهاتكم من الواقع وتحركوا صوب الوطن ومدوا ايديكم لأندادكم ابناء طبقتكم وضعوا أيديكم على ايديهم من اجل الوطن كل الوطن.
(4)
إن المؤامرة التي تتجمع سحبها فوق سماء السودان سوف تبدأ هطولها بدماء اهل السودان ونحن نضن بأي نقطة دم سودانية وبقدر دعوة شبابنا للتعاضد فإننا ندعوهم لدراسة موازين القوة فلا يرموا بأيديهم التهلكة، عليهم دراسة امكانياتهم وقدرات الخصم فالأمر قد يستدعي الانحناء للعاصفة، فصفقة القرن والتطبيع ورفع العقوبات بالابتزاز كلها نوازل من ابتدرها قد لا يتحكم في نهاياتها لأن موازين القوى قد تتغير في اي لحظة فلنكن نحن جزءا من هذا التغيير وهذا لن يتم إلا بالتعاضد والتضامن والتوحد وهنا لن يتم إلا بإزاحة اصنام التنظيمات القائمة على محتويات تجاوزها الزمن والواقع. ارفع راسك انت ود اليوم وليس ود الأمس والشرح الكثير قد يفسد المعنى ويجيب مشاكل كمان -انتهت السلسلة –.
تنويه مهم
ورد في الحلقة الثانية من هذه السلسلة اسم السيد بابكر النور، ولكن المقصود هو اسم السيد بابكر كرار فعذرا.

عبداللطيف البوني – صحيفة السوداني