تحقيقات وتقارير

التطبيع: هل يسير السودان على درب “الإذعان” لإسرائيل أم “الخروج” من العزلة؟

ناقشت صحف عربية إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن موافقة السودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وكذلك الإعلان عن أن خمس دول عربية أخرى على الأقل قد تقدم على خطى مشابهة.

وتزامن هذا الإعلان مع رفع ترامب اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، الأمر الذي أدى إلى رفع الحظر عن المساعدات الاقتصادية والاستثمار فيه.

وانتقد كتاب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، واصفين إقدامه على الاتفاق مع إسرائيل برعاية أمريكية بأنه محاولة “لإطالة عمر أنظمة القمع” العربية.

على الجانب الآخر، عبرت صحف عن ترحيب بعض الدول العربية بهذا الإعلان معتبرة إياه إنجازاً للسودان.

“الإذعان لإسرائيل”
تحت عنوان “السودان على درب الإذعان لإسرائيل”، يقول أسامة أبو أرشيد في “العربي الجديد” اللندنية: “صحيح أن النظام الحاكم في السودان جاء بعد ثورة شعبية، أطاحت نظام عمر حسن البشير العام الماضي، واضعة حداً لثلاثين سنة من تحكّمه في البلاد والعباد. ولكن نظام الحكم اليوم ليس ديمقراطياً، بل يسيطر عليه العسكر تحت لافتة “مجلس السيادة”. أما الحكومة فما هي إلا ديكور تجميل، حتى الولايات المتحدة والدول الغربية، التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية لا تطالب بتمكينها”.

ويضيف: “نحن لسنا أمام نظام غير ديمقراطي في السودان فحسب، جاء بعد ثورة شعبية، بل إننا أمام عصابة اختطفت ثورة وبلداً، وتجيّر كل شيء لمصالحها الخاصة. لو كانت عقود الإذعان والغرر مع إسرائيل تأتي بالسمن والعسل، لكان الأوْلى أن يشهد الحال في مصر والأردن على ذلك. لكن الحقيقة المُرَّةَ أن مثل تلك الاتفاقات لا تأتي بخير لشعوبنا، بل هي مصممة لإطالة أعمار أنظمة القمع. والسودان تحت حكم الفاسدين، كغيره من دول عربية أخرى”.

وتحت عنوان “تطبيع البرهان وليس تطبيع السودان”، تقول “العالم” الإيرانية: “الطرف السوداني الذي وقع على قرار التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو رئيس المجلس السيادي السوداني الانتقالي عبدالفتاح البرهان، ورئيس الحكومة السودانية الانتقالية عبدالله حمدوك، أي أن الرجلين لا يملكان تفويضاً للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، نظرا لتناقض ذلك مع المهمة المنوطة بهما، للأخذ بيد السودان للعبور من المرحلة الانتقالية، التي حددتها الوثيقة الدستورية لحكم الفترة الانتقالية بعد عزل الرئيس السوداني عمر البشير”.

وتضيف الجريدة: “يبدو أن العسكر في المجلس السيادي، استشعروا حاجة الرئيس الأمريكي الملحة لإنجاز، يسعفه في معركته الانتخابية التي دخلها دون إنجاز يذكر، فقرروا أن يضربوا عصفورين بحجر واحد من خلال التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، الأول إرضاء أسيادهم في دبي والرياض، والثاني الانقضاض مستقبلاً على الحكم وحذف شركاءهم من قوى إعلان الحرية والتغيير من المشهد السياسي، بدعم أمريكي ̕إسرائيلي̔ سعودي إماراتي”.

تحذير من رد فعل الشارع
تقول “الأخبار” اللبنانية: “بانتظار انضمام السعودية، الذي بات قاب قوسين يكون عقد التطبيع قد اكتمل، بما يرتضيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ̕إنجازاً̔ يخوض على أساسه ما تبقّى من أيام تسبق الانتخابات الرئاسية، في الثالث من تشرين الثاني / نوفمبر. ولكن حتى في حال تأخّر السعودية في القيام بهذه الخطوة، إلى ما بعد الانتخابات”.

وفي الجريدة نفسها، تحذر مي علي من رد فعل الشارع السوداني.

وتقول: “عاب مراقبون على الحكومة ضربها سياجاً من السرية، حول مسار التفاوض مع الجانب الإسرائيلي. برأيهم، هي تخشى من رد فعل الشارع، ولا سيما أنّ أسهمها لديه في حالة انخفاض. ولا يستبعد هؤلاء المراقبون، في الوقت ذاته، أن تؤدّي حالة عدم الشفافية في قضايا مصيرية مماثلة، إلى ازدياد الأصوات المناوئة للحكومة، وإن كانت غير معارضة لعملية التطبيع بحد ذاتها”.

رفض فلسطيني
وتقول “القدس” الفلسطينية في افتتاحيتها: “التعبير عن الرفض الفلسطيني على أهميته، عبر بيانات الشجب والاستنكار الصادرة عن القوى الفلسطينية، لا يكفي بالتأكيد لإحداث التغيير المطلوب، بل أن الجميع يقف اليوم أمام لحظة الحقيقة وسط أخطر المراحل التي تمر بها القضية منذ عقود”.

وتضيف الجريدة: “على الجميع أن يدرك أن الحالة الفلسطينية الراهنة، من استمرار الانقسام وعدم تجسيد وتطبيق ما أعلن عنه من اتفاقيات لإنهاء هذا الانقسام، ومن توحيد للجهود في مواجهة كل ما يستهدف القضية والحقوق الفلسطينية المشروعة، إنما يشجع استمرار مثل هذه التطورات الخطيرة، في ظل غياب صوت فلسطيني مدوٍ وموحد للعالم أجمع، بأن الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي، أو أن يكون مجرد مشاهد للمخاطر التي تهدد مستقبل أجياله وحقوقه المشروعة”.

ترحيب بعض الدول
على الجانب الآخر، أشادت “البيان” الإماراتية بالموقف السوداني.

وتقول في افتتاحيتها: “تطوي الحكومة السودانية صفحة عقود من مقاطعة المجتمع الدولي للبلاد، والتخلص من أثقل تركة من تركات النظام الماضي، بتوقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً قرار إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما يفتح الباب أمام هذا البلد لعودته المستحقة للمجتمع الدولي، والاندماج في المنظومة الدولية بعد العزلة التي فرضت عليه لمدة طويلة”.

وتتابع الجريدة: “هذا الإنجاز الجديد هو ثمار مجهود دبلوماسي كبير، بذلته السلطات في هذا البلد لإظهار حسن نيتها للولايات المتحدة من أجل رفع العقوبات، لأن ذلك مفتاح رئيسي لتحسين الاقتصاد”.

كما عبر موقع “مصراوي” عن ترحيب مصر، بإعلان الرئيس ترامب عن موافقة الخرطوم على إقامة علاقات مع السودان.

ونقل الموقع عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قوله: “أرحب بالجهود المشتركة للولايات المتحدة الأمريكية والسودان وإسرائيل، حول تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وأثمن كافة الجهود الهادفة لتحقيق الاستقرار والسلام الإقليميين”.

BBC