بدون بنج!!
لم يخرج أي مسؤول من الحكومة حتى الٱن ليخبرنا عن المعالجات والتدابير التي ستتخذها الدولة لامتصاص تأثير الزيادات في الوقود على المواطنين أصحاب الدخل (المهدود)، ولم يحدثنا القائمون على الأمر عن أية إجراءات لاحقة للزيادات تخفف من تداعياتها الموجعة والمفجعة على الشرائح الضعيفة.
الواقع يقول إن الحكومة بهذا السلوك لا تستشعر ظروف المواطن ولا أوضاعه المعيشية، اتخذت قرار الزيادة دون اعتماد أية خطة لمعالجاتٍ تعين المواطن على قسوة فواتير الحياة التي لا ترحم قبل وبعد رفع الدعم المزعوم.
لم تطرح حكومة التغيير التي تدعي أنها مفوضة من الشعب والشارع أية بدائل، ولم تكلف نفسها عناء وضع المسكنات لوجع الصرف اليومي تحت وطأة الأسعار وجحيم الأسواق، اتخذت قرارها وتركت مواطنيها نهبًا للغلاء الطاحن ، ستصعب الحياة على كثيرين في مواجهة الفواتير الجديدة، الحكومة التي تترك مواطنها هكذا غير جديرة بالتقدير ، من تُرى يجنب المواطن مٱسيه اليومية ومعاناته في سبيل الحصول على العيش الكريم ، ولماذا يصبح الناس حكامًا إن كانوا غير قادرين على تخفيف مواجع مواطنيهم وتسهيل حصولهم على الحياة الكريمة.
تمنيت أن تتخذ الحكومة حزمة معالجات تخاطب ارتفاع أسعار السلع فور تطبيق الزيادة في الوقود، توقعنا غرفة متابعة يومية تتكون من الجهات ذات الصلة لتوفير الاحتياجات الضرورية وفقًا لتداببر تعصم المواطن من جحيم الأسعار الحارق، تمنينا ترتيبات محددة في قطاع النقل تتحسب للفوضى التي حدثت الٱن في تعرفة المواصلات، وقد وصلت في متوسطها الى أكثر من مائتي جنيه للراكب في الحافلات العامة، وليس الهايس او الامجاد او تطبيقات ترحال، سيحتاج المواطن في بعض المناطق النائية الى ٱلاف الجنيهات للوصول الى مقر عمله أو أداء واجب اجتماعي، انتظرنا حصرًا للشرائح الفقيرة وتخصيص دعم يتناسب مع الزيادة المضطردة في قيمة السلع الأساسية، كيف سيأكل الناس ويشربون في ظل تمدد الغلاء ومع اتساع دائرة الفقر؛ الذي ضرب السواد الأعظم من السودانيين في كل مكان، ترقبنا إجراءات للسيطرة على سوق العملة بالنسبة للجهات التي سمحت لها الدولة باستيراد الوقود ، من أين ستتحصل على الدولار الذي بدأ رحلة طيران جديدة لايعلم مداها إلا الله، تعشمنا في معالجات للمساهمة مع الموظفين والطلاب في بند الترحيل؛ الذي يلتهم ضعف دخل العامل او الموظف مهما كان، انتظرنا حملة رقابة على مصانع المنتجات الغذائية وكبح جماح الطمع والجشع؛ الذي وجد في زيادة اسعار الجازولين مبررات جديدة…
توقعنا الكثير ولكن حكومتنا التي حددت سعرًا خياليًا للوقود لا يهمها المواطن ولا تستشعر أية مسؤولية عنه.
مع زيادة أسعار الوقود كان يعلم ( راعي الضان في الخلا)، والتحية لرعاة بلادي، أن الأسواق ستزيد مع ارتفاع الدولار ومؤشرات التضخم، ورغم ذلك أقبلت حكومتنا على هذه الجراحة القاسية و( بدون بنج) للأسف.
ماحدث يمكن اختصاره في أن حكومة حمدوك رفعت كمامة الأكسجين من على مريض كان يحتضر في الأساس، وتركته مع صعود وهبوط أنفاسه الأخيرة والمتقطعة والنرهقة يواجه خطر الموت وحيدًا .
لن يدافع أحد.عن دعم السلع، فهو من مظاهر التشوه في الاقتصاد، ولكن فرضه بهذه الطريقة في ظل الظروف التي يعيشها السودان، فيه قسوة كبيرة وعدم استشعار لمعاناة الناس، فالدعم يرفع متى ما استقرت مؤشرات الاقتصاد إذ إن الجرح يرم الٱن على فساد وقيح لايجدي معه اجراء عمليات رفع الدعم هكذا وبدون تخدير، أو تحوط لمواجهة ٱثار العملية الجراحية القاسية.
كان الله في عون الشعب ، فالجوع يختبئ الٱن وراء كل الخيارات المحتملة، والأسى على الواقع المؤلم يتمدد في كل شوارع الأزمات والصفوف، وحكومتنا تحتفل بالتطبيع واستقبال وفود السلام الذي أخشى أن تكون استحقاقاته وراء ما يواجهه المواطن من معاناة..
محمد عبد القادر