21 اكتوبر له ما بعده
يوم واحد يفصلنا عن ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة، وعن إحياء ذكراها، لأول مرة بشكل مختلف، حيث تواصلت الدعوات عبر الوسائط للخروج في مليونية رافضة لسياسة حكومة حمدوك وبطء أدائها في إنزال شعارات ثورة ديسمبر.
الجديد في الدعوة هذه المرة، هو إختطاف عناصر النظام المباد لهذه الدعوة وبث سمومهم عبرها، ومحاولات جرَ البلاد إلى الفوضى التي ظلوا يسعون إليها ما استطاعوا لذلك سبيلاً، في استمرار لمسلسل الخبث والمكر والتآمر على الدولة والرغبة المحمومة للعودة مرة أخرى للسلطة ولكن بشكل جديد.
بالتأكيد حمدوك وحكومته قدموا أسوأ أداء على الإطلاق واستحقوا المواكب المطالبة بتغيير طاقمه التنفيذي بعد أن عجز عن تلبية مطالب الشارع بعد أكثر من عام وأشهر من توليه مهامه وزيرا لمجلس الوزراء.
فالشعب لم يجد ما خرج للبحث عنه، لذا كان إعلانه عن مواكب جديدة في ذكرى 21 اكتوبر يعيد بها الأمور إلى نصابها ويصحح من خلالها مسار ثورته ورفض نهجها الكسول والمخجل.
فسياسات حكومة حمدوك غير المستقيمة فيما يخص معاش الناس، ونفاذ صبر المواطنين واستعجالهم للعدالة المفقودة وإستمرار تواجد كوادر النظام البائد داخل جميع مؤسسات الدولة، خاصة الشرطية والأمنية منها، كفيل بأن يؤدى ذلك إلى طوفان ثالث لن يصمد أمامه أحد.
الشعب السوداني عُرف عنه الصبر والقناعة، ولكن الحكومة لم تعمل على استغلال هذه الصفات بما يخدم سياساتها، ويبعدها عن شبح السقوط الذي بات يتهددها كثيراً.
فالمواطن كان سيكفيه مؤقتاً مع عنت ومشقة صفوف البنزين والخبز وانعدام الدواء وإرتفاع الأسعار، أن يرى أحد لصوص المال العام وهو يُساق لسجن، أو تتم محاكمته علنا محاكمة حقيقية وليس صورية.
كان من الممكن للشعب اللا يخرج صبيحة 21 اكتوبر لو لم تتباطأ الحكومة وحاضنتها السياسية في تشكيل المجلس التشريعي، وتشكيل مفوضيات مكافحة الفساد وفي حلحلة المشاكل اليومية المتعلقة بأمنه ومعاشه، وحال وجد أمواله المنهوبة وهي تُسترجع من اللصوص سواء أكانوا بالداخل او الخارج، وكان من الممكن جداً ان يغفر مماطلة لجنة التحقيق في مجزرة فضَ الإعتصام وما سبقها، او إيفاء الحكومة الإنتقالية بوعدها وهي تعيد قيادات النظام السابق ممن فروا هاربين عقب سقوط النظام، وتقديمهم لمحاكمات عاجلة وعلنية.
الشعب يريد أن يعرف مصير الأموال التي تحدث عنها السيد رئيس الوزراء ووزير ماليته السابق ووزيرة ماليته المكلفة ووعدوا بإعادتها لخزينة الدولة، فيما يختص بالشركات الأمنية والمؤسسات التي ظلت خارج النظام المالي للدولة ولا تخضع لولاية وزارة المالية، بجانب أرصدة رموز النظام السابق المجمدة، فهو يعلم تماما أنها كفيلة بحلحلة مشكلة السودان الاقتصادية ولو مؤقتاً أو لحين إيجاد معالجات جذرية تؤدي لإستقرار الوضع الاقتصادي بالسودان.
الشعب يبحث عن الأمان تحت رعاية وعناية أجهزته الشرطية والأمنية، وفي ظل وجود وزير داخلية هش، ومدير مخابرات من بقايا نظام المخلوع، وفي ظل عدم وجود رقابة ومحاسبة من المجلس التشريعي (المغيب) عن قصد، كان لابد للشارع أن يكسر حاجز الصمت الذي استمر لأكثر من عام، الحكومة وحاضنتها السياسية إن كانت جادة وحريصة في نزع فتيل الازمة ولإزالة حالة الإحتقان التي تزايدت بينها وبين الشارع، عليها بالشفافية فقط، فبغيرها لن تستطيع الحكومة أن تتقدم خطوة واحدة للأمام، فسلاح الإشاعة الفتَاك والتخوين والتشكيك بات هو المسيطر على الساحة السياسية، والشفافية هي الترياق الوحيد لهذا الداء.
وقبل ذلك نراهن جميعنا على وعي شباب الثورة من لجان المقاومة بقفل الباب أمام الدعوات المدسوسة بغرض إحداث الفوضى ثم إستيلاء العسكر الموالين لنظام الانقاذ وتكرار ذات سيناريو السياسي في مصر، الصحوة مطلوبة وحتما لهذا اليوم ما بعده من قرارات سيضعها الشعب السودان بنفسه وستطبقها حكومته كفرض عين.
الجريدة
هنادي الصديق