رأي ومقالات

الهندي عزالدين: هل ستنجو (الجبهة الثورية) من الحريق ؟!

شهرٌ كاملٌ مضى على الموعد المضروب في جدول تنفيذ اتفاقية سلام جوبا ، لتعيين أعضاء مجلسي السيادة والوزراء ، قبل يوم 20 أكتوبر الماضي . (عشرة أيام بعد يوم التوقيع لإدراج الاتفاقية في الوثيقة الدستورية و أسبوع بعدها لتعيين ممثلي الجبهة الثورية في مؤسسات الحكم الانتقالي السيادية و التنفيذية) .
سلحفائية رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور “عبدالله حمدوك” و جنائزية تحالف قوى الحرية و التغيير (قحت) ، ستقضي على هذه الاتفاقية قبل البدء في تنفيذها ، كما قضوا سريعاً على كل أحلام الشعب الوردية .
لو انتظرت مكونات (الجبهة الثورية) الموقعة على اتفاقية السلام في الثالث من أكتوبر الماضي، أن تتوافق أحزاب (قحت) الباقية و المُجمِدة لنشاطها والمُنسحِبة ، على أسماء مرشحيها لعضوية مجلسي السيادة و الوزراء ، فستنتظر طويلاً ، فقد احتاجوا من قبل أربعة شهور ليتفقوا على “حمدوك” رئيساً للحكومة .. و ليتهم لم يتفقوا !!
هؤلاء – يا سادتي القادمون – قومٌ باهتون .. عابثون .. يهيمون في عوالم أخرى غير عوالم الشعب المصدوم ، إحساسهم بالزمن معدوم ، خياليون ولا يعملون .. هم بعض شعراء و متشاعرين .. يقولون ما لا يفعلون .. و يتبعهم الغاوون .
لن يشكلوا حكومةً ملء العين و قدر التحدي و بحجم المسؤولية ، فتجاربهم و خبراتهم في الخارج و الداخل (مكتبية) باردة .. و (صالونية) سفسطائية ، محصورة في المكاتبات و إرسال الايميلات .. و إهدار السنوات على الجدل العقيم و تدوير أدبيات الفكر القديم .
هؤلاء لن يبنوا وطناً ينتظره كثيرون .. لا .. بل سيخرِّبون ما وجدوا من عَمارٍ في هذا البلد الجميل ، ثم يرددون دون حياء دون أن يطرف لهم جفن (دا خراب تلاتين سنة)!! بينما واقع الحال يقول إن ما خرّبوه في سنةٍ واحدة .. يحتاج لثلاثين عاماً لإصلاحه من جديد .
إن التحدي الماثل اليوم أمام قوى السلام (الجبهة الثورية) هو كيفية انتشال الوطن من وهدة حكومة “حمدوك” ، و معالجة أخطائها الكارثية ، و نفخ الروح في مؤسسات الحكم الانتقالي ، و إحياء الأمل في نفوس أبناء و بنات الشعب السوداني بأن التغيير نحو الأفضل ممكن و ليس مستحيل ، وأن القادم أحلى بالهمة و التجرد و العمل ، لا بالتواكل و التناوم و (الوقفات) و (الصّبات) والأماني المرسلات .
أمام (الجبهة الثورية) مسؤولية كبرى في تحريك هذا الركود القاتل في الجهاز التنفيذي ، بتقديم كوادر وطنية على مستوى عال من الكفاءة و الفاعلية ، الأمانة و القومية لمقاعد الوزراء ، وهذه أهم من مقاعد عضوية مجلس السيادة ، فمجلس الوزراء هو مكان خدمة الشعب و تحقيق تطلعاته في العيش الكريم و توفير الأمن و تحقيق السلام .
عضو مجلس السيادة لن يحل مشكلة الخبز ، و ليس في مقدوره متابعة خطة زيادة انتاج النفط في حقول هجليج ، و ليس معنياً باستيراد بواخر البنزين والجازولين و الغاز ، و ليس من مهامه السهر على معالجة أزمات الكهرباء ، و محاربة تهريب الذهب و تنمية عائداته المقدرة بمليارات الدولارات التي تذهب لخزائن و حسابات أفراد و جماعات و عصابات محلية و أجنبية .
ولهذا ، ينبغي أن تدفع (الجبهة الثورية) بأقوى رجالها و أكثرهم قدرة و كفاءة للجهاز التنفيذي و ليس (التشريفي) في مجلس السيادة .
إما أن تكون قوى اتفاقية جوبا إضافة نوعية وطاقة إيجابية تضخ دماء حارة جديدة في شرايين الحكومة الانتقالية العاجزة ، أو تحترق (الجبهة الثورية) كما احترقت (قحت) في الشارع .. و تلاشت أكذوبة “حمدوك” في الأسافير ، تحت سمع و بصر السفير البريطاني و سفراء آخرين مِن دونه ، أخطأوا أيما خطأ في قراءة تعقيدات المشهد السياسي في السودان.
و القرار حين الحريق .. سيكون قرار الشعب .. لا السفراء المتوهمين .. وهو ذهاب الشعب (الفضل) إلى انتخابات حُرة مبكرة .. غير آبهٍ و لا مكترث لآجال الوثيقة الدستورية المُرقعة .. خمسين رقعة !!

الهندي عزالدين
المجهر

تعليق واحد