ومن التفاؤل ما قتل: هل يدرك باعة الإيجابية والتفاؤل الزائف بانهم يدينون للشعب باعتذار؟
بعد بضعة أشهر من تولي هذه الحكومة زمام الأمور ، بدأت في التحذير من أن سياساتها الاقتصادية لن تفضي إلا إلى كارثة.
بحلول شهر مايو ، أضفت أن الطريقة التي يدار بها الاقتصاد أسوأ من برنامج صندوق النقد الدولي لأنها تضيف حماقة الإنقاذ الِي وصفة الصندوق المجربة واضفت ان الإدارة هي الأسوأ في تاريخ السودان علي الاطلاق منذ عهد الخليفة عبدالله التعايشي.
راي البعض في ذلك مبالغة وغلو تشاؤم مسيس ولكن ما زعمناه في مايو أكد عليه مؤخرًا خبير من حزب الأمة عمل بالبنك الدولي وصندوق النقد , د. التجاني الطيب الذي وصف حال الاقتصاد الان بـان “ما يحدث الآن لم يحدث سنة ٦ عام المجاعة” التي روعت البلاد تحت حكم الخليفة التعايشي.
كثير من القوم لم يعجبهم ما كنت أكتب, بما في ذلك أصدقاء قدامي. رأي الكثير ما ذهبت اليه علي أنه مؤلم ، وهذا حكم معقول ولكن ما لم يره كارهو الألم هو ان المشكلة كانت في الواقع الذي خلقته الحكومة لا في محاولة شرحه وتفكيكه حتى يفهم المواطن ثم يقرر ماذا يفعل تجاهه عن بصيرة توقف قافلة السواقة بـالخلا.
ورأي غيرهم في التحذير المتكرر احباطا مثبطًا ، وهذه خفة وسوء قراءة جانبت الحق. لم يكن الهدف هو إضافة للبؤس المحيط رغم جواز ذلك لان ماركس اوصي بـان ” نجعل البـؤس اشد بـؤسًا بان نضيف اليه وعي البـؤس” حتى يتحرك الانسان المقهور لتغيير واقع قابل للتغيير.
كان هدف الكتابة هو إشعار الركاب بان دفارهم يتجه نحو هاوية مميتة وكان الغرض ايقاظهم للتدخل وإيقاف الدفار أو على الأقل مراقبة السائق وطاقم القيادة ومساءلتهم ان كانوا يدروا ما يفعلون.
علي الجانب الاخر فضل الكثيرون التأكيد علي ان السائق رائع وأن الرحلة تتجه الِي نهاية سعيدة (هابي اندنق). هؤلاء للأسف توزعوا بين من لم يكن على دراية كافية لتحليل الموقف وإصدار حكم صحيح وبين من كانف يكذب عن عمد. ولكن مهما كانت الدوافع، فإن نتيجة رسائلهم الإيجابية والمتفائلة هي نفسها: لقد خدعوا الشعب وارسلوه الِي حالة استرخاء وطمأنينة زائفة أثنته عن رؤية الحقيقة ، وهكذا وفروا للمرض الخبيث مزيدًا من الوقت ليترسخ ويتمدد.
إذا أصيب أحد بمرض شرير، فان إعلامه بأنه في قبضة مشكلة لا يعني نشر التشاؤم بـل هو حث واقعي علي البحث عن العلاج ناجم عن رغبة في تعافيه السريع.
علي الضفة الأخرى من يبيع للمريض الغافل وهم انه يبدو رائعًا ويسير في الاتجاه الصحيح ليس متفائلًا إيجابيًا ، فهو إما دعي جاهل وان تغطي بالشهادات أو كاذب عامد ، وفي كلتا الحالتين هو يدفع ويمكن للمرض المميت ان ينتشر بلا مقاومة.
الآن نري بأعيننا وجيوبنا نتائج التوجه الاقتصادي ويسهل التمييز بين الرسائل والتحليل.
هل يدرك باعة الإيجابية والتفاؤل الزائف بانهم يدينون للشعب باعتذار؟
د. معتصم أقرع
القحاتة شذاذ الآفاق لا يعتذرون انما يتعايشون مع الفشل. كانوا لم يكن.